ثورة مصر بعيون مغربية









25 يناير 2015
توثيق الثورة المصرية على الجدران / Getty
+ الخط -

ثورة 25 يناير المصريّة ليست ذات بعد محلي فقط، شباب من مختلف بلدان العالم العربي عاشوا الثورة عن بعد وتقاسموا مع المصريين أحلامها وتعلقت أنفاسهم وأيامهم بها. الأمر سار على المغرب حيث كل الحديث الدائر في تلك الفترة كان حول موضوع واحد هو ربيع مصر.

بداية من تونس في 4 يناير 2011 وصولاً إلى 25 يناير من ذات السنة في مصر، كانت أنظار المغاربة تتعلق بشاشات الإنترنت والتلفزيون لمتابعة الأحداث الدائرة في البلدين والتي انتهت بإنهاء عهد حكمين ديكتاتوريين نخرا لعقود أرواح شعبيهما.

لكن يطرح السؤال كيف امتلأت أحلام وأيام الشباب المغربي بثورة تدور رحى صخبها وحصادها في بلد آخر؟ وتركيزاً على ثورة 25 يناير المصرية التي لم يهدأ أوارها بعد، كيف تلقوا خبر الثورة وكيف تابعوه؟ "العربي الجديد" التقت عدداً من الشباب المغربي وطرحت عليهم هذه الأسئلة.

هشام تسمارت، (24 عاماً) صحافي سمع حسب تصريحه لـ"العربي الجديد" عبر التلفزيون في سياق الحراك الذي كان قد اشتعل من تونس، وقتئذ  يقول "كنت طالباً وأذكر متابعتنا للتطورات في مقصف المدرسة وكيف أننا قمنا نصيح فرحاً لدى الإعلان عن تنحي مبارك ومواطنة مصرية تصيح على الجزيرة: لا خوف بعد اليوم".


ويقول هشام إن الأمر كان أشبه بـ"النبوءة" لكن بعد الثورة المضادة  لثورة مصر والركوب على يمّها من قبل  فلول النظام السابق "عاد الخوف وأصابت الانتكاسة مصر" لكن هذا كما يتابع هشام بتفاؤل "ليس سوى حلقة في مسار تحول شاق تسلكه الأمم نحو الديمقراطية"، متذكراً أن فرنسا على ما هي عليه اليوم "ثارت قبلاً على الملكية في العام 1789 وتباين السياق وعادت بعد ثورتها إلى ملكية يوليوس وعاشت فترة سميت بفترة الرعب". هذا جميعه برأيه "قوس التغيير المفتوح وإن جرى إيصاده فلن يستمر الأمر طويلا". بالنسبة لهشام "التغيير عملية تستغرق زمنا وتستلزم تضحيات جساماً".

من جهتها قالت سناء بلعثمانية، (29 عاماً)  وهي مغربية باحثة بجامعة السوربون في فرنسا، إنها سمعت عن خبر ثورة مصر على قناة فرنسية، ولتتأكد من الخبر انتقلت إلى متابعته على قناة الجزيرة، فبعد الثورة التونسية كان متوقعاً برأيها أن تقوم الثورة بمجموعة من الدول العربية "التي تعرف سطوة الأنظمة الديكتاتورية ".

وتعتبر سناء أن الثورة المصرية حققت نجاحاً في بدايتها وتغييراً ملموساً على الساحة السياسية "وذلك بتنحي حسني مبارك من جهة، وبصعود الإخوان المسلمين للرئاسة من جهة أخرى، هم الذين عانوا من ديكتاتورية النظام السابق".

هذا الوضع لم يدم طويلاً تضيف سناء: "شهدنا صعود السيسي الذي يمثل برأيي حزب مبارك" لكن عودة النظام السابق "لا تعني بالضرورة عودة الفساد والتسلط، إلا أن تاريخ النظام العسكري يثير عندي مجموعة من التحفظات".

