جامعات مصر... رسوم القطاع الخاص تواصل الارتفاع

20 اغسطس 2020
لن يتمكن كثيرون من تحقيق رغبتهم بالاختصاص المأمول (إسلام صفوت/ Getty)
+ الخط -

صدمة كبيرة يعيشها آلاف الطلاب وأولياء الأمور في مصر، بعد الإعلان مؤخراً عن الرسوم المتزايدة بشكل كبير في الجامعات الخاصة، وذلك بعد ارتفاع الحد الأدنى المطلوب للدخول إلى الجامعات الحكومية، ولا سيما في "كليات القمة" 

يضطر بعض الطلاب للجوء إلى الجامعات الخاصة في مصر بعد ارتفاع المعدل المطلوب للدخول إلى الجامعات الحكومية بشكل كبير، ففي كلية الطب وهي الأعلى من بين "كليات القمة" يصل المعدل المطلوب في امتحانات الثانوية العامة إلى 98.5 في المائة، قبل بدء مرحلة التنسيق، أي دراسة الملف وما في المرحلة من متطلبات تتضمن في بعض الكليات اختبار قدرات. وفي المقابل، يعتبر البعض أنّ رسوم الجامعات الخاصة المرتفعة جداً تطيح بمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، بعدما فشلوا في الالتحاق بالاختصاصات التي يرغبون بها في الجامعات الحكومية.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

