ويهم التعديل تقوية إشراك المرأة في مراكز القرار، وتمكينها من المشاركة الفعلية في إدارة الشأن العام للبلاد.
وأثير الخلاف حول القرار، منذ الإعداد للقانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء استعداداً للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014، ولم ينل مبدأ "قاعدة التناصف الأفقي والعمودي" بقبول من طرف أعضاء المجلس الوطني التأسيسي حينها.
ويرى مراقبون أن الضغط المتواصل من قبل مكونات المجتمع المدني العاملة بالشأن الانتخابي، ومنظمات حقوق المرأة، أعطا أكله، بعد جلسات استماع طويلة، خلال أشغال كلّ من لجنتي التشريع العام من جهة، ولجنة الحقوق والحريات والعلاقات مع الخارج من جهة ثانية.
في السياق، اعتبر معسكر ثان أن المصادقة على تعديل الفصل 49 "سلاح ذو حدين"، من شأنه أن يدعم مكانة المرأة في المشهد السياسي ويفرض تواجدها بأكبر تمثيلية ممكنة في المجالس المحلية من جهة، كما أنه يمكن أن يكون قاطرة لتعجيز بعض الأحزاب التي قد لا تتمكن من الانضباط لهذا المعطى، بالإضافة إلى إمكانية إسقاط القوائم الانتخابية التي لم تحترم الفصل 49 من القانون المنظم للعملية الانتخابية، أو إن صح قول عديد المحللين احترام قانون اللعبة.
من هذا المنطلق، قال القيادي في الجبهة الشعبية، زهير حمدي، لـ"العربي الجديد"، إن "المصادقة على مبدأ التناصف الأفقي والعمودي يُعدّ إجراء تقدمياً من شأنه أن يكفل المساواة بين الجنسين".
كما أضاف، أنه "من شأن هذا الإجراء، أن تكون له تداعيات وسلبيات". موضحاً أنه "قد يصعب على بعض الأحزاب أن تضمن العدد المناسب من النساء للترشح بما يمكن من انتخاب ما يقارب ثمانية آلاف مستشار بلدي".
وأضاف حمدي، أن "هذا الإجراء رغم دستوريته، من شأنه أن يعيق تشكيل القائمة الانتخابية بما يضمن التناصف الأفقي والعمودي، وبالتالي مثل هذه القرارات الكبيرة تبعث على التساؤل عن مدى توفر الإمكانيات والسبل الكفيلة بإنجاحها على أرض الواقع، ومدى تأثيره على العملية الانتخابية وتشكيل القوائم وحظوظ الأحزاب الصغيرة والمستقلين من الالتزام بتطبيق الفصل 49 المعدل".
ويذهب متتبعون، إلى اعتبار التعديل في "مصلحة الأحزاب الكبرى"، ذات الرصيد الانتخابي الكبير على غرار حركة النهضة، وحزب نداء تونس، وبقية مكونات الائتلاف الحاكم الحالي، وهي حزب آفاق تونس، والاتحاد الوطني الحر، وبدرجة أقل مكونات الجبهة الشعبية.
من جهته، اعتبر رئيس منظمة "عتيد لمراقبة الانتخابات" معز بوراوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "التقسيم البلدي الجديد، وعدد المترشحين المرتفع والمفروض بكل قائمة انتخابية، سيجعل من الصعب الالتزام بتطبيق هذا الشرط، خاصة بالنسبة للأحزاب الصغرى والمستقلين، بالرغم من دستوريته، وبالرغم من كونه من أبرز المطالب التي تم النضال من أجلها منذ الثورة بهدف تعزيز مكانة المرأة في الشأن السياسي".
إلى ذلك، يرى المحلل السياسي عبداللطيف الحناشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "مبدأ التناصف هو من المكاسب التي يجب أن تترسخ في المجتمع، وهو فرصة لتحفيز الأحزاب لتوسيع قاعدتها النسائية"، مضيفاً أنه "لا يجب أن ننسى أننا مازلنا في طور الديمقراطية الناشئة، وكل خطوة جديدة ستتطلب وقتاً حتى نرى نتائجها".
وتابع الحناشي، أن "واقع المجتمع التونسي الحالي وارتفاع نسبة الإناث مقارنة بالذكور، إلى جانب ارتفاع نسبة التمدرس في صفوف النساء، ومواقعهن في عدة مراكز وظيفية، عوامل من شأنها دعم مشاركتها السياسية، ودفعها إلى لعب دور أساسي في الحياة العامة".
وبيّن المتحدث ذاته، أنّ "إقرار مبدأ التناصف من شأنه أن يحفز الأحزاب على تفعيل دور المرأة وإعطائها الفرصة لممارسة حقوقها، خاصة أن حجمها في المجتمع في تزايد، وبالتالي من شأن هذا التناصف أن يحفّزها على المشاركة السياسية والمساهمة أكثر في الشأن العام، خاصة في إدارة السلطة المحلية والجهوية".