ثلاث قصص من المطبخ العربي: أمّ علي والمهلبية والكنافة

31 مايو 2014
حلويات عربية أصيلة وليست تركية
+ الخط -

هناك من يعتقد أنّ أصل الإبداع في فنّ الطبخ العربي يعود إلى تأثيرات الثقافة التركية التي تغلغلت فيه وجعلته يفقد خصوصيته، تحديداً في مجالات صناعة الحلويات مثل البقلاوة، والزلابية، وغيرها. إلا أنّ هناك حقائق تاريخية كثيرة تثبت أنّ الحلويات العربية ليست "طحيناً وسكّراً" فقط، بقدر ما هي ذاكرة تاريخية مرتبطة بالتحولات السياسية والاجتماعية للعرب. ولعل أشهر النماذج هي:

 

حلوى "أم علي"

من لا يحبّ تلك الحلوى الرائعة المذاق التي تمتزج فيها نعومة الحليب بنكهات المكسرات والزبيب؟

عشاقها قد لا يعرفون أنّها مرتبطة بقصة تاريخية تعود إلى عصر المماليك، وترتبط تحديداً باسم الملكة "شجرة الدرّ"، التي حكمت بعد وفاة زوجها السلطان نجم الدين أيوب. ولتضمن رضا الخلافة العباسية وبقاءها في الحكم تزوّجت الأمير عزّ الدين أيبك ، وسلّمته الحكم. ثم قرّرت التخلص منه بعدما بلغها أنّه سيتزوّج عليها من ابنة والي الموصل. فدسّت له السمّ في الطعام. لكنّ زوجته الأولى "أم علي" لم تنس لضرّتها أنّها سرقت زوجها وجعلته يطلّقها ثم قتلته. فقرّرت الانتقام منها... فتربّصت هي وجواريها بشجرة الدرّ، وانهالت عليها ضرباً في الحمّام، بالقباقيب الخشب، إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة. ثم قمن برمي جثتها من الأعلى، واحتفالا بهذا الانتصار صنعت "أم علي" حلوى جديدة ولذيذة بمزج أطيب المكونات التي في مطابخ القصر من دقيق وسكر ومكسرات وزبيب، ووزّعتها على الناس في الشوارع. وهكذا بقيت هذه الحلوى في التاريخ العربي على مر الزمان باسم "أمّ علي".

 

الكنافة

 قد تكون الكنافة أشهر حلوى في بلاد العرب. فلا ندخل محلاّ للحلويات إلا وكانت في الصدارة. لكنّ كثيرين لا يعرفون أنّها لا تعود إلى أصل تركي مطلقاً، بل هي عربية مئة في المئة، واسمها مشتقّ من كلمة "كنف": أي "الرحمة والرعاية".

يقال إنها اختُرعت في قصر الخليفة معاوية خلال العهد الأموي. إذ طلب من طبّاخه صناعة طعام غني يساعده على الصوم في شهر رمضان، واستطاع هذا الطباخ أن يتوصل إلى الخلطة السحرية والعظيمة الغنية بالسكريات والمواد التي تساعد الجسم، والتي بقيت إلى يومنا هذا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا ومن تقاليد الشهر الفضيل عبر العصور.

 

المهلّبية

تعود حلوى المهلبية أيضا إلى العصر الأموي. وأصل تسميتها أنّ القائد المهلّب بن أبي صفرة طلب من خدمه أن يصنعوا حلوى جديدة ليقدّمها إلى ضيوفه الذين كان من بينهم الحجّاج بن يوسف الثقفي. وقد نجح الطهاة في صنع "المهلبية" التي ظلت إلى يومنا هذا جزءاً من مطبخنا العربي ومن ذاكرة المائدة الشرقية الغنية والأصيلة. وهي حافظت إلى حدّ بعيد على خصوصيتها رغم تأثيرات المطبخ التركي.

المساهمون