08 سبتمبر 2019
تيران وصنافير.. أزمة شرعية في مصر
قرار المحكمة الإدارية العليا في مصر بشأن جزيرتي تيران وصنافير، يوم 16 يناير/ كانون الثاني الجاري، مهم بالمقاييس كافة. فقد رفضت المحكمة استئناف الحكومة ضد حكم الدائرة الأولى في المحكمة الإدارية في 21 يونيو/ حزيران 2016، في ما يتعلق بترسيم الحدود بين مصر والسعودية، بما يترتب عليه نقل السيادة على الجزيرتين إلى السعودية. وقد سبب القرار أزمة سياسية ودبلوماسية للنظام المصري، ولكنه واجه أيضاً النظام الحاكم بالدستور، كما يفسّره ويطبّقه القضاة، وواجه سيادة الحاكم بسيادة الشعب. من هنا، يزيد القرار من أزمة شرعية نظام حكم ما بعد 30 يونيو/ حزيران 2013. لذا، تركز السطور التالية على ثلاثة جوانب دستورية وقانونية متعلقة بهذا الأمر.
الدستور ضد السيسي
الجانب الأول هو مكانة الدستور، فمنذ اعتلاء الجنرال عبد الفتاح السيسي سدة الحكم في مصر، وهو يعبر عن عدم رضاه عن الدستور الذي كتبته لجانٌ قام نظامه هو بتعيينها بعد إطاحة الرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمين. فعلى سبيل المثال، كان قد عبر في سبتمبر/ أيلول 2015 عن الحاجة إلى تعديل الدستور. ويقوم قرار المحكمة الإدارية العليا، أخيراً، من جديد بتأزيم العلاقة بين السلطة التنفيذية والدستور الذي تم إقراره عام 2014 في ظروف قمعية.
ففي قرارها المطوّل، والمدعوم بالشواهد والقانون الدولي والمقارن، قالت المحكمة إن الدستور (وتحديدا المادة 151 منه) لا يدع مجالاً للشك بأنه ليس في وسع النظام، ولا حتى الشعب نفسه، أن يتنازل عن أي جزء من إقليم مصر. ومعنى ذلك أنه ليس في مقدور السيسي التوجه إلى استفتاء حقيقي أو صوري لتمرير مخططه. ذلك أن الشعب قيّد نفسه، وبالتالي ممثليه، عن التنازل عن السيادة على أراضٍ مصرية. ولن يجدي النظام نفعاً مناقشة الاتفاقية مع السعودية وتمريرها في البرلمان، لأن الدستور يمنع إبرام المعاهدة، وليس فقط إقرارها. وبالتالي، لا تحتاج المحكمة انتظار قرار البرلمان للخوض في دستورية قرار الحكومة. لذا، سيكون الحل
الوحيد أمام السيسي لتمرير مخططه عبر تعديل الدستور، فأهمية الدستور وعلة وجوده، وفقاً لبعض النظريات، هي كونه التزاماً مسبقاً من الشعب بتقييد نفسه عبر مبادئ وحقوق تقيّد عمل السلطات. ويكون دور القضاء في هذه الحالة الدفاع عن سمو الدستور أمام طغيان الأغلبية، وأمام ضرورات السياسة الراهنة. ولكن تعديل الدستور، إذا تمّ، سيكون تعبيراً عن ترويض المبادئ العامة لضرورات السياسة وبراغماتيتها، ما يضعف من سمو الدستور، فإذا تغير الدستور كلما شاءت أهواء الحاكمين، تقلص الفارق بينه وبين القوانين العادية التي يسنها البرلمان كيفما شاء. ولا شك أن محاولة تعديل الدستور ستكون محاولةً واضحةً لإضعاف المحاكم، والتهرّب من أحكام قضائية. وستعيد مثل هذه الحالة إلى الذاكرة محاولات محمد مرسي لتطويع القضاء، أو تحصين قراراته من الرقابة القضائية، بإعلانات دستورية متكرّرة. وبذلك، سيزول الفارق المزعوم بين مرسي وعبد الفتاح السيسي. وفي هذا السياق، انتقدت المحكمة مناورات نظام السيسي القانونية والسياسية للتهرّب من نفاذ قرارات المحاكم المصرية وحجيتها بخصوص جزيرتي تيران وصنافير (بما في ذلك عبر التوجه إلى المحكمة الدستورية العليا ومحكمة الأمور المستعجلة في منازعات التنفيذ).
