"انتخبوا مرشّحكم".. "لا ترمي الأزبال هنا".. "باسم الدين سرقونا الحرامية".. "حاكم سكران ولا شيخ عدنان".. "تسقط البرشة وعاش الريال"... عبارات من بين عشرات تتكرر في مشهد مألوف في شوارع العراق، يخطّها شباب على الجدران وأسيجة البنايات والحواجز الإسمنتية التي تُعتمد في تأمين المناطق والدوائر الحكومية.
وتلك العبارات التي تتنوّع تكشف عن خلفية كاتبها، إن كان حزبياً أو عاشقاً أو غاضباً أو غير ذلك. كذلك تستوقف المارة، إذ تأتي مبتكرة غريبة، من قبيل "ما زالت على قيد العراق" و"روحي نخلة بتكريت تبكي على إلي فارقوها" و"وعود حبيبي مثل وعد الأميركان بعراق آمن مستقر".
أحمد سلمان (18 عاماً) من هؤلاء الشباب الذين يخطّون عبارات على الجدران، يقول إنّها "صارت كهواية". يقول إنّه يكتب كذلك على جذوع الأشجار، "ولي في متنزّه الزوراء - أكبر متنزّه في بغداد - عبارات عدّة حفرتها على جذوع الأشجار وأغصانها". بالنسبة إليه، فإنّ "أهمّ تلك العبارات ما حفرته على جذع شجرة بمناسبة عيد ميلاد حبيبتي. كتبتُ اسمَينا وأحطتهما بقلب كبير".
والكتابة على جدران البيوت والمؤسسات الحكومية والمدارس والحواجز الإسمنتية والأشجار ظاهرة قديمة متجددة في العراق. وفي حين تختلف الآراء حولها بين مؤيّد ومعارض، فإنّها تلفت الأنظار إليها. ومن بين العبارات ما يكون خادشاً للحياء، وبحسب أحمد العلي (45 عاماً) لا بدّ من محاسبة مرتكبيها. ويقول إنّه يستحي من أن "تقرأ ابنتي مثل تلك العبارات. ثمّة من لا يخجل ويكتب كلاماً فيه إيحاءات جنسية". يضيف العلي أنّ ذلك النوع من العبارات "دخيل على مجتمعنا. قبل غزو البلاد في عام 2003، لم تكن مثل هذه العبارات تُكتب في الشوارع، على الرغم من أنّ ظاهرة الكتابة تلك قديمة". ويعزو سبب ظهورها إلى "ضعف الرقابة وانفلات الأمن. فهي تشير إلى قلّة الوعي وانخفاض مستوى ثقافة المجتمع".
من جهتها، تؤيّد أروى الماجدي رأي العلي، مؤكدة على "أهميّة معالجة هذه الظاهرة". تضيف، وهي موظفة في قطاع الاتصالات الحكومي، أنّ "الكتابة العشوائية على الجدران وفي الأماكن العامة فاقت حدود المعقول، وانتهكت الذوق العام وتطفّلت على الخصوصيات بطريقة مستفزة". وتشير إلى "حمامات النساء في الأماكن العامة التي تُكتَب في داخلها أرقام هواتف وألفاظ نابية". تضيف أنّ "هذه الظاهرة اليوم لا تقتصر على الجدران في الشوارع العامة"، لافتة إلى أنّها "تعكس صورة سلبية عن مجتمعنا لا يمكن السكوت عليها".
اقــرأ أيضاً
الممتعضون من تلك العبارات يؤكد كثيرون منهم أنّها تسيء إلى الآخرين، ثمّة آخرون لهم رأي مخالف. سعد نايف (49 عاماً) على سبيل المثال، يبدي إعجابه بذلك، مشيراً إلى أنّ في عبارة "احبج سميرة" دلالة على "الكبت والحرمان وعدم تمكّن كاتبها من الوصول الى حبيبته. فأعلن بالتالي عن مشاعره بالكتابة على الجدار". ويرى نايف أنّ "ثمّة كثيرين من الذين يكتبون على الجدران، مبدعون، ولا بدّ من فتح المجالات الفنية لهم".
فالكتابات التي تنتشر في الشوارع لا تقتصر على رغبات الشباب ومشاعرهم، بل تتعدّى ذلك لتمجّد شخصيات سياسية وتعبّر عن توجّهات سياسية حزبية وغيرها. ولتلك الكتابات مدافعون عنها، يصرّون على وجوب وصولها إلى جميع الناس، والسبب بحسب ما يقول ناشط من ضمن مجموعة شبابية تدعو إلى دعم أحد السياسيين، تحفّظ على ذكر اسمه، إنّها "جزء من العمل الترويجي المعبّر عن الديمقراطية. وهذا مؤشّر صحي كنّا نفتقده في السابق".
