جامعة الأزهر في غزة تستجيب لطلابها بعد الاحتجاج

05 ابريل 2018
في جامعة الأزهر في غزة (محمد الحجار)
+ الخط -

طلاب جامعة الأزهر في غزة، وبعد طول انتظار وتعرّضهم لاعتداءات من قبل الأمن بناءً على طلب إدارة جامعتهم، نجحوا أخيراً في جعل الإدارة تخضع لمطالبهم ومطالب الأطر الطلابية في ما يتعلّق بمراعاة الظروف الاقتصادية السيئة التي تؤثّر على دفع هؤلاء رسومهم الجامعية. وصار بالتالي في إمكان المحتاجين من الطلاب اللجوء إلى آلية تتيح لهم تسديد تكلفة عدد قليل من الساعات الدراسية ليتمكنوا من دخول قاعات الامتحانات.

وكانت جامعة الأزهر في غزة قد منعت قسماً من الطلاب من الخضوع إلى امتحاناتهم النصفية، لأنّهم عجزوا عن تسديد رسوم الدراسة، الأمر الذي دفعهم إلى الاحتجاج. واليوم، بحسب الاتفاق، سوف يصار إلى إعادة الاختبارات النصفية لجميع الطلاب الذين سبق واحتجوا. وفي السياق، عبّر طلاب عن أملهم في أن تلتزم إدارة الجامعة بموقفها طالما أنّ الأزمة الاقتصادية مستمرة في قطاع غزة، تلك المرتبطة برواتب موظفي السلطة الفلسطينية وموظفي حكومة غزة السابقة.

والاتفاق الذي توصّلت إليه إدارة الجامعة مع الأطر الطلابية يقضي بأن تفتح دائرة القبول والتسجيل في الجامعة للطلاب غير القادرين على تسديد رسومهم الجامعية لهذا الفصل بدفع قيمة 3 ساعات دراسية فقط، وتفعيل البحث حول وضع الطلاب الاجتماعي خلال الفصول القادمة إذا استمر الوضع على حاله، وتقسيم الطلاب إلى أربع فئات حسب الحالات الاجتماعية.



وبحسب الاتفاق، فإنّ إدارة الجامعة تصنّف الطلاب إلى فئات: الفئة الأولى هي فئة "تحت خط الفقر" ويُسمح للطالب بتسديد الرسوم الجامعية الأساسية فقط، مثل رسم حجز المقعد بالإضافة إلى مبلغ 40 ديناراً أردنياً (نحو 56 دولاراً أميركياً). أمّا الفئة الثانية فهي فئة "الفقير"، ويُسمح للطالب بتسديد رسوم ثلاث ساعات دراسية جامعية. في الفئة الثالثة، وهي فئة "المتوسط"، يُسمح للطالب بتسديد رسوم ست ساعات دراسية فقط في الفصل الواحد. وفي الفئة الرابعة، وهي فئة "الطالب المقتدر"، يخضع ذلك الطالب إلى الشروط الطبيعية لإدارة الجامعة، ويسدد رسوم تسع ساعات دراسية وما فوق.

في السياق، يقول ممثل الأطر الطلابية في جامعة الأزهر في غزة، بلال الشيخ خليل، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الاتفاق يأتي تحت شرط تقييم حالة الطالب من خلال الوثائق المالية والمصرفية لوليّ أمره وحالة أسرته الاجتماعية. أمّا الشرط الأساسي في الاتفاق، فهو عدم حرمان أيّ طالب من الامتحانات، ومحاولة مراعاة ظروفه كلها تحت أيّ ظرف كان". يضيف الشيخ خليل أنّ "مباحثات طويلة جرت بين إدارة الجامعة والأطر الطلابية، تبيّن خلالها أنّ الجامعة تشهد أزمة مالية لقلة العوائد المالية من رسوم الطلاب وتوقف بعض المشاريع الإصلاحية. واستطعنا تلبية بعض مطالب الطلاب".



وأمس الأربعاء، في الرابع من إبريل/نيسان، فتحت الجامعة باب التسجيل أمام الطلاب غير المقتدرين، بما يتوافق مع الاتفاق المذكور. هذا ما يؤكده المسؤول الأكاديمي عن شؤون الطلاب في الجامعة، سامي مصلح، لـ "العربي الجديد". ويقول إنّ "أكثر من أربعة آلاف طالب منقطعون عن الدراسة بسبب أوضاعهم المالية، وقد عمدنا بعد الاتفاق إلى إرسال رسائل إليهم، في محاولة لاستقطابهم واستمرار العملية التعليمية. وقد جرى تفهّم الوضع الاقتصادي، على الرغم من أنّ الجامعة تمر بأزمة مالية صعبة".

ويشير مصلح إلى أنّ "جامعة الأزهر، مثل غيرها من المؤسسات التعليمية، تأثرت بالظروف الاقتصادية الصعبة التي يشهدها القطاع. وبرامج كثيرة خاصة بالعلاوات المالية والمعيشية والصحية لموظفيها الموزّعين على 12 كلية وثلاث دوائر تنظيمية وستة مراكز علمية، متوقفة اليوم بسبب ظروف الطلاب وقلة المداخيل المالية للجامعة".

منى أبو صالح، على سبيل المثال، تستطيع في ضوء هذا الاتفاق التسجيل للفصل الدراسي، وتسديد ثمن ثلاث ساعات فقط بقيمة 54 ديناراً أردنياً (نحو 76 دولاراً). تخبر "العربي الجديد" أنّ "والدي استدان المبلغ المطلوب لألتحق بالفصل الدراسي، على الرغم من أنّه بدأ قبل شهرين". ولا تخفي أبو صالح سعادتها لأنّها عادت إلى جامعتها، وتحاول تعويض الدروس التي فاتتها. وتقول إنّه "للمرة الأولى وقف والدي عاجزاً. من جهتي، صرت قلقة لأنّني أدرس في كلية الإدارة باللغة الإنجليزية وأتغيّب عن محاضرات مهمة. لكنّني سوف أبدأ بالبحث عن عمل حتى لا أعاني في الفصول المقبلة".


إلى ذلك، يتخوّف طلاب كثيرون من عدم استمرار هذا الاتفاق لفصول أخرى، ومنهم أحمد الكومي الذي يتابع دراسته في كلية المهن الطبية. يقول لـ "العربي الجديد" إنّ "جامعات فلسطينية أخرى كانت لها مواقف غير مهنية، خلال العامَين الأخيرَين، وقد تحوّلت إلى مشاريع استثمارية أكثر ممّا هي تعليمية". يضيف أنّ "الخطوة جيّدة، لكنّنا كطلاب نعلم جميعاً أنّ الجامعات في بعض الأحيان تجبرنا على تدبير الرسوم في أوقات صعبة. وهذا ما يجعل الطالب في حالة قلق، فيفقد قدرته على التركيز على الدراسة ويبدأ بالبحث عن وسيلة لتحصيل المال، بهدف إنقاذ مستقبله التعليمي. أولياء أمورنا لا يقدرون على تحصيل إلا تكلفة المأكل".
المساهمون