تحكيم دولي
وفي هذا السياق، لن يجدي نظام الحكم التحجّج مستقبلا بقرار تحكيم دولي، وهو ما كثر الحديث عنه بعد قرار المحكمة الإدارية العليا، خصوصاً من السعودية، ذلك أن المحكمة استبقت مثل هذا التحكيم من عدة جوانب.
أولا، قرّرت أن هذا الأمر متعلق بنزاع وطني وداخلي لا بنزاع دولي. ومن هنا، مهما كانت التزامات مصر الدولية، فإن على الحكومة احترام القيود الدستورية، وإذا كانت الحكومة قد تعهدت بالتزاماتٍ مخالفة للدستور، فإن التزاماتها باطلة، لأنها خرجت عن علاقة الوكيل بالموكل.
ثانياً، قامت المحكمة في هذا السياق بالتذكير بتحفّظ مصر على معاهدة فيينا لقانون المعاهدات 1969، ووفقا لهذا التحفظ، فإنه إذا تعهد مسؤول ما باسم مصر بدون توفر الشروط التي تخضع لها موافقته، فلا يترتب أي أثر قانوني على هذه الموافقة.
ثالثا، أوردت المحكمة شواهد ممارسة مصر سيادتها على الجزيرتين وفقا للاتفاقيات والعلاقات الدولية من ناحية، وبتطبيق قوانينها وأنظمتها الداخلية عليهما من ناحية أخرى.
رابعاً، أشارت المحكمة إلى عدم توافر أدلة على ممارسة السعودية السيادة على الجزيرتين، أو منازعتها مصر عليهما في السابق، ولا على أن السيادة المصرية عليهما بمثابة مؤقتة أو عارضة كوكيل للسعودية. وخلاصة الأمر، فإنه وفقا للمحكمة "سواء تعلق الأمر بتحديد الحدود لمصر والسعودية كعملية قانونية، أو ترسيم الحدود بينهما كعملية فنية، فإنه بأمر الدستور المصري محظور عليها"، أي الحكومة (وكافة سلطات الدولة اللجوء إليهما بشأن التخلي عن جزيرتي تيران وصنافير)، وبذلك تكون المحكمة قد أحكمت قيد الدستور على يدي السيسي أشدّ الإحكام، وقلّصت من خيارته ضمن النظام الدستوري القائم.
دور النضال القانوني
الأمر الثاني الذي تجدر الإشارة إليه دور المحامين والقضاة. من ناحية، تواصل التراشق الحاد بين المحاكم المصرية، فقد كانت محكمة الأمور المستعجلة قد تعدّت على صلاحية مجلس
الدولة، وانتقدت المحكمة الإدارية بعبارات حادة. ثم انتقدت المحكمة الإدارية العليا في قرارها يوم 16 يناير/ كانون الثاني الجاري محكمة الأمور المستعجلة على تدخلها السافر، واعتدائها على صلاحيات المحاكم الإدارية وفقا للدستور. ولا يدل هذا التراشق على اختلافٍ في الآراء فحسب، وإنما أيضا على قدرة النظام على تحريك المحاكم بعضها ضد البعض الآخر، أسوة بممارساتٍ استبداديةٍ سابقةٍ للربيع العربي. ذلك أنّ ثورة 25 يناير لم تنجح، وحتى هذه اللحظة، بإصلاح الجهاز القضائي أو تطهيره (وتتكرر الصورة نفسها في تونس). بل بالعكس، نتج عن دستور 2014، وعلى خلفية الصراع بين الإخوان المسلمين والقضاء إبّان حكمهم، أن ازدادت قوة القضاة بدون التخلص من مظاهر الفساد والارتباط بالحكم.
