تونس 2018: حسابات جديدة

25 ديسمبر 2017
أكد الغنوشي تمسّك حركته بالتشاركية كسبيل لتقاسم أعباء التغيير(الأناضول)
+ الخط -

تمرّ الحالة السياسية التونسية هذه الأيام بحالة قلق كبيرة تطرح أسئلة مهمة عن مستقبل المشهد ككل، وتحيل إلى متغيّرات ستطرأ على الوضع السياسي قريباً، إذ تعتبر مكوّناته أن سنة 2018 هي إعلان عن بدء الاستعداد فعلياً لما يعتبره التونسيون تقييماً سياسياً أول جدياً للثورة وما قد تستقر عليه من أوضاع، أي انتخابات 2019 التشريعية والرئاسية.

ولا يبدو هذا خاطئاً تماماً، لأن هذا العام في بداياته سيطلق الإعداد للاختبار الأول، الانتخابات المحلية، التي تعتبرها كل الأحزاب مقياساً لشعبيتها، ومؤثراً مهماً على صورتها في الانتخابات الموالية، ولذلك فهي تفكر أولاً في تقليص أخطائها قبل انتصارها، خصوصاً بعد ما اعتبرته كل الأحزاب الخاسرة في ألمانيا إنذاراً بالأسوأ القادم.

ولكن العام المقبل سيكون اختباراً للجميع على المستويين الاجتماعي والاقتصادي خصوصاً، إذ سيحدد الشعب عملية الفرز على قاعدة أوضاعه العائلية ومدى تحسّنها أو تراجعها، وليس كما تتوهّم الأحزاب على مواقفها. ولذلك، بدأ بعضهم في القفز مما يعتبرونه "مركباً غارقاً بالضرورة"، والنأي بأحزابهم عن إمكانية تدهور الأوضاع الاجتماعية، فيما يرى رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، في استراتيجية تواصلية جديدة أنه سيكون عاماً جيّداً تتحسّن فيه الأحوال.

وفي المقابل، سيختبر 2018 مقياس التوافق بين "النداء" و"النهضة"، ومدى صلابته أمام ما يعتبره راشد الغنوشي (رئيس النهضة) ورؤوف الخماسي (أحد أبرز المدافعين عن التوافق في النداء)، استهدافاً للثورة وضرباً للاستقرار.

واعتبر الغنوشي، السبت الماضي، أن "الحركة متمسكة بالتوافق منهجاً لإدارة الخلاف، وبالتشاركية سبيلاً لتقاسم أعباء التغيير، على الرغم من الكلفة الباهظة لهذه الخيارات على مستوى صورتها وشعبيتها"، في إشارة إلى الجميع بأن النهضة خاسرة أيضاً في هذا الخيار الصعب، ولكن استقرار البلاد أهم. وأضاف أنه "رغم أهمية ما أنجزه التوافق لتونس، فإنه يبقى مهدداً بنوازع الإقصاء والاستئصال لدى البعض، الذين لم يقبلوا التعدد ويواصلون إصرارهم على فرض التعامل مع النهضة باعتبارها حالة أمنية، وعلى إلباسها ثوب الإرهاب".

واعتبر الخماسي أن تحميل التوافق الوطني مسؤولية النتيجة في ألمانيا "مدعاة للسخرية"، منبهاً من "استدراج الأحزاب لمغامرات سياسية غير محسوبة العواقب". ولكن عدداً كبيراً من قواعد الحزبين ترى رأياً آخر، وربّما تعتقد بعض قياداتها أن وقت الانفصال وفك الارتباط قد حان، عشية الانتخابات القريبة، وبداية شحذ الأسلحة القديمة والجديدة، استعداداً لما يظنه كثيرون "أم المعارك".

المساهمون