ثورة برينتفورد: كيف تبني فريقاً عبر البيانات

15 مايو 2020
برينتفورد يحلم بالوصول إلى "البريميرليغ" (Getty)
+ الخط -
برينتفورد الفقير كروياً ومادياً، اسمه الذي يُعتبر بمثابة "شماعة" للكرة الإنكليزية وعضواً لم يُغير الكثير لا محلياً ولا أوروبياً، صنع شيئا من العجب بعيداً عن كل ما يمكن توقعه في عالم المستديرة الساحرة. عِلم البيانات والإحصاءات الذي أثار دهشتنا في ليفربول وجعلنا نحك رأسنا كثيراً، سيجعلنا نستمتع بقصة فريق برينتفورد 2020.

المقامر سُلطان
في عام 2012، المُقامر المحترف ورجل الأعمال، والمشجع أيضاً، ماثيو بينهام أنقذ فريق برينتفورد من الإفلاس بعد أن قرر دفع مبلغ 500 ألف جنيه إسترليني. طبعاً ستسأل الجماهير هل هذا فعلاً إجمالي دين فريق كرة قدم؟ نعم هذا ما دفعه السيد المُقامر مقابل هدف واحد هو الجلوس على كرسي "السُلطان" في برينتفورد.

 وبعد سنوات مرت، المُقامر استثمر 90 مليون جنيه إسترليني في برينتفورد، نعم 90 مليونا!

الفريق "الفقير"، الذي كان يفتقد لأقل مقومات فريق محترف للمنافسة، وجد نفسه في حضن "سُلطان" يملك المال. عمل السلطان على تحسين ملاعب التدريبات والمنشآت الرياضية، وتطوير الأكاديمية، بغية الاعتناء بالمواهب الشابة وصناعة مستقبل واعد. لكن مهلاً، المال ليس السبب الوحيد وراء ثورة برينتفورد، إنما أكثر من ذلك بكثير.

ثورة بيانات رقمية
بينهام، الرجل الميسور مالياً، قرر قلب الطاولة بعقلية حتى أندية مثل برشلونة وريال مدريد افتقدتها في سنواتها الذهبية. رفض فكرة أن النتيجة هي من تحدد التخطيط والبناء، لكي يستخدم التقييم ومؤشرات الأداء قبل تعيين أي شخص سيرتبط اسمه بفريق برينتفورد.

ما ستكشفه التفاصيل أمر عجيب وجميل لرجل "مُقامر" جعل من المال أداة للتغيير.

بينهام كان واضحاً: من الآن وصاعداً عملية البحث عن مهاجم مثلاً تتطلب أولاً مراقبة أرقامه ونوعية الفرص التي يصنعها وكيف يعمل في المجموعة إن كان دفاعياً أو هجومياً، باختصار كيف تؤثر مؤشرات الأداء على تقييم اللاعب المطلوب.

حسناً، بينهام أراد نقل برينتفورد إلى مستوى الاحتراف، ويا لها من نقلة.

التغيير هو الأصعب
إن تبني فريق "فقير" بحجم برينتفورد رؤية الرئيس ماثيو بينهام عملية ليست سهلة، هي أصلاً ليست سهلة على أي فريق في عالم كرة القدم مهما كان حجمه. استعمال الحكمة والذكاء في اتخاذ أي قرار سيُواجه مقاومة من الجماهير وحتى المدربين، والبداية كانت في عام 2015، مع المدرب مارك واربورتون.

مارك واربورتون تأهل إلى الدرجة الإنكليزية الأولى في عام 2015، لكن بينهام أقاله من منصبه. المشكلة أن عقلية المدرب تعارضت كثيراً مع التغيير التدريجي الذي بدأ يشهده برينتفورد منذ عام 2012. أفكاره التقليدية لم تنسجم مع فريق يطبق علم البيانات في تطوير صورته الكروية، وخصوصاً على مستوى الكشافين.

الأكاديمية ليست مقامرة
عليك أن تتخيل أن فريق كرة قدم لم يستخدم أي لاعب من الأكاديمية منذ عام 2005، بالتأكيد ليس بينهام وحده من سيكون مستاء بل جميع من يفهم أهمية المواهب الشابة في كرة القدم. حتى أن الصحافي تيم ويغمور أشار في تقرير له عام 2007 في موقع "بليشير ريبورت" أن مواهب برينتفورد سُرقت من أندية في "البريميرليغ".

هذه المشكلة واجهها برينتفورد بحزم واتخذ قرار الاستثمار في الأكاديمية، لأن الأمر ليس مقامرة أو مخاطرة أبداً، بل هو ربح شبه مضمون. التركيز على الفئات العمرية كان مهماً، خصوصاً أن بينهام أنشأ فريقا ثانيا من لاعبين لم يحصلوا على فرصة الاحتراف، ولاعبين يبحثون عن حصة تدريبية واحدة فقط لكي يقدموا ما لديهم.

بسرعة تحول برينتفورد من مجموعة أسماك صغيرة يأكلها السمك الكبير إلى مجموعة أسماك تحمي نفسها وفقاً لنظام مُحدد وتتطور وتكبر. ورغم التعارض الكبير بين حاجة الفريق لمواهب قادرة على تطويره من دون الانتظار كثيراً، إلا أن بينهام ومشروعه كانا واضحين "صناعة فريق كبير مهما كلف الأمر والوقت".

دراسة بيانات الفريق
الجميع بات يعرف قصة ليفربول من دراسة البيانات ومؤشرات اللاعبين الفنية، وكيف لعبت دورا كبيرا في تحويل ليفربول إلى بطل في السنوات الماضية مع كلوب. برينتفورد هو نسخة الفقراء من ليفربول، هو اليوم الأكثر طلباً للبيانات الفنية والمؤشرات مثل "XG" التي تُحدد مسار كل فريق في الدوري وعلى أرض الملعب.



بينهام رفض فكرة الاعتماد على الحظ كعنصر للنجاح، بل منح أهمية كبيرة لنوعية المستوى الفني من أجل بناء فريق قوي والمحافظة على الاستمرارية. وفعلاً، وجد برينتفورد المدرب دين سميث الذي ركب نفس المركب مع أفكار الإدارة، وتحديداً الرئس بينهام، وهو أكثر المدربين استمرارية في الدوري.

تجربة بينهام مع برينتفورد مستمرة منذ 6 سنوات، التجربة التي أكدت للجميع أن البيانات الرقمية الكروية تصنع فريق كرة قدم عظيما. ويكفي أن الفريق "الفقير" كان على بُعد 6 نقاط فقط من خوض منافسات "البلاي أوف" المؤهلة إلى "البريميرليغ" في موسم 2017-2018، وهذا إنجاز عظيم.

المساهمون