تونس وصعوبة "الانقلاب" على الديمقراطية

04 ديسمبر 2014
السبسي مضطر لنسج التحالفات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
بدأ حزب نداء تونس يكشف عن الأسلوب الذي سيعتمده في إدارة الشأن العام. وهو يحاول أن يبتعد إلى حد ما، عن ما راج عن نية الحزب وقيادته في احتكار السلطة والانقلاب على العملية الديمقراطية، وخصوصاً أن ميزان القوى على الأرض لن يسمح له بذلك حتى لو أراد الانفراد بالقرار. هذا ما أثبتته التركيبة الجديدة لمجلس النواب، فحزب نداء تونس لا يملك الأغلبية، وهو ما يفرض عليه التنسيق مع حزبين آخرين يتمتعان بـ23 مقعداً، وبما أن "النداء" يملك 85، ويصبح بذلك المجموع 109 مقاعد، وهي الأغلبية المطلوبة لتمرير الحكومة المقبلة. مع ذلك، يجب على "النداء" أن يسعى لكي تكون القاعدة البرلمانية أوسع من ذلك ليضمن استقراراً لحكومته، وأيضاً عدم الارتهان لأي طرف قد ينقلب عليه في المستقبل.

هذا هو الإطار البرلماني الذي وجده حزب الباجي قائد السبسي، والذي عليه أن يتكيف معه. وعلى ضوء ذلك، يمكن فهم السبب الذي جعله يترك جلسة البرلمان مفتوحة منذ الحظة الأولى، رغم الجدل القانوني والسياسي الذي ترتب عن ذلك. وقد أرادت حركة "النهضة" أن تكون رئاسة البرلمان من حصتها، في مقابل تنازلات كانت تنوي تقديمها لـ "النداء"، لكن ذلك لم يتحقق بعد، لأن هذا الأخير كان ولا يزال حريصاً على أن تكون رئاسة المجلس النيابي له، في مقابل التفاوض على مساعدي الرئيس.

وفي الوقت نفسه، آخر ما يريده "النداء" هو إغضاب "الجبهة الشعبية" اليسارية، وهو ما يفسر الزيارة التي قام بها السبسي إلى مقر الجبهة. هذا دون إهمال شريكين محتملين هما الاتحاد الوطني الحر الذي يشكل الكتلة الثالثة في البرلمان، وكذلك كتلة حزب آفاق تونس الذي يتهيأ للمشاركة في تركيبة الحكومة.

وتنشغل قيادة حزب النداء هذه الأيام، بهمَّين: من جهة أولى، العمل على عدم بعثرة المشهد البرلماني الذي سيشكل قاعدة أساسية لإدارة المرحلة المقبلة، ومن جهة أخرى يريد الحزب أن يحسم نتائج الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية لصالح السبسي. هكذا، يتبين أن مسألة "الانقلاب على الديمقراطية" تبقى إلى حد الآن فرضية، لكن المؤكد أيضاً أنه في المقابل، تتوفر عوامل عديدة من شأنها أن تنجح في قطع الطريق أمام محاولات "الردة" السياسية. فالشراكة السياسية ستمثل قاعدة السلطة، وهو ما سيوفر فرصة هامة للمعارضة والمجتمع المدني للدفاع عن الحقوق والحريات بشكل فعال.