14 فبراير 2018
تَقاربٌ بينَ السعوديّة و"الإخوانِ" يستثيرُ مصر
نشرَ الإعلامُ السعودي، في بدايةِ فبراير/شباط 2014، مَرسوماً مَلكيّاً يحكمُ بالسجن من 3 إلى 20 سنةٍ على كلِّ من "ينتَمي إلى تيّاراتٍ دينيّةٍ أو فكريّةٍ، عُرِّفَت على أنَّها إرهابيّة على الساحةِ الوطنيّة، والإقليميّة والعالميَّة؛ وعلى كُلِّ مَنْ يدعم أيديولوجيِّتها أو رؤيَتها، أو يعبِّر عن تعاطُفٍ معها، بأيِّ شكلٍ". يستهدِفُ المرسومُ أساساً جماعة الإخوان المسلمين. فالسعوديَّةُ دعمت الانقِلاب في مصر، في 3 يوليو/تموز2013، الذي أدّى إلى سقوطِ الرئيس المنتخَب محمد مرسي الإسلاميِّ، وأتى إلى سُدَّةِ الحكم بوزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي.
بعد أكثرَ من 18 شهراً، تغيَّرَ المشهد، فالرياضُ تستقبل وفوداً من حركتي حماس الفلسطينية والنهضة التونسيّة وحزب الإصلاح اليمني، وهي تنظيمات مُرتبِطةٌ بالإخوان، كما أنَّ خطابَ وسائلِ الإعلام السعوديّة، على عكسِ نظيراتِها في الإمارات، بدأ يتعامَل بطريقةٍ أكثرَ مفارَقَةً وذكاءً مع مسألةِ "الإخوان". ويرتبط هذا التحول في موقفِ المملكةِ بالجغرافيا السياسيّةِ، ونظرةِ الرياض إلى الوضعِ الإقليمي. وقد سبقَ وتعرّضت العلاقاتُ مع الإخوان المسلمين للتقلُّبات في الماضي القريبِ. في الخمسينيّات والستينيّات، كانت المملكةُ ملجأً لكَوادرِ الحركةِ الذين كانوا مُلاحقينَ في مصرَ وسورية والعراق. ابتداءً من 1979، توَطَّدَ التوافق على أرضِ أفغانستان، لمحاربةِ الاتحاد السوفييتي، تحتَ الرعاية الأميركية، إلّا أنَّ حربَ الخليجِ الأولى 1990-1991 ونهايةَ الحربِ البارِدةِ وضعَت حدَّاً لهذا الوفاق.
في العام 2002، وفي صحيفة السياسة الكويتية، قال الأمير نايف، وزيرُ الداخليّة السعوديِّ الراحل، النافِذِ آنَذاك: "الإخوانُ المسلِمون سبَبُ مُعظمِ المشكِلات في العالم العربي، وتسبَّبوا بأضرارٍ جسيمةٍ في السعودية. دعمْنا هذا التنظيم أكثرَ مما يتوجَّب. دمَّروا العالم العربي". ويُذكِّر الأميرُ أنَهم لم يتلقوا دعمَ "الإخوان: إبَّان أزمةِ الخليج 1990- 1991 ضدَّ صدّام حسين، إلّا أنَّه تفادى أنْ يذكرَ سبباً آخر لسخطِهِ الذي يشاركُه فيه أمراءٌ آخرون في المِنطقة، وهو تجذُّر "الإخوانِ" في المُجتمَعات الخليجيّة، ومشاركتِهم، منذ حربِ الكويت، في المظاهرات التي عمَّت الكويت، إبّان التسعينيات، من أجلِ ملكيّة دستورية. إذ إنَّ للإخوان رؤيةً سياسيّة، هي إقامةُ دولةٍ إسلامية، إنَّما على قاعِدة الانتخابات، مختلفةٌ عن رؤيةِ المملكة التي فضَّلت دعمَ التيّارات السلفيّة الأكثر طَمأنةً، بحكمِ أنها ترفُضُ التدخُّلَ في السياسةِ، وتنادي بدعمِ السلطات القائمةِ، أيّاً كانت.
