يصف المعارض الروسي ونائب رئيس حزب "بارناس" إيليا ياشين، جمهورية الشيشان الروسية بأنها "دولة إسلامية محلية" و"خلافة شيشانية منعزلة" تعيش وفقا لتقاليدها وقوانينها الخاصة، إذ لا تسري العديد من القوانين الروسية في غروزني التي تبعد نحو 1,000 ميل جنوباً من العاصمة الاتحادية موسكو، ولا يستطيع الموظفون الفدراليون بجهات الأمن العمل بحرية خارج المباني الإدارية في العاصمة الشيشانية، كما يؤكد المختص في شؤون القوقاز، أوليغ أورلوف، والذي يتفق مع ياشين في أن إحراز حزب "روسيا الموحدة" تأييد 96% من ناخبي جمهورية الشيشان، في انتخابات مجلس الدوما الأخيرة التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي، يعد نتيجة طبيعية للتمويل الضخم الذي ضخته موسكو من الميزانية الفدرالية لدعم الرئيس الشيشاني رمضان قديروف.
"وتبلغ حصة الميزانية الفدرالية في تمويل الشيشان ما بين 80% و85%"، كما يقول ياشين لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن إنفاق هذه الميزانية بشكل غير شفاف، ساهم في شراء ولاء قديروف لبوتين حتى يتبع "سلوكاً سلمياً" ويدعم وحدة البلاد، وبالمقابل يحصد بوتين أعلى نسب التأييد في الانتخابات الرئاسية وهو ما بدا في تلك التي جرت عام 2012، إذ نال أصوات 99.76% من الناخبين في الشيشان التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة.
"الخلافة الشيشانية"
بدأ الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، مسيرته ضمن صفوف المقاتلين ضد القوات الفدرالية أثناء أحداث حرب انفصال الشيشان الأولى عن روسيا ما بين عامي 1994 و 1996، قبل أن ينضم مع والده مفتي الشيشان ورئيسها السابق أحمد قديروف، إلى جانب السلطات المركزية مع بداية الحرب الثانية في عام 1999، ويرى ياشين، وهو صاحب تقرير مستقل حول الشيشان بعنوان "تهديد للأمن القومي" صدر في فبراير/شباط 2016، في ذكرى اغتيال المعارض الروسي بوريس نيمستوف الذي اتهم مؤيدوه رئيس الشيشان قديروه بقتله في 27 فبراير/شباط من عام 2015، أن خطورة تمويل الشيشان تكمن في استخدام هذه الموارد لتشكيل قوات موالية لـ"قديروف" شخصيا وليس لروسيا، مما قد يشكل خطرا على أمن البلاد في المستقبل.
وخلال الفترة من عام 2007 وحتى عام 2015، كانت الشيشان تحصل في المتوسط على 60 مليار روبل سنويا أي حوالي ملياري دولار سنويا وفقا لسعر الصرف قبل انهيار قيمة الروبل، وبذلك شكل الدعم من الميزانية الفدرالية 81.6% من ميزانية الشيشان التي تعتبر من أكبر المتلقين للدعم الفدرالي بين الكيانات الإدارية الروسية.
ويشير معد التقرير إلى أن هذه الأرقام لا تشمل التمويل المباشر لإقامة المباني الحكومية ونفقات الشركات الحكومية التي تستثمر أيضا في الاقتصاد الشيشاني، و"صندوق أحمد قديروف" الذي بلغت أرصدته في عام 2013 قرابة 1.5 مليار روبل (حوالي 50 مليون دولار وفقا لسعر الصرف السائد آنذاك).
وعلى الرغم من هذه المبالغ الباهظة التي استثمرتها موسكو، إلا أن القوات الشيشانية تدين بالولاء المطلق لـ"قديروف" شخصيا، نظراً لتشكيل نواتها من "الانفصاليين السابقين الذين تم العفو عنهم بقرار من زعيم الشيشان وسمح لهم بحمل السلاح من جديد، ولكن تحت قيادته"، وفق ما جاء بالتقرير الذي أكد فيه ياشين على أنه "بسبب زيادة رأس مال رمضان قديروف السياسي والعسكري، تحول زعيم الشيشان في جوهر الأمر من حاكم إقليم إلى شخصية يمكنها الحديث مع بوتين على مستوى متكافئ وعدم الاعتراف بأي مؤسسة حكم في روسيا باستثناء مؤسسة الرئاسة".