من ناحية أخرى، يظهر المحامون والقضاة من جديد بديلاً للمعارضة السياسية، ففي ظروف القمع والاستبداد، تم حظر حركات وأحزاب معارضة، مثل "الإخوان المسلمين" وحركة شباب 6 إبريل، وتم اعتقال نشطاء كثيرين، وملاحقة الجمعيات الحقوقية بسبب تمويلها الأجنبي. وعلى الرغم من إلغاء المحكمة الدستورية العليا مادة واحدة من قانون التظاهر، إلا أنها أبقت على باقي المواد، ولم تمنع استمرار مفعوله القمعي. وفي هذه الظروف من انكماش الهامش السياسي الشرعي لمعارضة نظام الحكم، وانعدام وجود معارضة برلمانية جدية، يصبح النشاط القانوني والقضائي أحد المخارج الوحيدة المتبقية لمقاومة النظام الغاشم، أي أن تسييس القضاء من المعارضة يصبح ملاذاً للرد على قوننة السياسة من نظام الحكم.
وتلفت الانتباه، في هذا السياق، حدة المحكمة في نقدها تقدير السلطة السياسية وقرارها، ما يتماشى مع ازدياد تململ الرأي العام ضد نظام السيسي، وازدياد عدم الثقة بسياساته، فقد قالت المحكمة إن قرار نقل السيادة "خطأ تاريخي جسيم، غير مسبوق، يمسّ كيان تراب الوطن"، وهدر لدماء المصريين الذي دافعوا عن التراب، ويشكل تنازلاً عن حقوق مصر وتهديداً للأمن القومي المصري، وإضراراً بمصالحها الاقتصادية. ودعت المحكمة النظام إلى قراءة التاريخ وعدم إغفال الأهمية الاستراتيجية للجزر.
سيادة الشعب لا سيادة الحاكم
الأمر الثالث الذي يلفت الانتباه هو النقاش المستفيض لمفهوم السيادة. ويدل هذا النقاش على أن بعض المبادئ التي جاءت بها ثورة يناير قد نجت، واستمرت في الحياة، على الرغم من
الانقلاب على نظام الحكم. واستشهدت المحكمة بالتغيير الذي أحدثته الثورة الفرنسية في مفهوم السيادة من كونها سيادة الحاكم المطلق، وهي "فكرة اندثرت في العالم والفهم القانوني"، إلى سيادة الشعب. تقول المحكمة إنه قد "استقر في الوجدان القانوني أن صاحب السيادة هو مجموع المواطنين، ولم تعد هيئة من هيئات الدولة مالكة للسيادة، وإنما تباشرها كوكيلة للشعب". وأوضحت المحكمة أن "ثورة الشعب (25 يناير/ 30 يونيه)"، كما سمتها، أدت إلى تغييرات دستورية على الفكر القانوني أن يتماشى معها، ومن ضمنها إعلاء شأن المواطن المصري في "المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبناء دولته الجديدة". كما رفضت المحكمة النظريات التي تساوي بين مفهوم السيادة (تمارسه الدولة نيابة عن الشعب) وحق الملكية (يملكه الفرد على ممتلكاته). إذ قالت المحكمة إن "حق الدولة على إقليمها ليس حق ملكية، وإنما هو حق سياسي يشتمل على مجموعةٍ من الحقوق التشريعية والتنفيذية والقضائية". من هنا، السيادة حق جماعي والملكية حق فردي، ولا يستطيع نظام الحكم أن يتعامل مع الدولة وأراضيها، كما يتعامل الفرد مع أملاكه الخاصة.
ولا شك في أن هذا التأكيد على سيادة الشعب، وعلى سمو الدستور في ظل "الدولة القانونية"، سيقوم بتعميق أزمة النظام السياسي المصري منذ إطاحة حسني مبارك، ففي هذه الدولة القانونية، تقول المحكمة، "ممارسة السلطة لم تعد امتيازاً شخصيا لأحد".