في الأعوامِ 2011-2013، حين تصدّرَ الإخوانُ المسلِمون المشهدَ السياسي في المنطقة،
اجتاحَت الرياضَ موجةُ خوفٍ، مع مشْهَد تنظيماتٍ تأخذُ شرعيَّتها من الإسلامِ والاقتِراع الشعبي في آن معاً، وتساهمُ في الشأنِ السياسي بشكلٍ دائم. إلّا أنَّ هاجسَ المسؤولين السعوديّين سرعانَ ما تحوَّلَ نحو إيران، فالهدفُ الذي يتصدَّرُ أولويّاتِهم احتواءُ "هذا الخطر" في العراق وسورية ولبنان وفلسطين واليمن، لا سيَّما من خلالِ بناءِ "الجبْهًةِ السنِّيَّة"، وازدادَ الخطرُ إلحاحاً مع توْقيعِ الاتِّفاقِ حولَ النوَوِيِّ بينَ الـ 5 + 1 وإيران، ومع احتِمالِ انفِراجِ العلاقات بين واشنطن وإيران. فاتَّجَهَت الرياض إلى استِكْشافِ أقنيَةٍ جديدةٍ للتَّواصُل مع "الإخوان المسلمين"، بحذَرٍ إنما بتَصْميم. بحذر، إذْ يشكل "الإخوان"، في نهايَةِ المطافِ، خَطَراً، لا سيَّما داخلَ المَملَكة. وبتصميم، حيثُ إنَّ الخطرَ الإيراني أولويّةٌ على المديين، القصيرِ والبعيد. وفقاً لمصادرَ مُقرَّبة من الجماعة، بدأت الاتِّصالاتُ ترتسمُ في الأشهرِ الأخيرة لعهدِ الملك عبد الله، وتكثَّفت بعد وفاته في 23 يناير/كانون الثاني 2015 وصعودِ الملك سلمان إلى العرش، والذي تؤكِّد سياستُه كما تبدّت الحملةُ السعوديّة العسكريّة الجويّة، وباتَت بريّة في اليمن، أهمِّيَّة بناءِ "جبهة سُنِّيَّة" بالنسبة للمملكة.
بدأَ التقاربُ في الساحة اليمنيّة. وقد ساهمَ به دعمُ الإخوان المُسلِمين في مختَلفِ البلدان العملية العسكرية التي تقودُها الرياض. فقَدْ واجَه حزب الإصلاح، المَحْسوب على "الإخوان"، حركةَ الحوثيِّين منذ البداية، ووجَدَ نفسَه، وبشكلٍ طبيعيٍّ، جُزءاً من التحالُفِ الذي تدعمُه الرياض؛ وهو حزب يلعبُ دوراً لا يُستهان به، من خلالِ الجنرال علي مُحسن الأحمر. وبعدَ أن سيطرت قوى التحالف على عَدن في أغُسطُس/آب الماضي، عيَّنت الحكومةُ "الرسمية" نايف البكري حاكماً للمدينة، وهو عضوٌ في "الإصلاح" (استقال من الحزب)، وأغضب هذا التعيين الإماراتِ ذات الوجود العسكريِّ الكثيف. وقد لجأ أحدُ قادةِ "الإصلاح"، عبد المجيد الزنداني، مع بعضِ الكوادِر إلى الرياض، علماً أنَّ إقامتهم كانت محظورَةً فيها السنةَ الماضِيَة.
سورية البلدُ العربيَّ الوحيدُ الذي عمِلَت فيه السعوديّة على إسقاطِ النظام، بعدَ طول تردُّد دامَ أشهر، إلا أنَّ السعودية ما زالت مُصمِّمةً، كما الحكومة التركية، على إسقاطِ بشار الأسد، على الرغمَ من تطوُّراتِ السياسةِ الأميركيَّةِ، وحتى الفرنسيّة. وقد تشكَّلَت في أنقرة جبهةٌ لتوحيدِ القوى الإسلاميَّة، لا تتضمَّنُ الإخوانَ المُسلِمين وحسب، ولكن، أيضاً، جبهةَ النصرة، وهي جناحُ القاعدة السوري.
