"فوت علينا بكره" (تعال غداً). الرد الدائم الذي يسمعه المواطن المصري عند مراجعته الإدارات الحكومية. لا تتعلق مشكلة الإدارات العامة في مصر بغياب آليات العمل، أو عدم قيام الموظفين بأعمالهم المطلوبة، بل تصل حدود الكارثة إلى ضخامة الجهاز الإداري بوجود أكثر من 6.2 ملايين موظف، لا حاجة لهم في العمل.
"على قد فلوسهم"
بهذه الكلمات يروي إسلام فوزي، موظف في الشهر العقاري، أسباب سوء الخدمات التي يتم تقديمها من قبل الجهاز الإداري للدولة، بالرغم من عدده الضخم. فالرواتب التي يتقاضونها لا تعد مقبولة مقارنة مع الجهد الوظيفي، ولذا يبدأ التسيّب في العمل.
يقول إسلام إنه خريج كلية الآداب، حاول العمل في تخصصه، إلا أنه لم يجد أي فرصة لتحقيق ذلك، وبعدما تبلّغ عن فتح باب التعيينات في الحكومة، حصل على الوظيفة عبر الواسطة، مشيراً إلى أنه اتبع المقولة التالية "إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه".
يشير إسلام إلى أنه يتقاضى 800 جنيه، على الرغم من أنه مرت على تعيينه بالحكومة فترة تزيد عن السبع سنوات، وهو مضطر للعمل ليلاً في صيدلية لتغطية تكاليف حياته البسيطة.
يؤكد إسلام أنه لا يؤدي عمله بشكل جيد، إذ لا يملك الطاقة الكافية للعمل في الشهر العقاري، "لا علاقة لي بالقانون، ولم أتلقَّ أي تدريب يؤهلني للعمل في الوظيفة". يقسّم إسلام يوم عمله، يوقّع بالحضور، يتناول الإفطار ثم يبدأ في القيام ببعض مهام العمل، لمدة ساعتين، يذهب بعدها للجلوس في مقهى قريب من محل عمله، ثم يعود قبل نهاية اليوم ليقوم بالتوقيع بالانصراف.
وعمّا إذا كان ذلك يعرضه للمساءلة القانونية، يؤكد على أنه يعمل في مكتب يوجد به ما يزيد عن 22 موظفاً، يتبادلون وقت "التزويغ"، أي الخروج من العمل في غير الأوقات الرسمية.
تضخم وترهل
يقول استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي، الدكتورعبد الرحيم محمد، إن "الجهاز الإداري للدولة المصرية يعاني من التضخم والترهّل بصورة لا شبيه لها في العالم، وعلى الرغم من ارتفاع عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة، إلا أن هناك شكاوٍ مستمرة من غياب الخدمة، والتي إنْ تم تقديمها تكون سيئة للغاية، وتهدر طاقات المواطنين وموارد الدولة الاقتصادية".
يعيد محمد أصل هذه الأزمة إلى اتباع نظام تعيين كل الخريجين بغض النظر عن تخصصاتهم، أو حاجة الدولة إليهم في فترة الثمانينات، وغياب التدريب اللازم لكافة الموظفين، ما ينتج عنه تدنٍ في الأداء، بالإضافة إلى سوء التوزيع. ويضيف: "عند الذهاب إلى إحدى المؤسسات الحكومية، لا نجد سوى موظفين، وإن غاب أحدهم تعطل العمل وتعطلت معه مصلحة المواطنين، وفي الوقت نفسه إذا ذهبت إلى مؤسسات أخرى تجد أعداداً لا حصر لها من الموظفين الغير مؤهلين لتقديم الخدمة".
ويشير إلى أن عدم وجود تخطيط داخل المؤسسات الحكومية، والاعتماد على الواسطة والمحسوبية، وانتشار الفساد، وتدني الرواتب، وغياب الحوافز، أسباب أدت إلى تدهور الجهاز الإداري للدولة. مطالباً بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من حالة الترهل والتضخم في الجهاز الإداري للدولة، أهمها التدريب والتطوير، والقضاء على الفساد، والعمل بالتخصص، وإجراء دراسات حقيقية على القطاع الحكومي، وإعادة توزيع العاملين، حسب الكثافة السكانية.
من جهتها، تقول رئيسة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، الدكتورة فوزية حنفي، إن ترهل الجهاز الإداري في الدولة، وسوء توزيع العمالة، أدى إلى ارتفاع الكلفة في القطاع الحكومي إلى 207 مليارات جنيه، بما يوزاي 26% من مصاريف الموازنة العامة للدولة، مؤكدة على أن ما يقرب من 50% من العاملين في الجهاز الإداري للدولة عمالة زائدة وبطالة مقننة.
وتشير حنفي إلى أن انتشار البطالة المقنّعة في الجهاز الإداري للدولة لا يتوقف فقط عند حد الإهدار المالي، واستقطاع ما يزيد عن 26%من الموازنة العامة، بل إنه يؤدي إلى غياب معايير واضحة لتقديم الخدمة للمواطن المصري".
وتعتبر حنفي أن "ما يتردد عن أن الدولة هي المسؤولة عن سوء توزيع الموظفين ليس صحيحاً تماماً، نظراً للمشاكل المتعلقة بتوزيع الموظفين على المناطق المختلفة"، وتدلل على ذلك بالإشارة إلى اعتراض حَمَلة الماجستير والدكتوراه على تعيينهم في المحليات، واعتصامهم أمام مجلس الوزراء حتى اللحظة الراهنة.
