جدل إخراج القوات الأميركية يعود للعراق بالتزامن مع تشييع قتلى "حزب الله"

31 ديسمبر 2019
القوات الأميركية تقدم التدريب والإسناد (علي محمد/ الأناضول)
+ الخط -

أعاد القصف الأميركي على مواقع مليشيا "كتائب حزب الله"، العراقية في القائم مساء الأحد مجددا الجدل حول تواجد القوات الأميركية في العراق التي بدا أن عددها ارتفع عن العام الماضي بشكل واضح خاصة في مناطق شمال وغرب البلاد، بما فيها إقليم كردستان العراق الطرف الأقرب للولايات المتحدة في المعادلة العراقية اليوم.


فبعد أشهر على إغلاق الملف في البرلمان، إثر تقرير عسكري استخباري أكد حاجة القوات العراقية إلى بقاء القوات الأميركية في الوقت الراهن لأغراض الدعم والإسناد والتدريب، أعاد نواب البرلمان عن القوى السياسية الأكثر قربا من إيران طرح الملف.

وبدئت عملية جمع تواقيع النواب لإدراج فقرة القصف الأميركي على جدول أعمال المجلس، واستضافة القيادات العسكرية العراقية للحديث عن أبعاد وتداعيات حول القصف، بالوقت الذي كشف فيه قيادي بارز في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لمليشيا "الحشد الشعبي" في العراق، عن اجتماع من المقرر أن يعقد يوم غد لقيادات التحالف من أجل طرح مشروع قرار مراجعة الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الموقعة عام 2008، والنظر بموضوع الوجود الأميركي الحالي.

ووفقا للمصدر ذاته في حديث لـ"العربي الجديد"، فإن جلسة البرلمان المرجحة الخميس المقبل ستناقش الضربة الأميركية وستطرح جملة من الخطوات الواجب اتخاذها ردا على الهجوم.

وقالت بغداد مساء أمس الاثنين إن الضربات الجوية الأميركية ستدفعها إلى مراجعة العلاقة وسياقات العمل مع التحالف الدولي المناهض لتنظيم "داعش" بقيادة الولايات المتحدة المتمركز بالعراق.

ووصف مجلس الأمن الوطني العراقي في بيان له صدر بوقت متأخر مساء الاثنين الضربات الجوية الأميركية بأنها انتهاك للسيادة، مضيفاً أن القوات الأميركية اعتمدت على أولوياتها السياسية واستنتاجاتها الخاصة.
وقال المجلس إن حماية العراق ومعسكراته والقوات المتواجدة فيها مسؤولية قوات الأمن العراقية.

وارتفعت حصيلة الهجوم الأميركي على معسكر "كتائب حزب الله" إلى 30 قتيلا بعد وفاة اثنين آخرين متأثرين بجراحهما جراء الغارة فضلا عن عشرات الجرحى الآخرين، وانطلقت صباح الثلاثاء عمليات تشييع واسعة لقتلى الغارة في بغداد وذي قار وبابل والبصرة وواسط حيث تقع منازل القتلى هناك.

وقطعت قوات الأمن العراقية عدة طرق رئيسة في بغداد صباح اليوم الثلاثاء مع بدء تشييع جنازة القائد الميداني في المليشيا أبو علي الخزعلي، وسط شعارات تنديد واسعة وتهديد بالرد على القوات الأميركية في العراق.
وقال ضابط عراقي في قيادة عمليات بغداد لـ"العربي الجديد"، إن وزارة الدفاع أدخلت الجيش المتواجد قرب المصالح والمنشآت الأميركية في حالة تأهب لمنع أي اعتداء عليها، مؤكداً أن الأميركيين أبلغوا الجانب العراقي، بأن أي قصف آخر على مواقعهم سيكون الرد أكثر قوة وهو ما يخشى أن يتحول معه الوضع إلى مناوشات مستمرة قد تتطور إلى الأسوأ.

محاولة إلغاء وتعطيل الاتفاقية الموقعة بين البلدين منذ العام 2008، ليست الأولى من نوعها، إذ إنها تجددت مرات عدة، كلما تشنج الخطاب بين المليشيات وواشنطن، وكان آخرها في الأشهر السابقة، عقب قصف طائرات مسيرة مخازن تابعة لمليشيا "الحشد الشعبي" في عدد من المحافظات العراقية، على خلفية مخاوف أميركية من أن تقدم المليشيات على قصف القواعد الأميركية بالعراق بسبب التلويح بحرب بين واشنطن وطهران حينذاك.

وتعتبر جهات سياسية عراقية، مرتبطة بمليشيا "الحشد الشعبي" أن القصف الأميركي يتنافى مع الاتفاقية الأمنية الموقعة مع العراق، وقال حزب "حركة إرادة"، في بيان إن "القصف الأميركي لقوات الحشد الشعبي يتنافى مع مبدأ السيادة العراقية واحترام البلدان، كما يتنافى مع الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين".

ودعت "حركة إرادة"، جميع القوى الوطنية، إلى "رفض هذا السلوك الذي يستهدف مؤسسة خاضعة لأمر رئيس الحكومة".

فيما دعت كتلة "مستقلون" البرلمانية، إلى إلغاء الاتفاقية الأمنية، مؤكدة في بيان لها، أن "تواجد القوات الأميركية وعملياتها في أجوائنا تحكمه الاتفاقية الأمنية بين البلدين، والتي لا تجيز أي نشاط عسكري أو أمني بدون موافقة الحكومة العراقية، ولحماية أمن وسيادة العراق لا انتهاكها"، داعية الحكومة إلى "الطلب من الولايات المتحدة الالتزام ببنود الاتفاقية وبخلافه إعادة النظر بها وإلغائها إن لم توفر الحماية للعراق".

ويؤكد خبراء قانونيون، أن حكومة عبد المهدي الحالية لها القدرة على إلغاء الاتفاقية، وقال الخبير القانوني طارق حرب، في تدوينة له، إن "الاتفاقية أجازت لكل طرف (واشنطن وبغداد) الانسحاب منها بعد إبلاغ الطرف الآخر، بحكم القانون الذي أصدره البرلمان بالرقم 52 لسنة 2008، المتضمن المصادقة على الاتفاقية".


وأكد أنه "بإمكان العراق أن يخبر الولايات المتحدة برغبته بإنهاء الاتفاقية، وبعد سنة من هذا الإنذار تعتبر الاتفاقية ملغاة بموجب القانون الدولي الداخلي لأميركا والعراق، سيما وأن الاتفاقية أعطت لكل طرف الحق بالانسحاب بهذه المدة"، مشيرا إلى أن "انسحاب العراق يكون نافذا في حال صدر عن مجلس الوزراء، وأن يتم إخبار واشنطن بالطرق الرسمية".

المساهمون