ويتناول أحد فصول التقرير نمط حياة الرئيس الشيشاني وما يتميز به من ترف لا يتناسب مع دخله المعلن الذي لا يزيد على 100 ألف دولار سنويا، ومن مظاهره ارتداء ساعة من الذهب الأبيض تقدر قيمتها بمئات آلاف الدولارات، وموكب يضم سيارات فاخرة من طرز "بي إم دبليو" و"بورش" و"مرسيدس" و"لكزس".
اقــرأ أيضاً
ميزانية 2017
احتج قديروف بقوة على محاولة وزارة المالية الروسية خفض ميزانية الشيشان لعام 2017، بحجة أنه لا يجوز معاملة الشيشان نفس معاملة الأقاليم الأخرى نظرا لـ"الوضع الاستثنائي الصعب ما بعد الحرب".
وقررت السلطات الروسية في نهاية المطاف الإبقاء على الدعم للشيشان عند مستوى عام 2016 والذي كان الرئيس بوتين قد رفعه بنسبة 8% على الرغم من الركود الاقتصادي الذي تعاني منه روسيا، وفقا لمجلة "الإيكونومست"، بواقع 40.4 مليار روبل (625 مليون دولار)، بينما زاد الدعم لأقاليم أخرى كانت مخصصاتها المالية تقل عن الشيشان، بنسبة 15 في المائة، بحسب صحيفة "إر بي كا" الاقتصادية الروسية.
وعلى الرغم من إعادة التوزيع هذه، تعتبر مديرة برنامج الأقاليم بالمعهد المستقل للسياسة الاجتماعية، ناتاليا زوباريفيتش، أن الدعم الفدرالي للشيشان لا يزال غير عادل.
وتقول زوباريفيتش لـ"العربي الجديد": "لا يزال متوسط دخل الفرد في الشيشان أكبر من أقاليم أخرى أكثر تطورا ومساهمة في الميزانية الفدرالية، وهذا أمر غير عادل"، إذ يبلغ متوسط دخل الفرد شهريا في الشيشان 19.800 روبل (300 دولار)، وفقا لبيانات هيئة الإحصاء الروسية عن عام 2014، ما يجعلها في المرتبة الـ 66 من بين 95 جمهورية وإقليما روسيا فيما يساهم 16% فقط من سكانها في دفع الضرائب الفدرالية، ما يجعل من دخل الشيشانيين أعلى من غيرهم من عدد من الأقاليم الأكثر مساهمة في الميزانية الاتحادية.
وحول حجة قديروف بشأن ضرورة إعادة إعمار جمهوريته بعد الحربين، ترى الاقتصادية الروسية أنه "كانت هناك ضرورة لإعادة إعمار الشيشان، ولكن هذه المهمة اُستكملت، والآن يجب الاسترشاد بالنفقات الفعلية الجارية".
نظام شمولي
يرى عضو مجلس مركز "ميموريال" لحقوق الإنسان والمختص في شؤون القوقاز أوليغ أورلوف، أن "الشيشان هو الإقليم الأكثر ولاء لبوتين شخصيا والحزب الحاكم وليس روسيا، مؤكدا أن آل قديروف تم شراء ولائهم، بعد انتصارهم على الانفصاليين الشيشان".
ويتابع: "نظام الشيشان شمولي في ظل تحول قديروف من حاكم إلى قائد روحي يتدخل في جميع مجالات الحياة وحتى يتحدث عن كيفية أداء الصلاة وتربية اللحية، ولا يمكن انتقاده علنا. ويتعامل قديروف مع الأئمة على أنهم موظفون حكوميون، ويتم إعداد النقاط الرئيسية لخطب الجمعة بالمساجد مسبقا".
وفيما يتعلق بالانتهاكات التي شهدتها الشيشان ولا تزال، يضرب أورلوف أمثلة، قائلا: "أثناء قيام نظامه، كان قديروف يحتجز ذوي الانفصاليين كرهائن حتى يسلموا أنفسهم. وحاليا هناك مواطن أرسل خطابا إلى بوتين حول الأوضاع في الشيشان، فاختفى لفترة ثم أحرق منزله، وهو في الواقع نظام قائم على إرهاب الدولة".