بالحديث عن "كليات القمة" تلك وغيرها من الكليات، فإنّ المعدل المطلوب للقبول فيها هو 98.5 في المائة للطب، و97.9 في المائة لطب الفم والأسنان، و96.9 في المائة للعلاج الطبيعي، و97.4 في المائة للصيدلة، و96.5 في المائة للطب البيطري، و94.2 في المائة للهندسة، و98.4 في المائة لهندسة البترول، و91.6 في المائة للكومبيوتر والمعلومات، و95.8 في المائة للاقتصاد والعلوم السياسية، و94.7 في المائة للإعلام، و93.6 في المائة للألسن، و87.4 في المائة للتربية، و86.2 في المائة للتجارة. كذلك، أعلن المجلس الأعلى للجامعات الخاصة أنّ المعدل المطلوب هذا العام هو 95 في المائة للطب البشري، و90 في المائة لكليات طب الأسنان والصيدلة والعلاج الطبيعي، و80 في المائة لكلية الهندسة، و70 في المائة لكليات الفنون التطبيقية وعلوم الكومبيوتر، و60 في المائة لكليات الإعلام واللغات والترجمة والاقتصاد والعلوم السياسية، و55 في المائة لبقية كليات القطاع الخاص.
وتتراوح رسوم كليات الطب في الجامعات الخاصة بما بين 90 ألف جنيه (5638 دولاراً) للسنة الواحدة و180 ألفاً (11.278 دولاراً)، وطب الأسنان بين 85 ألف جنيه (5325 دولاراً) و180 ألفاً (11.278 دولاراً)، والصيدلة بين 65 ألف جنيه (4072 دولاراً) و105 آلاف (6578 دولاراً)، والعلاج الطبيعي بين 45 ألف جنيه (2819 دولاراً) و70 ألفاً (4386 دولاراً)، والهندسة بين 55 ألف جنيه (3446 دولاراً) و125 ألفاً (7832 دولاراً)، والإعلام بين 40 ألف جنيه (2506 دولارات) و114 ألفاً (7142 دولاراً)، وعلوم الكومبيوتر بين 30 ألف جنيه (1880 دولاراً) و97 ألفاً (6077 دولاراً)، بالإضافة إلى عدد من الكليات الأخرى، فضلاً عن الرسوم الإدارية المنفصلة التي تتراوح بين 8 آلاف جنيه (501 دولار) و10 آلاف (627 دولاراً).
وتواجه الجامعات الخاصة في مصر اتهامات بالتربح، مقابل عدم الاهتمام بتعليم وسلامة الطلاب، ويراها البعض مجرد "بيزنس" ولا تعني القائمين على تلك الجامعات جودة العملية التعليمية، ولا تزيد على كونها مشروعاً استثمارياً الهدف منه الحصول على أكبر قدر من الأرباح بغض النظر عن مستوى الخريجين. وهو ما يؤكده مصدر مسؤول بوزارة التعليم العالي، مشيراً إلى أنّ التوسع في الجامعات الخاصة وزيادة أسعارها، تستفيد منه أيضاً خزانة الدولة من خلال الضرائب المفروضة عليها بحسب أهمية وموقع كلّ جامعة. 
يضيف المصدر المسؤول، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، أنّ الجامعات الخاصة أصبحت "عرضاً وطلباً" وهناك إقبال كبير للطلاب عليها سنوياً وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعارها، إذ يقبل عليها خلال السنوات الأخيرة "أبناء الأثرياء فقط"، واصفاً الجامعات الخاصة بـ"شركات" تتعامل مع العملية التعليمية على مبدأ الربح المادي أكثر من الهدف العلمي. يضيف أنّ خروج الجامعات المصرية سواء الحكومية منها أو الخاصة من المراتب المتقدمة في التصنيفات العالمية، يؤكد أنّ التعليم صار مجرد سلعة تباع وتشترى، خصوصاً مع الزيادة الكبيرة في عدد الجامعات الخاصة، التي وصل عددها إلى 26 جامعة، يدرس فيها 170 ألف طالب، علاوة على ارتفاع الرسوم، وكذلك غياب الدور الرقابي للمجلس الأعلى للجامعات، الذي منح أصحاب الجامعات الخاصة الفرصة للتلاعب بأموال المواطنين، عن طريق استغلال رغبة أولياء الأمور في منح أبنائهم شهادات عليا من دون عناء، تعويضاً عن المجموع المنخفض الذي يحصل عليه أبناؤهم في الشهادة الثانوية خصوصاً.
وفي سياق متصل، يثار كلّ عام جدال حول انتشار المعاهد الخاصة غير المرخصة، بالقاهرة والمحافظات المصرية الأخرى، ومحاولاتها جذب أكبر عدد من الطلاب، الحاصلين على الشهادات الثانوية، ويطلق عليها البعض لقب "معاهد بير السلم" كونها كيانات وهمية، وتعدّ مراكز للاحتيال المالي، من دون تحرك الجهات الحكومية لا سيما وزارة التعليم العالي لمواجهتها. وهذه المعاهد تمنح الخريج شهادة غير معتمدة، مثل المعاهد الصحية التي زاد عددها في المحافظات كافة والتي تزعم تخريج كفاءات للعمل في المستشفيات الحكومية أو السفر إلى الخارج، لكن يشتكي كثيرون أنّها باعتهم مجرد وهم.
ويشكو عدد من خريجي الثانوية العامة لهذا العام وأولياء الأمور، من الارتفاع المبالغ فيه في رسوم الجامعات الخاصة، كما يشكون من غياب الرقابة الفعالة على تحديد الأسعار، متهمين الجامعات الخاصة بوضع الرسوم الدراسية كيفما تريد، مطالبين الجهات المختصة بالتدخل للحدّ من تلك المغالاة التي تفوق قدرات كثير من الأسر. "العربي الجديد" التقت بالعديد من الطلاب وأولياء الأمور الذين يعانون من رسوم الجامعات الخاصة. يوضح ممدوح حسن، وهو موظف وولي أمر أحد خريجي الثانوية العامة أنّ ابنه حصل على 95 في المائة في اختصاص علمي علوم، وبهذا المجموع لا يستطيع الالتحاق بالكليات الطبية الحكومية، في المقابل هناك من حصل على المجموع نفسه ويستطيع بأمواله الدخول إلى كلية الطب في جامعة خاصة، وبالتالي فهذا يطيح مبدأ تكافؤ الفرص.

ويعبر محمد إبراهيم، وهو خريج ثانوي، حصل على 90 في المائة علمي رياضة، عن خيبة أمله، إذ لن يتمكن من الالتحاق بكلية الهندسة في القطاع الحكومي، مشدداً على أنّ الجامعات الخاصة أنشئت لـ"أولاد الذوات" أي أبناء الأثرياء، مطالباً الجهات المعنية، بتفعيل دورها في الحدّ من هذه الزيادات السنوية في الرسوم. ويصف أحمد صالح، خريج الثانوي قسم أدبي بـ80 في المائة، تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة بالباهظة، فيما ظروفه المادية لا تساعده.

المساهمون