أحدث مثالٍ عن التحوُّلات السعودية حركةِ حماس التي طالَما كانت قريبةً من إيران، قبلَ أن تتركَ قيادَتُها دمشقَ عام 2012، وتأرجَحَ موقفُها بين التضامنِ مع الإخوانِ المسلمين في
سورية (وأماكنَ أخرى) وإيران التي قدَّمت للحركةِ دعماً لوجستيّاً لا يُستهانُ به. في حينِ تمَّ الإعلانُ، مراتٍ، عن زيارةِ رئيسِ المكتب السياسي للحركةِ، خالد مشعل، إلى إيران، انتهى الأمرُ بِهِ إلى السعودية في يوليو/تموز 2015. فالتَقى هناك بالملك ِووليِّ العهْدِ وولي وليِّ العهد، وأَنْهى خلافاً دامَ سنوات، ما أثارَ غضبَ إيران. من هنا، أعلَنَ منصور حقيقت بور، نائبُ رئيسِ اللّجْنةِ البرلمانيَّة للأمنِ القوميِّ والسياسة الخارجيّة: "ليسَت المرّةُ الأولى التي تَرتكِبُ فيها حماس خطأً (...) سبق وتلقَّت الحركةَ تنبيهاً، لكنَّها لم تفهم. (...) إذا لم تُصحِّح حماس اتِّجاهَها، لن يُمكنَها بعدَ الآن استعمالُ قوَّةَ الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانية".
وبالمِقدار نفسه، لا بلْ أكثرَ، أزعجَ هذا التقاربُ مصر التي تواصِل حصارَها على غزة، وأقفَلَت 3000 آلاف نفق. وازدادَ الاستِياءُ حين أشادَ زعيمُ حركةِ النهضة، راشد الغنوشي، في زيارتِه الرياض، في يونيو/حزيران الماضي، بضَرورةِ التقارُبِ بينَ القاهرة والإخوان المسلمين. فبالنسبةِ للقاهرة، لا فرق بينَ "الإخوان" والقاعدة وتنظيمِ الدولة الإسلامية. المعادلةُ نفسُها التي ترسُمُها الحكومةُ الإسرائيليّةُ فيما يخصُّ حماس. ويستمِدُّ النظامُ بعضَ شرعيَّتِه من فكرةِ أنَّه "أنقَذ" البلدَ من "الإخوان المسلمين".
ينفي الرسمِيّون أيَّ تدهورٍ في العلاقاتِ بين الرياض والقاهرة، لما بينَهما من مصالحَ مُشترَكةٍ، غير أنَّ قراءةَ الإعلام المصري تشكِّلُ مقياساً للقلق المصري، واستقلاليَّة هذا الإعلام تجاهَ السلْطةِ لم تَكنْ يوماً، منذ حكم جمال عبد الناصر، مُحَجَّمةً كما الآن. فنشرت الصحيفةُ الأسبوعيَّة، روز اليوسف، في أواخر يوليو/تموز، في أثناء زيارةِ مشعل الرياض، مقالةً للصحافي أحمد شوقي العطار، كتب فيها أن "المملكةَ العربيّةَ السعوديّة باعَت مصر"، ودعا إلى إعادةِ العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ودعَمَ الصحافيُّ الشهيرُ محمد حسنين هيكل ذلك في جريدةِ السفير اللبنانية.
وإذا كانَت مصرُ قد دعمَت التدخُّل السعوديَّ في اليمن، مع رفضِها إرسالَ وحداتٍ عسكريّة على الأرض، فهي تبقى شديدةَ التحفُّظ فيما يَخصُّ الاستراتيجيّات التي تهدفُ إلى إسقاط النظام. على الرّغمِ من هذا، اجتازَت الجريدةُ الحكوميّةُ، الأهرام، حاجِزاً حين نشرَت في 9 سبتمبر/أيلول مقالةً للصَحافي والرئيس السابِق لنقابةِ الصحافيّين، مكرّم محمد مكرم، يَشجُب فيه "كلَّ من دَعَم المشروع الأميركي لتقسيمِ الشرق الأوسط"، وحيّا الجيشَ السوري الذي يدافِع عن أرضِه. ويضيفُ أنَّ اللاجئين لا يهرُبون من بشار الأسد، بلْ منَ "الدولةِ الإسلاميّة"، ويدينُ من يدعم الجيشَ الحرّ المكوَّن من الإخوان المسلمين، بحسبِ رأيِه. وفي خلاصةُ المقال "مهما كانت الجرائم التي ارتكَبها الأسد، فهيَ قليلةٌ بالنسبةِ للَّتي ارتكَبَها الإرهابيّون".
نعرفُ أن الصداقات التي لا شائبةَ عليْها أسطورة. وعلى الرغمِ من توافُقِهما الاستراتيجيّ، يتوجَّبُ على السعودية ومصر التعاملُ مع اختلاف منظريهما، وذلك كلُّه، فيما يخُصُّ القاهرة، تحتَ ظِلِّ الإخوان المسلمين المُرعب.