ويشير الحقوقي الروسي إلى انفراد قديروف باتخاذ القرار، موضحا أنه تم تغيير موعد إحياء ذكرى تهجير الشيشانيين، مثلا، من 23 فبراير/شباط إلى 10 مايو/أيار لإحياء ذكرى جميع أحزان الشعب الشيشاني، بما فيها جنازة الرئيس الراحل، أحمد قديروف، الذي قتل جراء انفجار في غروزني أثناء الاحتفالات بعيد النصر في الحرب العالمية الثانية في 9 مايو/أيار 2004.
اقــرأ أيضاً
تتبع الخصوم خارج الشيشان
يشير أورلوف إلى أن الانتقام من المعارضين لا يقتصر على داخل الشيشان، إذ توجد مؤشرات لآثار شيشانية تحيط بجرائم هزت الرأي العام الروسي مثل اغتيال المعارض الروسي، بوريس نيمستوف، على بعد أمتار من الكرملين والصحافية المعارضة، آنا بوليتكوفسكايا، في أكتوبر/تشرين الأول 2006.
وقبل مقتلها في مصعد العمارة التي كانت تقطنها وسط موسكو بأيام، لخصت بوليتكوفسكايا في آخر حوار لها "إنجازات" قديروف (الابن) في "إطلاق النار والقتل والخطف".
وبعد مرور عقد كامل وإدانة المنفذين، لا يزال المحرض مجهولا، وأعرب زملاء بوليتكوفسكايا بصحيفة "نوفايا غازيتا" لـ"العربي الجديد" عن قناعتهم بأن آثار الجريمة تقود إلى الشيشان ويتطلب فك لغزها إرادة سياسية من الدولة.
اقــرأ أيضاً
تجربة المصالحة
"بغض النظر عن وقوع انتهاكات وتجاوزات"، يعتبر أليكبير أليكبيروف، مدير مركز دراسات آسيا الوسطى والقوقاز بمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن :التجربة الشيشانية مثال ناجح للمصالحة والحفاظ على الإقليم ضمن الأراضي الموحدة للدولة مع منحه قدرا كبيرا من الاستقلالية".
ويقول أليكبيروف لـ"العربي الجديد": "جرت عملية المصالحة بمبادئ واضحة، ومنها شرط البقاء ضمن روسيا الاتحادية، وشملت العديد من المسلحين، وكان رأس الجمهورية شخصيا يشارك في هذه المصالحات، وهي تقليد قديم في الشيشان لإنهاء تواريخ الأخذ بالثأر".
ويفسر أليكبيروف التأييد الواسع لبوتين في الشيشان بأن: "مجتمعات جمهوريات شمال القوقاز تقليدية ويمكن إقامة نظام جمهوري فيها شكلا فقط وليس مضمونا، ولا يمكن مطالبتها بإجراءات الديمقراطية الغربية، والشيشان قائمة على عبادة الفرد أي قديروف، وهو بدوره يدين بالولاء لبوتين، وهذا عامل لتوحيد المجتمع".
ولا ينكر الباحث في شؤون شمال القوقاز دور التمويل الفدرالي في تعمير الشيشان وإنفاقه بحكمة، مما أثار فخر الشيشانيين ووفر لهم حياة في الأمان والاستقرار ودرجة كبيرة من الاستقلالية، وصلت إلى مرحلة أن الشيشان لها سياسة خارجية مستقلة عن روسيا.
"وتبلغ حصة الميزانية الفدرالية في تمويل الشيشان ما بين 80% و85%"، كما يقول ياشين لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن إنفاق هذه الميزانية بشكل غير شفاف، ساهم في شراء ولاء قديروف لبوتين حتى يتبع "سلوكاً سلمياً" ويدعم وحدة البلاد، وبالمقابل يحصد بوتين أعلى نسب التأييد في الانتخابات الرئاسية وهو ما بدا في تلك التي جرت عام 2012، إذ نال أصوات 99.76% من الناخبين في الشيشان التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة.
"الخلافة الشيشانية"
بدأ الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، مسيرته ضمن صفوف المقاتلين ضد القوات الفدرالية أثناء أحداث حرب انفصال الشيشان الأولى عن روسيا ما بين عامي 1994 و 1996، قبل أن ينضم مع والده مفتي الشيشان ورئيسها السابق أحمد قديروف، إلى جانب السلطات المركزية مع بداية الحرب الثانية في عام 1999، ويرى ياشين، وهو صاحب تقرير مستقل حول الشيشان بعنوان "تهديد للأمن القومي" صدر في فبراير/شباط 2016، في ذكرى اغتيال المعارض الروسي بوريس نيمستوف الذي اتهم مؤيدوه رئيس الشيشان قديروه بقتله في 27 فبراير/شباط من عام 2015، أن خطورة تمويل الشيشان تكمن في استخدام هذه الموارد لتشكيل قوات موالية لـ"قديروف" شخصيا وليس لروسيا، مما قد يشكل خطرا على أمن البلاد في المستقبل.
