يضع ضعف التزويد بالماء في مدارس الريف في تونس تلاميذ المناطق الخارجة عن شبكة التغطية المائية في مواجهة مباشرة مع خطر فيروس كورونا، بسبب غياب أدنى تدابير الوقاية التي تعتمد على الماء والصابون.
ويمثّل غياب الماء وانعدام إمكانية الغسل الدوري لليدين مصدر قلق لدى السلطات الصحية ونقابات التعليم التي انتقدت البروتوكول الصحي للعودة المدرسية المصادق عليه أخيراً.
وقالت النقابة العامة للتعليم إنّ العودة المدرسية محفوفة بالمخاطر، وإنّ وزارة التربية لا تملك الأموال الكافية لتطبيق البروتوكول الصحي، مبدية قلقها على صحة الطلاّب والمدرّسين.
وقال كاتب عام نقابة التعليم الثانوي الأسعد اليعقوبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ البروتوكول الصحي، الذي وقّعت عليه 6 وزارات، بعيد كلّ البعد عن واقع المؤسسات التربوية التي تشهد ضعفاً بالتغطية بالمياه وغياب دورات المياه المؤهّلة، وعمّال النظافة الذين يسهرون على تأمين جزء مهم من البروتوكول، وفق قوله.
وأضاف اليعقوبي أنّ المؤسسات التعليمية في الوسط الريفي قد تكون عرضة لانتشار الفيروس لانعدام وسائل الوقاية، مطالباً السلطات بتوجيه عناية أكبر لهذه المناطق، وتوفير مخصّصات استثنائية لتدارك النقص قبل العودة المدرسية، حتى لا تتحوّل المدارس والمعاهد إلى بؤر وباء حسب تقديره.
وتشكو نحو 10 بالمائة من مدارس تونس، في ريف البلاد، من غياب الماء، حسب بيانات رسمية لإدارة حفظ الصحة والمحيط بوزارة الصحة لعام 2017.
وأظهرت نتائج مسح وطني حول وضعية حفظ الصحة في المدارس الابتدائية أنّ 9.3 بالمائة من مجموع المدارس التي شملها المسح غير مزوّدة بالمياه الصالحة للشرب، وأنّ هذه النسبة ترتفع إلى 30 بالمائة في محافظتي جندوبة وسليانة (مصنّفتان ضمن المحافظات ذات الانتشار الواسع للفيروس).
كذلك سجّل المسح غياب الصابون بنسبة 61.9 بالمائة في المدارس، فيما ترتفع هذه النسبة إلى 83.5 و72.5 و70.8 بالمائة في محافظات القيروان وتونس وقابس على التوالي.
وقالت إدارة حفظ الصحة والمحيط إنّ غياب الماء والصابون في الوسط المدرسي له انعكاس سلبي على الرفاه فيه، كما يتسبّب في زيادة الإصابات بالتهاب الكبد الفيروسي صنف "أ" والتغيّب عن الدروس.
وأطلقت الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل نداءً مجتمعياً إلى كلّ المعنيين في الشأن التربوي، من أجل تمكين التلامذة من العودة المدرسية 2020-2021 في موعدها الرسمي، الذي حدّدته وزارة التربية يوم 15 سبتمبر/ أيلول المقبل.
وقال رئيس الجمعية معز الشريف أنّ حوالي ثلث المؤسسات التربوية في تونس تفتقد إلى التزوّد بالماء الصالح للشرب، ولذلك سيتم توفير صهاريج ماء في المدارس في المناطق النائية، من أجل توفير حدّ أدنى من الضمانات الصحية للوقاية من الفيروس، بمساعدة السلطات الجهوية والمحلية.
وأعلن الشريف في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أمس السبت، عن مشاركة المجتمع المدني في إشعار السلطات المعنية في حال لم يتم احترام الشروط الدنيا للوقاية من الفيروس في هذه المدارس التي تفتقر للضروريات الأساسية.
ويضع البروتوكول الصحي للعودة المدرسية، المصادق عليه مؤخراً، غسل اليدين ضمن المرتبة الأولى في تدابير الوقاية، فيما يكشف واقع مدارس الريف ضعفاً شديداً في توفير أدنى مقوّمات السلامة، وعجزاً عن تطبيق الحد الأدنى من توصيات البروتوكول.