من هنا، فإن خيارات السيسي الآن أحلاها مرّ، فإذا تجاهل قرار المحاكم أو غيرّ الدستور لتجاوز قراراتها، فإنه سيزيد من أزمة شرعية حكمه وسيزيد من خصومه. وإذا انصاع لقرارات المحاكم، فإنه سيضطر إلى التراجع عن اتفاقه مع السعودية، وعن إخطاره إسرائيل ودولاً أخرى بهذا الاتفاق، ليزيد من تعقيد علاقته مع السعودية، ولتبدو عشوائية سياساته الخارجية للقاصي والداني من جديد.
الدستور ضد السيسي
الجانب الأول هو مكانة الدستور، فمنذ اعتلاء الجنرال عبد الفتاح السيسي سدة الحكم في مصر، وهو يعبر عن عدم رضاه عن الدستور الذي كتبته لجانٌ قام نظامه هو بتعيينها بعد إطاحة الرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمين. فعلى سبيل المثال، كان قد عبر في سبتمبر/ أيلول 2015 عن الحاجة إلى تعديل الدستور. ويقوم قرار المحكمة الإدارية العليا، أخيراً، من جديد بتأزيم العلاقة بين السلطة التنفيذية والدستور الذي تم إقراره عام 2014 في ظروف قمعية.
ففي قرارها المطوّل، والمدعوم بالشواهد والقانون الدولي والمقارن، قالت المحكمة إن الدستور (وتحديدا المادة 151 منه) لا يدع مجالاً للشك بأنه ليس في وسع النظام، ولا حتى الشعب نفسه، أن يتنازل عن أي جزء من إقليم مصر. ومعنى ذلك أنه ليس في مقدور السيسي التوجه إلى استفتاء حقيقي أو صوري لتمرير مخططه. ذلك أن الشعب قيّد نفسه، وبالتالي ممثليه، عن التنازل عن السيادة على أراضٍ مصرية. ولن يجدي النظام نفعاً مناقشة الاتفاقية مع السعودية وتمريرها في البرلمان، لأن الدستور يمنع إبرام المعاهدة، وليس فقط إقرارها. وبالتالي، لا تحتاج المحكمة انتظار قرار البرلمان للخوض في دستورية قرار الحكومة. لذا، سيكون الحل
تحكيم دولي
وفي هذا السياق، لن يجدي نظام الحكم التحجّج مستقبلا بقرار تحكيم دولي، وهو ما كثر الحديث عنه بعد قرار المحكمة الإدارية العليا، خصوصاً من السعودية، ذلك أن المحكمة استبقت مثل هذا التحكيم من عدة جوانب.
أولا، قرّرت أن هذا الأمر متعلق بنزاع وطني وداخلي لا بنزاع دولي. ومن هنا، مهما كانت التزامات مصر الدولية، فإن على الحكومة احترام القيود الدستورية، وإذا كانت الحكومة قد تعهدت بالتزاماتٍ مخالفة للدستور، فإن التزاماتها باطلة، لأنها خرجت عن علاقة الوكيل بالموكل.
ثانياً، قامت المحكمة في هذا السياق بالتذكير بتحفّظ مصر على معاهدة فيينا لقانون المعاهدات 1969، ووفقا لهذا التحفظ، فإنه إذا تعهد مسؤول ما باسم مصر بدون توفر الشروط التي تخضع لها موافقته، فلا يترتب أي أثر قانوني على هذه الموافقة.
ثالثا، أوردت المحكمة شواهد ممارسة مصر سيادتها على الجزيرتين وفقا للاتفاقيات والعلاقات الدولية من ناحية، وبتطبيق قوانينها وأنظمتها الداخلية عليهما من ناحية أخرى.