وخلال الفترة من عام 2007 وحتى عام 2015، كانت الشيشان تحصل في المتوسط على 60 مليار روبل سنويا أي حوالي ملياري دولار سنويا وفقا لسعر الصرف قبل انهيار قيمة الروبل، وبذلك شكل الدعم من الميزانية الفدرالية 81.6% من ميزانية الشيشان التي تعتبر من أكبر المتلقين للدعم الفدرالي بين الكيانات الإدارية الروسية.
وعلى الرغم من هذه المبالغ الباهظة التي استثمرتها موسكو، إلا أن القوات الشيشانية تدين بالولاء المطلق لـ"قديروف" شخصيا، نظراً لتشكيل نواتها من "الانفصاليين السابقين الذين تم العفو عنهم بقرار من زعيم الشيشان وسمح لهم بحمل السلاح من جديد، ولكن تحت قيادته"، وفق ما جاء بالتقرير الذي أكد فيه ياشين على أنه "بسبب زيادة رأس مال رمضان قديروف السياسي والعسكري، تحول زعيم الشيشان في جوهر الأمر من حاكم إقليم إلى شخصية يمكنها الحديث مع بوتين على مستوى متكافئ وعدم الاعتراف بأي مؤسسة حكم في روسيا باستثناء مؤسسة الرئاسة".
ويتناول أحد فصول التقرير نمط حياة الرئيس الشيشاني وما يتميز به من ترف لا يتناسب مع دخله المعلن الذي لا يزيد على 100 ألف دولار سنويا، ومن مظاهره ارتداء ساعة من الذهب الأبيض تقدر قيمتها بمئات آلاف الدولارات، وموكب يضم سيارات فاخرة من طرز "بي إم دبليو" و"بورش" و"مرسيدس" و"لكزس".
ميزانية 2017
احتج قديروف بقوة على محاولة وزارة المالية الروسية خفض ميزانية الشيشان لعام 2017، بحجة أنه لا يجوز معاملة الشيشان نفس معاملة الأقاليم الأخرى نظرا لـ"الوضع الاستثنائي الصعب ما بعد الحرب".
وقررت السلطات الروسية في نهاية المطاف الإبقاء على الدعم للشيشان عند مستوى عام 2016 والذي كان الرئيس بوتين قد رفعه بنسبة 8% على الرغم من الركود الاقتصادي الذي تعاني منه روسيا، وفقا لمجلة "الإيكونومست"، بواقع 40.4 مليار روبل (625 مليون دولار)، بينما زاد الدعم لأقاليم أخرى كانت مخصصاتها المالية تقل عن الشيشان، بنسبة 15 في المائة، بحسب صحيفة "إر بي كا" الاقتصادية الروسية.
وعلى الرغم من إعادة التوزيع هذه، تعتبر مديرة برنامج الأقاليم بالمعهد المستقل للسياسة الاجتماعية، ناتاليا زوباريفيتش، أن الدعم الفدرالي للشيشان لا يزال غير عادل.
وتقول زوباريفيتش لـ"العربي الجديد": "لا يزال متوسط دخل الفرد في الشيشان أكبر من أقاليم أخرى أكثر تطورا ومساهمة في الميزانية الفدرالية، وهذا أمر غير عادل"، إذ يبلغ متوسط دخل الفرد شهريا في الشيشان 19.800 روبل (300 دولار)، وفقا لبيانات هيئة الإحصاء الروسية عن عام 2014، ما يجعلها في المرتبة الـ 66 من بين 95 جمهورية وإقليما روسيا فيما يساهم 16% فقط من سكانها في دفع الضرائب الفدرالية، ما يجعل من دخل الشيشانيين أعلى من غيرهم من عدد من الأقاليم الأكثر مساهمة في الميزانية الاتحادية.
وحول حجة قديروف بشأن ضرورة إعادة إعمار جمهوريته بعد الحربين، ترى الاقتصادية الروسية أنه "كانت هناك ضرورة لإعادة إعمار الشيشان، ولكن هذه المهمة اُستكملت، والآن يجب الاسترشاد بالنفقات الفعلية الجارية".
