جدران "إسرائيل" ووعد الآخرة

24 سبتمبر 2015
+ الخط -
في وقت تفتح فيه أوروبا أبوابها أمام طوابير اللاجئين، تقوم إسرائيل ببناء مزيد من الجدران، خوفاً من تدفق اللاجئين عبر الحدود، الأمر الذي ينذر بإنهاء فقاعة الكيان العبري الذي يفتقر إلى أي عمق جغرافي أو ديمغرافي.
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الحرب موشيه يعلون وضعا، أخيراً، حجر الأساس لبناء جدار جديد وحديث على الحدود مع الأردن التي بشر النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، أن تحرير فلسطين سيكون عبرها، فهل سيوقف الجدار الأقدار؟
قد ينجح الجدار الذي سيبدأ من إيلات شمالاً إلى البحر الميت جنوباً نوعا ما في الحد من التسلل الفردي عبر الحدود، لكن أقوى الجدران لن تستطيع منع اكتساح شعبي للحدود، وإلا لصمد جدار برلين الخراساني المسلح.
يأتي بناء الجدار على الحدود مع الأردن، بعد الانتهاء من بناء الجدار على الحدود مع مصر. وللمفارقة، تبني إسرائيل جدراناً أقوى مع حلفاء تربطهم بها اتفاقات سلام وتعاون أمني غير مسبوق، الأمر الذي يعكس هشاشة هذه الاتفاقات، أو عدم ثقة إسرائيل بمستقبل حلفاء قد تطيحهم الفوضى التي تهز المنطقة في أي وقت.
جدار طوله 30كلم وتكلفته 300 مليون شيكل على الحدود الشرقية للكيان، سينتهي العمل به بعد نحو ثمانية أشهر، فهل سيمنع دخول مقاتلين يمتشقون الموت قسماً على أرض فلسطين؟ أم أنه محاولة بهلوانية لبث الطمأنينة في نفوس الصهاينة المرتجفين خوفاً من أن تجتاحهم أرتال الجهاديين الذين ألغو الحدود بين سورية والعراق، ويوشكون على إلغائها بين سورية والأردن، استعدادا لإلغائها بين الأردن وفلسطين.
تأبى إسرائيل إلا أن تحقق آيات الرحمن فيها "لا يقاتلونكم إلا من وراء جدر"، وها هي ستنفق نحو 300 مليار شيكل على بناء جدار على حدودها الشرقية مع الأردن، على الرغم من عدم وجود تمويل لذلك حتى الآن، بزعم حماية المطار الذي ستبنيه في منطقة "تمناع" على حدود الأردن.
الجدار مع الأردن الذي تبنيه إسرائيل، انطلاقا من رؤية توراتية جدار أمني، لكن باطنه سياسي بامتياز، لأنه يمثل ترسيماً لحالة الحدود مع الأردن، ويمثل، في الوقت نفسه، خطراً داهماً لأنه يستهدف تهويد منطقة الأغوار التي تشكل البعد الاستراتيجي للوجود الفلسطيني وعمقه الحيوي في الضفة المحتلة، كما يمثل الخزان المائي والاقتصادي والبوابة الوحيدة للاتصال مع المشرق العربي.
الجدار الذي يمثل ضم منطقة الأغوار بالكامل، يعني، من ناحية أخرى، مصادرة آخر أمل بقيام دولة فلسطينية. على الرغم من ذلك، نشهد صمتا فلسطينيا مريباً، وصمتا أردنياً متواطئا، لا يقل عن عجزها في ملف المسجد الأقصى الذي تحتكر الولاية عليه، فيما يقوم الاحتلال بتقسيمه زمانياً ومكانياً أمام أعينها، ويفوز العدو بالأقصى، فيما هي تكتفي بإشباعه شتماً.
وعلى الجانب الآخر، تقوم مصر العروبة بمكافأة "إسرائيل" على تقسيمها المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بإعادة السفير المصري إلى تل ابيب، في ظل صمت مخجل من جامعة الدول العربية، التي صمتت قبل ذلك عن حصار رئيس فلسطين الراحل، ياسر عرفات، في المقاطعة ثلاث سنوات، قبل أن ترفع الغطاء عنه لاغتياله، وكما صمت الجميع عن ذبح الشعب الفلسطيني في غزة في ثلاث حروب دامية.
تجتهد إسرائيل في رفع الجدران حول حدودها، ومصر العروبة تغرق الحدود مع غزة بمياه البحر، لتصبح غزة مطوقة من الغرب والجنوب بالبحر ومياهه، بينما تبقى الحدود الشرقية والشمالية مع العدو الصهيوني مفتوحة، لأروع العمليات البطولية التي فضحت جبن الجندي الصهيوني، وفضحت هشاشة الجيش الذي تم قهره من نقطة صفر.
بينما يركب السوريون وغيرهم البحر باتجاه أوروبا طمعا في حياة أفضل، يركب المقاومون في غزة صهوة البطولة، ليصنعوا لشعبنا الحياة بالعودة المرتقبة إلى الوطن السليب.

7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)