رابعاً، أشارت المحكمة إلى عدم توافر أدلة على ممارسة السعودية السيادة على الجزيرتين، أو منازعتها مصر عليهما في السابق، ولا على أن السيادة المصرية عليهما بمثابة مؤقتة أو عارضة كوكيل للسعودية. وخلاصة الأمر، فإنه وفقا للمحكمة "سواء تعلق الأمر بتحديد الحدود لمصر والسعودية كعملية قانونية، أو ترسيم الحدود بينهما كعملية فنية، فإنه بأمر الدستور المصري محظور عليها"، أي الحكومة (وكافة سلطات الدولة اللجوء إليهما بشأن التخلي عن جزيرتي تيران وصنافير)، وبذلك تكون المحكمة قد أحكمت قيد الدستور على يدي السيسي أشدّ الإحكام، وقلّصت من خيارته ضمن النظام الدستوري القائم.
دور النضال القانوني
الأمر الثاني الذي تجدر الإشارة إليه دور المحامين والقضاة. من ناحية، تواصل التراشق الحاد بين المحاكم المصرية، فقد كانت محكمة الأمور المستعجلة قد تعدّت على صلاحية مجلس
من ناحية أخرى، يظهر المحامون والقضاة من جديد بديلاً للمعارضة السياسية، ففي ظروف القمع والاستبداد، تم حظر حركات وأحزاب معارضة، مثل "الإخوان المسلمين" وحركة شباب 6 إبريل، وتم اعتقال نشطاء كثيرين، وملاحقة الجمعيات الحقوقية بسبب تمويلها الأجنبي. وعلى الرغم من إلغاء المحكمة الدستورية العليا مادة واحدة من قانون التظاهر، إلا أنها أبقت على باقي المواد، ولم تمنع استمرار مفعوله القمعي. وفي هذه الظروف من انكماش الهامش السياسي الشرعي لمعارضة نظام الحكم، وانعدام وجود معارضة برلمانية جدية، يصبح النشاط القانوني والقضائي أحد المخارج الوحيدة المتبقية لمقاومة النظام الغاشم، أي أن تسييس القضاء من المعارضة يصبح ملاذاً للرد على قوننة السياسة من نظام الحكم.
وتلفت الانتباه، في هذا السياق، حدة المحكمة في نقدها تقدير السلطة السياسية وقرارها، ما يتماشى مع ازدياد تململ الرأي العام ضد نظام السيسي، وازدياد عدم الثقة بسياساته، فقد قالت المحكمة إن قرار نقل السيادة "خطأ تاريخي جسيم، غير مسبوق، يمسّ كيان تراب الوطن"، وهدر لدماء المصريين الذي دافعوا عن التراب، ويشكل تنازلاً عن حقوق مصر وتهديداً للأمن القومي المصري، وإضراراً بمصالحها الاقتصادية. ودعت المحكمة النظام إلى قراءة التاريخ وعدم إغفال الأهمية الاستراتيجية للجزر.
سيادة الشعب لا سيادة الحاكم
الأمر الثالث الذي يلفت الانتباه هو النقاش المستفيض لمفهوم السيادة. ويدل هذا النقاش على أن بعض المبادئ التي جاءت بها ثورة يناير قد نجت، واستمرت في الحياة، على الرغم من
ولا شك في أن هذا التأكيد على سيادة الشعب، وعلى سمو الدستور في ظل "الدولة القانونية"، سيقوم بتعميق أزمة النظام السياسي المصري منذ إطاحة حسني مبارك، ففي هذه الدولة القانونية، تقول المحكمة، "ممارسة السلطة لم تعد امتيازاً شخصيا لأحد".
من هنا، فإن خيارات السيسي الآن أحلاها مرّ، فإذا تجاهل قرار المحاكم أو غيرّ الدستور لتجاوز قراراتها، فإنه سيزيد من أزمة شرعية حكمه وسيزيد من خصومه. وإذا انصاع لقرارات المحاكم، فإنه سيضطر إلى التراجع عن اتفاقه مع السعودية، وعن إخطاره إسرائيل ودولاً أخرى بهذا الاتفاق، ليزيد من تعقيد علاقته مع السعودية، ولتبدو عشوائية سياساته الخارجية للقاصي والداني من جديد.