بعد أكثرَ من 18 شهراً، تغيَّرَ المشهد، فالرياضُ تستقبل وفوداً من حركتي حماس الفلسطينية والنهضة التونسيّة وحزب الإصلاح اليمني، وهي تنظيمات مُرتبِطةٌ بالإخوان، كما أنَّ خطابَ وسائلِ الإعلام السعوديّة، على عكسِ نظيراتِها في الإمارات، بدأ يتعامَل بطريقةٍ أكثرَ مفارَقَةً وذكاءً مع مسألةِ "الإخوان". ويرتبط هذا التحول في موقفِ المملكةِ بالجغرافيا السياسيّةِ، ونظرةِ الرياض إلى الوضعِ الإقليمي. وقد سبقَ وتعرّضت العلاقاتُ مع الإخوان المسلمين للتقلُّبات في الماضي القريبِ. في الخمسينيّات والستينيّات، كانت المملكةُ ملجأً لكَوادرِ الحركةِ الذين كانوا مُلاحقينَ في مصرَ وسورية والعراق. ابتداءً من 1979، توَطَّدَ التوافق على أرضِ أفغانستان، لمحاربةِ الاتحاد السوفييتي، تحتَ الرعاية الأميركية، إلّا أنَّ حربَ الخليجِ الأولى 1990-1991 ونهايةَ الحربِ البارِدةِ وضعَت حدَّاً لهذا الوفاق.
في العام 2002، وفي صحيفة السياسة الكويتية، قال الأمير نايف، وزيرُ الداخليّة السعوديِّ الراحل، النافِذِ آنَذاك: "الإخوانُ المسلِمون سبَبُ مُعظمِ المشكِلات في العالم العربي، وتسبَّبوا بأضرارٍ جسيمةٍ في السعودية. دعمْنا هذا التنظيم أكثرَ مما يتوجَّب. دمَّروا العالم العربي". ويُذكِّر الأميرُ أنَهم لم يتلقوا دعمَ "الإخوان: إبَّان أزمةِ الخليج 1990- 1991 ضدَّ صدّام حسين، إلّا أنَّه تفادى أنْ يذكرَ سبباً آخر لسخطِهِ الذي يشاركُه فيه أمراءٌ آخرون في المِنطقة، وهو تجذُّر "الإخوانِ" في المُجتمَعات الخليجيّة، ومشاركتِهم، منذ حربِ الكويت، في المظاهرات التي عمَّت الكويت، إبّان التسعينيات، من أجلِ ملكيّة دستورية. إذ إنَّ للإخوان رؤيةً سياسيّة، هي إقامةُ دولةٍ إسلامية، إنَّما على قاعِدة الانتخابات، مختلفةٌ عن رؤيةِ المملكة التي فضَّلت دعمَ التيّارات السلفيّة الأكثر طَمأنةً، بحكمِ أنها ترفُضُ التدخُّلَ في السياسةِ، وتنادي بدعمِ السلطات القائمةِ، أيّاً كانت.
في الأعوامِ 2011-2013، حين تصدّرَ الإخوانُ المسلِمون المشهدَ السياسي في المنطقة،
بدأَ التقاربُ في الساحة اليمنيّة. وقد ساهمَ به دعمُ الإخوان المُسلِمين في مختَلفِ البلدان العملية العسكرية التي تقودُها الرياض. فقَدْ واجَه حزب الإصلاح، المَحْسوب على "الإخوان"، حركةَ الحوثيِّين منذ البداية، ووجَدَ نفسَه، وبشكلٍ طبيعيٍّ، جُزءاً من التحالُفِ الذي تدعمُه الرياض؛ وهو حزب يلعبُ دوراً لا يُستهان به، من خلالِ الجنرال علي مُحسن الأحمر. وبعدَ أن سيطرت قوى التحالف على عَدن في أغُسطُس/آب الماضي، عيَّنت الحكومةُ "الرسمية" نايف البكري حاكماً للمدينة، وهو عضوٌ في "الإصلاح" (استقال من الحزب)، وأغضب هذا التعيين الإماراتِ ذات الوجود العسكريِّ الكثيف. وقد لجأ أحدُ قادةِ "الإصلاح"، عبد المجيد الزنداني، مع بعضِ الكوادِر إلى الرياض، علماً أنَّ إقامتهم كانت محظورَةً فيها السنةَ الماضِيَة.