إقرأ أيضا: "الفضائيون": موظفون أشباح تركة الاحتلال يرثها العراقيون
"على قد فلوسهم"
بهذه الكلمات يروي إسلام فوزي، موظف في الشهر العقاري، أسباب سوء الخدمات التي يتم تقديمها من قبل الجهاز الإداري للدولة، بالرغم من عدده الضخم. فالرواتب التي يتقاضونها لا تعد مقبولة مقارنة مع الجهد الوظيفي، ولذا يبدأ التسيّب في العمل.
يقول إسلام إنه خريج كلية الآداب، حاول العمل في تخصصه، إلا أنه لم يجد أي فرصة لتحقيق ذلك، وبعدما تبلّغ عن فتح باب التعيينات في الحكومة، حصل على الوظيفة عبر الواسطة، مشيراً إلى أنه اتبع المقولة التالية "إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه".
يشير إسلام إلى أنه يتقاضى 800 جنيه، على الرغم من أنه مرت على تعيينه بالحكومة فترة تزيد عن السبع سنوات، وهو مضطر للعمل ليلاً في صيدلية لتغطية تكاليف حياته البسيطة.
يؤكد إسلام أنه لا يؤدي عمله بشكل جيد، إذ لا يملك الطاقة الكافية للعمل في الشهر العقاري، "لا علاقة لي بالقانون، ولم أتلقَّ أي تدريب يؤهلني للعمل في الوظيفة". يقسّم إسلام يوم عمله، يوقّع بالحضور، يتناول الإفطار ثم يبدأ في القيام ببعض مهام العمل، لمدة ساعتين، يذهب بعدها للجلوس في مقهى قريب من محل عمله، ثم يعود قبل نهاية اليوم ليقوم بالتوقيع بالانصراف.
وعمّا إذا كان ذلك يعرضه للمساءلة القانونية، يؤكد على أنه يعمل في مكتب يوجد به ما يزيد عن 22 موظفاً، يتبادلون وقت "التزويغ"، أي الخروج من العمل في غير الأوقات الرسمية.
تضخم وترهل
يقول استشاري التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء المؤسسي، الدكتورعبد الرحيم محمد، إن "الجهاز الإداري للدولة المصرية يعاني من التضخم والترهّل بصورة لا شبيه لها في العالم، وعلى الرغم من ارتفاع عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة، إلا أن هناك شكاوٍ مستمرة من غياب الخدمة، والتي إنْ تم تقديمها تكون سيئة للغاية، وتهدر طاقات المواطنين وموارد الدولة الاقتصادية".
يعيد محمد أصل هذه الأزمة إلى اتباع نظام تعيين كل الخريجين بغض النظر عن تخصصاتهم، أو حاجة الدولة إليهم في فترة الثمانينات، وغياب التدريب اللازم لكافة الموظفين، ما ينتج عنه تدنٍ في الأداء، بالإضافة إلى سوء التوزيع. ويضيف: "عند الذهاب إلى إحدى المؤسسات الحكومية، لا نجد سوى موظفين، وإن غاب أحدهم تعطل العمل وتعطلت معه مصلحة المواطنين، وفي الوقت نفسه إذا ذهبت إلى مؤسسات أخرى تجد أعداداً لا حصر لها من الموظفين الغير مؤهلين لتقديم الخدمة".
ويشير إلى أن عدم وجود تخطيط داخل المؤسسات الحكومية، والاعتماد على الواسطة والمحسوبية، وانتشار الفساد، وتدني الرواتب، وغياب الحوافز، أسباب أدت إلى تدهور الجهاز الإداري للدولة. مطالباً بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من حالة الترهل والتضخم في الجهاز الإداري للدولة، أهمها التدريب والتطوير، والقضاء على الفساد، والعمل بالتخصص، وإجراء دراسات حقيقية على القطاع الحكومي، وإعادة توزيع العاملين، حسب الكثافة السكانية.
من جهتها، تقول رئيسة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، الدكتورة فوزية حنفي، إن ترهل الجهاز الإداري في الدولة، وسوء توزيع العمالة، أدى إلى ارتفاع الكلفة في القطاع الحكومي إلى 207 مليارات جنيه، بما يوزاي 26% من مصاريف الموازنة العامة للدولة، مؤكدة على أن ما يقرب من 50% من العاملين في الجهاز الإداري للدولة عمالة زائدة وبطالة مقننة.
وتشير حنفي إلى أن انتشار البطالة المقنّعة في الجهاز الإداري للدولة لا يتوقف فقط عند حد الإهدار المالي، واستقطاع ما يزيد عن 26%من الموازنة العامة، بل إنه يؤدي إلى غياب معايير واضحة لتقديم الخدمة للمواطن المصري".
وتعتبر حنفي أن "ما يتردد عن أن الدولة هي المسؤولة عن سوء توزيع الموظفين ليس صحيحاً تماماً، نظراً للمشاكل المتعلقة بتوزيع الموظفين على المناطق المختلفة"، وتدلل على ذلك بالإشارة إلى اعتراض حَمَلة الماجستير والدكتوراه على تعيينهم في المحليات، واعتصامهم أمام مجلس الوزراء حتى اللحظة الراهنة.
إقرأ أيضا: "الفضائيون": موظفون أشباح تركة الاحتلال يرثها العراقيون