ولا ترى سناء أن الثورة المصريّة قد استأصلت الفساد من جذوره، لكن  أيضاً برأيها لا يمكن القول إن الثورة اكتفت بتغيير رأس الهرم دون هدمه وإعادة بناءه "في نهاية المطاف يبقى هذا اختيار الشعب المصري".

على العكس من سناء حكم يوسف معضور (33 عاماً) كاتب متخصص في القضايا الاجتماعية، جاهز بشأن الثورة المصرية وبناه بعد متابعته الكثيفة لها والتدريجية منذ اندلاع شراراتها الأولى على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقول: "لحدود الساعة لم تظهر بوادر خير يرجى من الثورة خاصة وأن أشخاصاً أبرياء تعرضوا لمحاكمات غير عادلة بينما آخرون تسببوا في القتل وأعمال العنف يتنفسون الحرية"، والأمر لم يتوقف عند هذا الحد برأي يوسف بل إن: "الانقلاب على شرعية  مرسي الرئيس المنتخب عبر صناديق الاقتراع لم يقد الأوضاع في مصر إلى هدف الثورة الأسمى وهو التغيير".

 

أبعد من ذلك يقول الطالب مهدي هباشي (21 عاماً) إن نظرته بالمجمل للربيع العربي تغيرت بعد أن: "تبين أنها ثورة عقيم عجزت عن تحقيق أهدافها من كرامة وحرية وعدالة اجتماعية" ويضيف مهدي "الطريقة التي تحاكم بها قيادات الإخوان وقانون التظاهر الجديد وغيرها تبرز ذلك. وأتوقع أن تظل عقيماً لسببين: أولا من منظور جيوستراتيجي صار واضحاً أن مصر كانت محط أنظار عديد من القوى العالمية والإقليمية، وأن الانتفاضة الشعبية استغلت أبشع استغلال لتحقيق مآرب تلك القوى وأهدافها في مصر، بل إن تضارب مصالحها هو الذي أنتج ثورة 30 يونيو/ حزيران المضادة التي أعادت الجيش إلى سدّة الحكم، فعادة ما تكون مآسي ورذائل الثورات المتحكم بها عن بعد أكثر من فضائلها.

السبب الثاني أنه ساعة الحديث عن الثورات فالمعيار دائماً هو الثورتان الفرنسية والبلشفية اللتان غيرتا وجه العالم. وجه الشبه بينهما هو وحدة الأهداف والخطاب الثوري. إذ التف الفرنسيون حول ضرورة القطع مع الفيودالية والملكية والاستبداد الكنسي واستبدالها بنمط سياسي ليبرالي... وكان معظم الروس مع إنهاء الرأسمالية وإرساء نظام اشتراكي.

هذه الوحدة الإيديولوجية كانت غائبة في السياق المصري واقتصر الهدف المشترك على إسقاط نظام مبارك فحسب، بعد تحققه ظهرت تشرذمات وشروخ في الصف الثوري المصري ما أدى إلى حدوث تخبط في مسار الثورة استغله الجيش أفضل استغلال وأعاد مصر خطوة  إلى الخلف".

لكل هذا يمكن القول بالنسبة لطالب سمع عن ثورة 25 يناير وهو بمدرسته الثانوية وكان منتشياً كغيره بنتائج الثورة التونسية، أن مصر "شهدت انتفاضة نفست عن شعب مكروب، لا ثورة بالمعنى الفلسفي للمفهوم" حسب تعبيره.

هذا الرأي لا تتشاطره مع مهدي، مريم بختي (22 عاما) طالبة صحافة، والتي تلقت خبر الثورة من منزلها على المواقع الإخبارية والقنوات التلفزيونية المصرية. فالثورة المصرية برأيها نجحت في تخليص المصريين من حكم محمد حسني مبارك الذي دام 30 عاماً وهذا إنجاز كبير، وإن اختلطت الأمور بعد ذلك بين الثوار حول من يخلفه فإن الأمر حسب تعبيرها لا يعدو أن تكون له تأثيرات سلبية على أكثر من صعيد يمكن أن تتجاوز طالما أن الإصلاح ما زال هدف المصريين.






تابعونا: #ثورات_تتجدد
المساهمون