تونس: مشروع قانون لحماية العاملات في المنازل

04 سبتمبر 2020
تنامى في أرياف تونس نشاط السماسرة وتشغيل القاصرات(كريستوفر فرلونغ/Getty)
+ الخط -

تستعد تونس لإطلاق مشروع قانون ينظم العمل في الخدمة المنزلية، وقد يرى هذا المشروع النور قريباً، بعد أن صادقت عليه الحكومة السابقة في شهر أغسطس/آب الماضي. ويذهب المشروع  إلى حد تسليط عقوبات سجنية من شهر إلى 3 أشهر، وغرامات مالية على كلّ من يتوسّط لعاملات في الخدمة المنزلية، خاصة وأنّ عدة محافظات وأرياف تونسية عرفت تنامي نشاط السماسرة وتشغيل القاصرات، ويقترح المشروع غرامة، قدرها 500 دينار (حوالي 200 دولار)، لكلّ مؤجّر لم يقم بإيداع نظير من عقد العمل المنزلي، لدى تفقدية الشغل ولدى مكتب التشغيل، ويحظر تشغيل الأطفال كعملة في المنازل والتوسّط في ذلك، وفقاً للعقوبات الواردة بالقوانين المعمول بها.
ويأتي هذا المشروع لتنظيم العمل في الخدمة المنزلية ولضمان حقوق العاملات في العمل اللّائق والكرامة، وفق ما ينصّ عليه الدستور التونسي والمعايير الدولية. ويدعو إلى أنّه في حال العمل  في نطاق الخدمة في المنازل بالإقامة، فإنّه لا بد من توفير السكن اللّائق والغداء، ومساعدة العاملة أو العامل على التعلّم والتكوين المستمر.

وبحسب رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، المحامية راضية الجربي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، فإنّ مشروع القانون الجديد مهم لأنّ من شأنه الحدّ من تشغيل الأطفال واستغلال القاصرات في العمل المنزلي، وقطع الطريق أمام السماسرة وكلّ المتاجرين بجهود النساء، وخاصة المنحدرات من أوساط فقيرة ومن مناطق مهمشة، واللواتي لا يجدن أيّ فرص عمل أمامهن سوى التنقّل للمدن والعمل في المنازل.
وأضافت أنّ أهم جانب في هذا المشروع، هو أنّ الردع لن يشمل السماسرة والوسطاء الناشطين في تشغيل القصر فقط، بل أيضاً العائلات التي تقبل تشغيل بناتها في خدمة  المنازل، وهنّ في سنّ لا يسمح لهن بالعمل، وأيضاً المشغّلين، أيّ جميع الأطراف المتدخلة في شبكات الاتجار بالبشر.
وأضافت الجربي أنّ الردع ووضع الآليات الزجرية والعقوبات المنصوص عليها بهذا المشروع هام للغاية، من أجل حماية الفتيات حتى لو لم يكن قاصرات، وتنظيم ساعات العمل وتمكينهنّ من عطلة ومن راحة أسبوعية وأجر أدنى، مع ضرورة الإعلام عن التشغيل لتسهيل عملية المتابعة وكيفية تشغيلهنّ في البيوت وخلف الجدران المغلقة.

المرأة
التحديثات الحية

وتابعت المتحدّثة أنّ "هذا المشروع،كأيّ مشروع آخر، ستعترضه عدة صعوبات، ولكن يؤمل تلافي النقائص حول كيفية تمكين الأطراف الحكومية من إجراء عمليات المراقبة داخل البيوت، والأطراف التي يخوّل لها القانون التفقد وهم مفتقدو الشغل لدخول البيوت، وما يتطلبه ذلك من تكوين وتأهيل"، وأشارت إلى أنّ عدّة مسائل تحتاج للشرح والتدقيق.
وأضافت أن الاتحاد بصدد القيام ببرنامج للحدّ من الأمية، وفِي الإطار نفسه القيام بدراسة بالتعاون مع منظمة دولية حول العاملات في المنازل وربّات البيوت، وسيتم نشر نتائجها قبل نهاية 2021، مؤكّدة أنّ هذه الدراسة قد تساعد في الخروج بتوصيات لمساعدة النساء والحدّ من الانتهاكات الحاصلة.
وكشفت الجربي أن لا أحد يمكن أن يتكهّن بما يحصل خلف الجدران، ولكن هناك عدة انتهاكات من تحرّش واستغلال في ساعات العمل، ووضع الأعباء على فتيات صغيرات، يتولّين تربية الأبناء وتنظيف المنزل، وأضافت أنّه هناك أعمال تفوق طاقة البعض، والاستغلال يشمل كثيرات ولا بد من تنظيم العمل المنزلي. إذ إنّ تونس في حاجة ماسة لمثل هذا القانون لأنّ في غيابه لا يمكن الردع ولا النظر في النقائص. وبالتوازي مع هذا القانون، يجب العمل على خلق بدائل للتكسّب خلافاً للعمل في البيوت، وتطوير منظومة التكوين المهني والتعليم، للحدّ من التسرّب المدرسي، حيث إن 110 آلاف تلميذ يغادرون سنوياً مقاعد الدراسة، أغلبهم من الفتيات، وهذا العدد في ارتفاع، وفِي غياب أفق للعمل، يلجأن إلى العمل في البيوت، ما يستدعي تنظيم القطاع. 
وبالعودة إلى مشروع قانون تنظيم العمل في الخدمة المنزلية، فإنه يحظر تشغيل الأطفال كعملة في المنازل أو التوسّط في ذلك، واشترط المشروع  قنوات محدّدة للتوسّط في تشغيل البالغين وهي التشغيل المباشر، أو عن طريق مكاتب التشغيل والعمل المستقل أو عن طريق مكاتب إسداء الخدمات،كما اشترط إبرام عقد بين الطرفين لتوفير ضمانات للأجير والمؤجر، ودعا للقطع مع كل إمكانية للاستغلال أو التعسف في استعمال المؤجر لحقه في الرقابة والإدارة في العلاقة الشغل، والنصّ أيضاً على وضع نموذج للعقد، بموجب قرار مشترك بين الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية والوزير المكلف بالتشغيل.
وتم النصّ على جملة من العطل والراحة (الأسبوعية والسنوية والاستثنائية والأعياد الوطنية والدينية) مع مراعاة خصوصية عاملات المنازل، والتمتع بعطلة الولادة وساعة الرضاعة، وأكد المشرّع على أنّ العطل والراحة غير موجبة للطرد، ويواصل العامل التمتع فيها بجميع حقوقه المضمونة قانوناً.

المساهمون