سورية البلدُ العربيَّ الوحيدُ الذي عمِلَت فيه السعوديّة على إسقاطِ النظام، بعدَ طول تردُّد دامَ أشهر، إلا أنَّ السعودية ما زالت مُصمِّمةً، كما الحكومة التركية، على إسقاطِ بشار الأسد، على الرغمَ من تطوُّراتِ السياسةِ الأميركيَّةِ، وحتى الفرنسيّة. وقد تشكَّلَت في أنقرة جبهةٌ لتوحيدِ القوى الإسلاميَّة، لا تتضمَّنُ الإخوانَ المُسلِمين وحسب، ولكن، أيضاً، جبهةَ النصرة، وهي جناحُ القاعدة السوري.
أحدث مثالٍ عن التحوُّلات السعودية حركةِ حماس التي طالَما كانت قريبةً من إيران، قبلَ أن تتركَ قيادَتُها دمشقَ عام 2012، وتأرجَحَ موقفُها بين التضامنِ مع الإخوانِ المسلمين في
وبالمِقدار نفسه، لا بلْ أكثرَ، أزعجَ هذا التقاربُ مصر التي تواصِل حصارَها على غزة، وأقفَلَت 3000 آلاف نفق. وازدادَ الاستِياءُ حين أشادَ زعيمُ حركةِ النهضة، راشد الغنوشي، في زيارتِه الرياض، في يونيو/حزيران الماضي، بضَرورةِ التقارُبِ بينَ القاهرة والإخوان المسلمين. فبالنسبةِ للقاهرة، لا فرق بينَ "الإخوان" والقاعدة وتنظيمِ الدولة الإسلامية. المعادلةُ نفسُها التي ترسُمُها الحكومةُ الإسرائيليّةُ فيما يخصُّ حماس. ويستمِدُّ النظامُ بعضَ شرعيَّتِه من فكرةِ أنَّه "أنقَذ" البلدَ من "الإخوان المسلمين".
ينفي الرسمِيّون أيَّ تدهورٍ في العلاقاتِ بين الرياض والقاهرة، لما بينَهما من مصالحَ مُشترَكةٍ، غير أنَّ قراءةَ الإعلام المصري تشكِّلُ مقياساً للقلق المصري، واستقلاليَّة هذا الإعلام تجاهَ السلْطةِ لم تَكنْ يوماً، منذ حكم جمال عبد الناصر، مُحَجَّمةً كما الآن. فنشرت الصحيفةُ الأسبوعيَّة، روز اليوسف، في أواخر يوليو/تموز، في أثناء زيارةِ مشعل الرياض، مقالةً للصحافي أحمد شوقي العطار، كتب فيها أن "المملكةَ العربيّةَ السعوديّة باعَت مصر"، ودعا إلى إعادةِ العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ودعَمَ الصحافيُّ الشهيرُ محمد حسنين هيكل ذلك في جريدةِ السفير اللبنانية.
وإذا كانَت مصرُ قد دعمَت التدخُّل السعوديَّ في اليمن، مع رفضِها إرسالَ وحداتٍ عسكريّة على الأرض، فهي تبقى شديدةَ التحفُّظ فيما يَخصُّ الاستراتيجيّات التي تهدفُ إلى إسقاط النظام. على الرّغمِ من هذا، اجتازَت الجريدةُ الحكوميّةُ، الأهرام، حاجِزاً حين نشرَت في 9 سبتمبر/أيلول مقالةً للصَحافي والرئيس السابِق لنقابةِ الصحافيّين، مكرّم محمد مكرم، يَشجُب فيه "كلَّ من دَعَم المشروع الأميركي لتقسيمِ الشرق الأوسط"، وحيّا الجيشَ السوري الذي يدافِع عن أرضِه. ويضيفُ أنَّ اللاجئين لا يهرُبون من بشار الأسد، بلْ منَ "الدولةِ الإسلاميّة"، ويدينُ من يدعم الجيشَ الحرّ المكوَّن من الإخوان المسلمين، بحسبِ رأيِه. وفي خلاصةُ المقال "مهما كانت الجرائم التي ارتكَبها الأسد، فهيَ قليلةٌ بالنسبةِ للَّتي ارتكَبَها الإرهابيّون".
نعرفُ أن الصداقات التي لا شائبةَ عليْها أسطورة. وعلى الرغمِ من توافُقِهما الاستراتيجيّ، يتوجَّبُ على السعودية ومصر التعاملُ مع اختلاف منظريهما، وذلك كلُّه، فيما يخُصُّ القاهرة، تحتَ ظِلِّ الإخوان المسلمين المُرعب.