ويقول محمد الخفاجي إنّ "الترويج فنّ دعائي مسموح به ولا يخرج عن سياق التعبير عن حرية الرأي الذي كفله الدستور العراقي"، مشيراً إلى مجموعة شعارات شارك في نشرها في مواقع عامة تدعو إلى دعم السياسي الذي يعمل لصالحه. ويرى الخفاجي أنّها "لا تؤثّر على الذوق العام".
إلى ذلك، تنتشر عبارات طائفية تستغل من خلالها جهات سياسية ولاء الناس لشخصيات إسلامية من أجل كسبهم لصالحها. وهو ما يشير إليه الناشط المدني سعد العبيدي الذي يشارك باستمرار في تظاهرات تدعو إلى محاسبة الفاسدين واعتماد الأكفاء في المناصب. يضيف: "نرى تلك الشعارات في كل مكان، على الجدران الإسمنتية وجدران المدارس والمباني الحكومية وغيرها".
وتعبّر نجاة عبد الحسن التي قتل ولدها في معركة تحرير الأنبار من تنظيم "داعش" مطلع عام 2016، عن غضبها حين ترى "صور القادة السياسيين تملأ الشوارع وكذلك العبارات المؤيّدة لهم ولأحزابهم والتي تنتشر هنا وهناك". فهي تتهم الأحزاب الحاكمة وكبار القادة السياسيين بمقتل ولدها وغيره من الجنود في المعارك ضدّ "داعش".
وتشير في حديثها لـ"العربي الجديد" إلى أنها تزداد، وبينت أن "هؤلاء ينفقون أموال البلد لمنافعهم ومنافع أحزابهم، وكل هذا على حساب الناس البسطاء. لقد قتل وما زال عشرات الآلاف من الجنود بسبب أهوائهم".
في السياق، تقول الباحثة الاجتماعية أميمة العبيدي إنّ "الكتابة على الجدران تفريغ لما في داخل الشخص بطريقة عفوية وحقيقية". وتوضح أنّ "الكبت النفسي وعدم توفّر فرص العمل للشباب والحرمان والفشل وعقدة النقص تدفع بالأشخاص إلى مثل هذا السلوك". وتلفت العبيدي إلى أنّ "في بعض هذه الكتابات ما يعبّر عن سلوك جيّد، وعلينا تشجيعه. فثمّة عبارات جاذبة وغير مسيئة وفي أماكن مناسبة. مثال على ذلك عندما يحوّل أشخاص الجدران الإسمنتية العازلة إلى لوحات فنية، من خلال الرسم عليها أو خطّ عبارات جميلة".
اقــرأ أيضاً
وتلك العبارات التي تتنوّع تكشف عن خلفية كاتبها، إن كان حزبياً أو عاشقاً أو غاضباً أو غير ذلك. كذلك تستوقف المارة، إذ تأتي مبتكرة غريبة، من قبيل "ما زالت على قيد العراق" و"روحي نخلة بتكريت تبكي على إلي فارقوها" و"وعود حبيبي مثل وعد الأميركان بعراق آمن مستقر".
أحمد سلمان (18 عاماً) من هؤلاء الشباب الذين يخطّون عبارات على الجدران، يقول إنّها "صارت كهواية". يقول إنّه يكتب كذلك على جذوع الأشجار، "ولي في متنزّه الزوراء - أكبر متنزّه في بغداد - عبارات عدّة حفرتها على جذوع الأشجار وأغصانها". بالنسبة إليه، فإنّ "أهمّ تلك العبارات ما حفرته على جذع شجرة بمناسبة عيد ميلاد حبيبتي. كتبتُ اسمَينا وأحطتهما بقلب كبير".
والكتابة على جدران البيوت والمؤسسات الحكومية والمدارس والحواجز الإسمنتية والأشجار ظاهرة قديمة متجددة في العراق. وفي حين تختلف الآراء حولها بين مؤيّد ومعارض، فإنّها تلفت الأنظار إليها. ومن بين العبارات ما يكون خادشاً للحياء، وبحسب أحمد العلي (45 عاماً) لا بدّ من محاسبة مرتكبيها. ويقول إنّه يستحي من أن "تقرأ ابنتي مثل تلك العبارات. ثمّة من لا يخجل ويكتب كلاماً فيه إيحاءات جنسية". يضيف العلي أنّ ذلك النوع من العبارات "دخيل على مجتمعنا. قبل غزو البلاد في عام 2003، لم تكن مثل هذه العبارات تُكتب في الشوارع، على الرغم من أنّ ظاهرة الكتابة تلك قديمة". ويعزو سبب ظهورها إلى "ضعف الرقابة وانفلات الأمن. فهي تشير إلى قلّة الوعي وانخفاض مستوى ثقافة المجتمع".
