وباشرت لجنة التشريع العام، أمس الأربعاء، النظر في هذه المبادرة، التي تضمنت أربعة فصول، في إطار رؤية الحكومة لحل الأزمة، لكنها أثارت انقساما في الآراء بين نواب اللجنة بين داعم للمبادرة ومن يعتبرها محاولة جديدة لوضع يد الحكومة على المجلس الأعلى للقضاء.
وتنص مبادرة الحكومة على أن يتم تعديل القانون المتعلق بإرساء المجلس الأعلى للقضاء بتخفيض النصاب القانوني لاجتماع المجلس إلى الثلث عوض النصف، وفي حالة وجود شغور بالمجلس الأعلى للقضاء، أو بأحد المجالس القضائية الثلاثة المكونة له، يتم انتخاب رئيس ونائب رئيس مؤقتين يمارسان مهامهما إلى حين تجاوز حالة الشغور وانتخاب رئيس ونائب له، وأن تتم الدعوة لانعقاد أولى جلساته من طرف رئيس البرلمان في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ دخول مشروع القانون حيز التنفيذ، ولا تكون هذه الدعوة قابلة للطعن بأي شكل من الأشكال.
ووصف وزير العدل، غازي الجريبي، خلال جلسة الاستماع، ما اقترحته الحكومة بـ"المبادرة التشريعية التي تسمح بحل الأزمة"، مشددا على أنها "لا ترمي إلى تدخل السلطة التنفيذية في المجلس الأعلى للقضاء". كما عبر عن استعداد الحكومة لسحب المبادرة "إذا ما توصلت الأطراف القضائية إلى حل توافقي قبل مناقشتها في الجلسة العامة بالبرلمان".
وأوضح الجريبي أن "الحكومة اضطرت إلى تقديم المبادرة بعد أن تفاقمت الأزمة واستحال عقد اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء، خاصة بعد أن طالبت 5 هياكل نقابية قضائية رئيس الحكومة بعدم التوقيع على الترشيحات التي قدمتها الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي لتعويض الوظائف القضائية السامية الشاغرة، والتي أعاقت انعقاد المجلس".
وقدمت جمعية القضاة التونسيين تحفظاتها بشأن المبادرة التشريعية، وعبرت عن رفضها لها، معتبرة أنها "تكشف رغبة السلطة التنفيذية في وضع اليد على المجلس الأعلى للقضاء".
وقالت رئيسة الجمعية، روضة القرافي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المبادرة في كل تفاصيلها تكشف التداخل بين السلط، فـ"بالإضافة إلى لجوء الحكومة إلى تعديل القانون ورفضها مبادرة قضائية قدمها القضاة، وتحظى برضاهم، فإن دعوة رئيس البرلمان إلى انعقاد جلسات المجلس الأعلى للقضاء مخالف لما ينص عليه الدستور من حيث الفصل بين السلطات".
وأضافت: "يقترح التعديل، أيضا، أن تتم الدعوة لاجتماع المجلس بالثلث أو بمن حضر في حال تعذر تحقق الثلث، وهذا أمر مرفوض، لأنه يمس من سلامة عمل المجلس ويضعف قراراته التي قد يتخذها 7 من أصل 45 عضوا، ويجعله عرضة للضغط السياسي والاختراق"، معتبرة ذلك "أمرا خطيرا للغاية ومرفوضا تماما".
وتنقسم آراء نواب لجنة التشريع العام حول المبادرة. ففي الوقت الذي ترفضها المعارضة، التي تدعم موقف جمعية القضاة التونسيين، اعتبر نواب الائتلاف الحاكم أن "انسداد أفق حل الأزمة من داخل المجلس الأعلى للقضاء كان الدافع الأول للحكومة والبرلمان من أجل إيجاد حل بديل يضمن تنصيب المجلس وانطلاقه في العمل"، بحسب ما ذكر رئيس اللجنة، الطيب المدني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، مبينا أن "المبادرة قيد النقاش وسيتم الاستماع لجميع الأطراف، بما فيها أعضاء المجلس، من أجل الخروج بصيغة تنهي النزاع".
في المقابل، أفادت النائب عن "التيار الديمقراطي" المعارض، سامية عبو، "العربي الجديد"، بأنه "من غير المنطقي الحديث عن حل أزمة من قبل الحكومة، في حين أنها من كانت سببا في اندلاعها، عبر الزج بالمجلس في سلسلة من الأزمات، آخرها هذه المبادرة، لتنتهي في نهاية المطاف إلى إرساء مجلس ضعيف ومهزوز ومعد على المقاس، يتيح المجال للتدخل فيه من قبل السلطة التنفيذية".
وأوضحت عبو، في السياق ذاته، أن "الحل جاء من القضاة، لكنه لم يلق تجاوبا من الحكومة رغم موافقة أبناء القطاع عليه، إذ تعمدت تجاهله وتقديم حل بديل يخدم مصالحها في خلق مجلس ضعيف".