نظام شمولي
يرى عضو مجلس مركز "ميموريال" لحقوق الإنسان والمختص في شؤون القوقاز أوليغ أورلوف، أن "الشيشان هو الإقليم الأكثر ولاء لبوتين شخصيا والحزب الحاكم وليس روسيا، مؤكدا أن آل قديروف تم شراء ولائهم، بعد انتصارهم على الانفصاليين الشيشان".
وفيما يتعلق بالانتهاكات التي شهدتها الشيشان ولا تزال، يضرب أورلوف أمثلة، قائلا: "أثناء قيام نظامه، كان قديروف يحتجز ذوي الانفصاليين كرهائن حتى يسلموا أنفسهم. وحاليا هناك مواطن أرسل خطابا إلى بوتين حول الأوضاع في الشيشان، فاختفى لفترة ثم أحرق منزله، وهو في الواقع نظام قائم على إرهاب الدولة".
ويشير الحقوقي الروسي إلى انفراد قديروف باتخاذ القرار، موضحا أنه تم تغيير موعد إحياء ذكرى تهجير الشيشانيين، مثلا، من 23 فبراير/شباط إلى 10 مايو/أيار لإحياء ذكرى جميع أحزان الشعب الشيشاني، بما فيها جنازة الرئيس الراحل، أحمد قديروف، الذي قتل جراء انفجار في غروزني أثناء الاحتفالات بعيد النصر في الحرب العالمية الثانية في 9 مايو/أيار 2004.
تتبع الخصوم خارج الشيشان
يشير أورلوف إلى أن الانتقام من المعارضين لا يقتصر على داخل الشيشان، إذ توجد مؤشرات لآثار شيشانية تحيط بجرائم هزت الرأي العام الروسي مثل اغتيال المعارض الروسي، بوريس نيمستوف، على بعد أمتار من الكرملين والصحافية المعارضة، آنا بوليتكوفسكايا، في أكتوبر/تشرين الأول 2006.
وقبل مقتلها في مصعد العمارة التي كانت تقطنها وسط موسكو بأيام، لخصت بوليتكوفسكايا في آخر حوار لها "إنجازات" قديروف (الابن) في "إطلاق النار والقتل والخطف".
وبعد مرور عقد كامل وإدانة المنفذين، لا يزال المحرض مجهولا، وأعرب زملاء بوليتكوفسكايا بصحيفة "نوفايا غازيتا" لـ"العربي الجديد" عن قناعتهم بأن آثار الجريمة تقود إلى الشيشان ويتطلب فك لغزها إرادة سياسية من الدولة.
تجربة المصالحة
"بغض النظر عن وقوع انتهاكات وتجاوزات"، يعتبر أليكبير أليكبيروف، مدير مركز دراسات آسيا الوسطى والقوقاز بمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن :التجربة الشيشانية مثال ناجح للمصالحة والحفاظ على الإقليم ضمن الأراضي الموحدة للدولة مع منحه قدرا كبيرا من الاستقلالية".
ويقول أليكبيروف لـ"العربي الجديد": "جرت عملية المصالحة بمبادئ واضحة، ومنها شرط البقاء ضمن روسيا الاتحادية، وشملت العديد من المسلحين، وكان رأس الجمهورية شخصيا يشارك في هذه المصالحات، وهي تقليد قديم في الشيشان لإنهاء تواريخ الأخذ بالثأر".
ويفسر أليكبيروف التأييد الواسع لبوتين في الشيشان بأن: "مجتمعات جمهوريات شمال القوقاز تقليدية ويمكن إقامة نظام جمهوري فيها شكلا فقط وليس مضمونا، ولا يمكن مطالبتها بإجراءات الديمقراطية الغربية، والشيشان قائمة على عبادة الفرد أي قديروف، وهو بدوره يدين بالولاء لبوتين، وهذا عامل لتوحيد المجتمع".
ولا ينكر الباحث في شؤون شمال القوقاز دور التمويل الفدرالي في تعمير الشيشان وإنفاقه بحكمة، مما أثار فخر الشيشانيين ووفر لهم حياة في الأمان والاستقرار ودرجة كبيرة من الاستقلالية، وصلت إلى مرحلة أن الشيشان لها سياسة خارجية مستقلة عن روسيا.