ثلاثون

30 أكتوبر 2015
ثلاثون عاماً (Getty)
+ الخط -

ثلاثون. اكشفت فجأة أنني سأبلغ الثلاثين. ثلاثون، رقم كبير، وسنوات كثيرة. في العشرين من عمري وضعت قائمة كتبت فيها ثلاثين بنداً وهدفاً عليّ تحقيقها قبل بلوغي الثلاثين. لا أذكر تماماً ما الذي جاء في القائمة، وأغلب الظنّ أنني لم أحقّق شيئاً مما كتبته، باستثناء اختيار عمل أحبّه، وإنجاب طفل جميل (جداً)، إلى جانب اكتشافي بشكل صادم أنني من النساء المصابات بنوبات هلع من التقدّم بالسن. 

ثلاثون. أردّد الرقم، وأنا أعيش آخر أيام العشرينيات الجميلة. سأرسم وشماً على ظهري في عيدي الثلاثين، وأبدأ دروس الرقص الشرقي. ماذا نفعل غير ذلك؟ نعمل كثيراً كثيراً طبعاً، ونتابع الهتاف في الشارع ضدّ هذا النظام، وكل الأنظمة الأخرى. ماذا أيضاً؟

 

ثلاثون. كان يفترض أن يكون كل شيء مختلفاً. أن نكون أنضج. أن نتخذ قرارات أكثر واقعية، وأن ندخل زمن الاستقرار الجميل. لكن ذلك لم يحصل. أغلب الظن، أن ذلك لا يحصل أساساً لهؤلاء الذي يشبهوننا. هؤلاء الذين يريدون كل شيء في الحياة: السعادة، والرفاهية، والحب، والموسيقى الجميلة، والبلاد الدافئة والمبهجة، وأشياء كثيرة أخرى..

 

ثلاثون. أعدّد أسماء صديقاتي اللواتي سبقنني إلى العقد الجديد. هنّ جميلات: نيكول، سمر، ساندرا، ميرا، ديما.... حقّقنا الكثير. تعلّمنا، وعملنا، وسافرنا، وأحببنا، ماذا نريد أيضاً؟ لا نعرف. لكن الأكيد أننا نتمنى أن يتوقّف الزمن قليلاً، أن تمتدّ الأيام ساعات إضافية، لنتمكّن من تحقيق كل ما نطمح إليه. الأيام لا تسعنا، ولا تسع ما نريده. هكذا نقول، أم أننا هكذا نقنع أنفسنا، هرباً من الأيام التي أصبحت فجأة رتيبة وتشبه بعضها إلى حدّ كئيب؟

ثلاثون. يقول لي جاد إنه لا يعرف أن يعدّ حتى الثلاثين، وهو ما يعني أن عمري كبير وكثير. هو يعد حتى الثانية والعشرين. وهو أكبر رقم بالنسبة إليه، كل ما عدا ذلك بعيد جداً. وهو كذلك. بعيد جداً. مع جاد وحده أشعر بأنّ أعوامي تمرّ بسرعة خارقة. سيبلغ الخامسة قريباً. عندما يبلغ العشرين سأكون في الخامسة والأربعين، كل ما حسبت أعوامه لا أرى إلا أرقاماً في رأسي. لماذا لا تتبخّر الأرقام، ليكبر بهدوء، ولأكبر أنا أيضاً بهدوء... من دون أن نعدّ.

 

ثلاثون. انظر في المرآة. كل شيء سيكون جميلاً. "كلّه هيبقى حلو" يقول صديق مصري، لا يفهم الهلع الذي يصيبني بسبب بلوغي الثلاثين. "كله هيبقى حلو. كله هيبقى حلو". أردّد. الأغلب أن شيئاً لن يتغيّر، سأستخدم ربما كريمات للتجاعيد، وأقتنع بأن ما تغنيه أم كلثوم جميل. لا أعرف شيئاً غير ذلك. لتأتِ الثلاثينيات، سنرى.

اقرأ أيضاً: حراك بيروت وسنوات "عمرنا"

دلالات
المساهمون