من جهتها، تؤيّد أروى الماجدي رأي العلي، مؤكدة على "أهميّة معالجة هذه الظاهرة". تضيف، وهي موظفة في قطاع الاتصالات الحكومي، أنّ "الكتابة العشوائية على الجدران وفي الأماكن العامة فاقت حدود المعقول، وانتهكت الذوق العام وتطفّلت على الخصوصيات بطريقة مستفزة". وتشير إلى "حمامات النساء في الأماكن العامة التي تُكتَب في داخلها أرقام هواتف وألفاظ نابية". تضيف أنّ "هذه الظاهرة اليوم لا تقتصر على الجدران في الشوارع العامة"، لافتة إلى أنّها "تعكس صورة سلبية عن مجتمعنا لا يمكن السكوت عليها".
فالكتابات التي تنتشر في الشوارع لا تقتصر على رغبات الشباب ومشاعرهم، بل تتعدّى ذلك لتمجّد شخصيات سياسية وتعبّر عن توجّهات سياسية حزبية وغيرها. ولتلك الكتابات مدافعون عنها، يصرّون على وجوب وصولها إلى جميع الناس، والسبب بحسب ما يقول ناشط من ضمن مجموعة شبابية تدعو إلى دعم أحد السياسيين، تحفّظ على ذكر اسمه، إنّها "جزء من العمل الترويجي المعبّر عن الديمقراطية. وهذا مؤشّر صحي كنّا نفتقده في السابق".
ويقول محمد الخفاجي إنّ "الترويج فنّ دعائي مسموح به ولا يخرج عن سياق التعبير عن حرية الرأي الذي كفله الدستور العراقي"، مشيراً إلى مجموعة شعارات شارك في نشرها في مواقع عامة تدعو إلى دعم السياسي الذي يعمل لصالحه. ويرى الخفاجي أنّها "لا تؤثّر على الذوق العام".
إلى ذلك، تنتشر عبارات طائفية تستغل من خلالها جهات سياسية ولاء الناس لشخصيات إسلامية من أجل كسبهم لصالحها. وهو ما يشير إليه الناشط المدني سعد العبيدي الذي يشارك باستمرار في تظاهرات تدعو إلى محاسبة الفاسدين واعتماد الأكفاء في المناصب. يضيف: "نرى تلك الشعارات في كل مكان، على الجدران الإسمنتية وجدران المدارس والمباني الحكومية وغيرها".
وتعبّر نجاة عبد الحسن التي قتل ولدها في معركة تحرير الأنبار من تنظيم "داعش" مطلع عام 2016، عن غضبها حين ترى "صور القادة السياسيين تملأ الشوارع وكذلك العبارات المؤيّدة لهم ولأحزابهم والتي تنتشر هنا وهناك". فهي تتهم الأحزاب الحاكمة وكبار القادة السياسيين بمقتل ولدها وغيره من الجنود في المعارك ضدّ "داعش".
وتشير في حديثها لـ"العربي الجديد" إلى أنها تزداد، وبينت أن "هؤلاء ينفقون أموال البلد لمنافعهم ومنافع أحزابهم، وكل هذا على حساب الناس البسطاء. لقد قتل وما زال عشرات الآلاف من الجنود بسبب أهوائهم".
في السياق، تقول الباحثة الاجتماعية أميمة العبيدي إنّ "الكتابة على الجدران تفريغ لما في داخل الشخص بطريقة عفوية وحقيقية". وتوضح أنّ "الكبت النفسي وعدم توفّر فرص العمل للشباب والحرمان والفشل وعقدة النقص تدفع بالأشخاص إلى مثل هذا السلوك". وتلفت العبيدي إلى أنّ "في بعض هذه الكتابات ما يعبّر عن سلوك جيّد، وعلينا تشجيعه. فثمّة عبارات جاذبة وغير مسيئة وفي أماكن مناسبة. مثال على ذلك عندما يحوّل أشخاص الجدران الإسمنتية العازلة إلى لوحات فنية، من خلال الرسم عليها أو خطّ عبارات جميلة".