تونس : عاطلون في شباك عقود التشغيل الوهمية

18 فبراير 2018
احتجاجات سابقة ضد البطالة في تونس (الأناضول)
+ الخط -

يغذّي تهافت الشباب التونسي على عقود التوظيف في الخارج جشع شركات توظيف تنشط على شبكات التواصل الاجتماعي تبيع الشباب عقوداً وهمية بعد أن تأخذ منهم آلاف الدينارات مقابل عقود لا سند قانوني لها.

وانتبهت السلطات التونسية أخيراً، إلى تفاقم عدد الشركات الوهمية التي تنشط في هذا المجال واعدة الشباب العاطل عن العمل بفرص توظيف في دول خليجية وأوروبية عبر عقود يقع بيعها بأسعار تتراوح بين ألفين وخمسة آلاف دينار (الدولار = 2.4 دينار).

وأكد عضو البرلمان التونسي، ماهر مذيوب، أنه تم أخيرًا، تداول معلومات عن وقوع نحو 5 آلاف تونسي في شباك مكاتب تشغيل محتالة ليجدوا أنفسهم في وضعية غير قانونية في الخارج، وخاصة في دول الخليج.

وقال مذيوب في حديث لـ"العربي الجديد"، إن عقود الدولة مطالبة بتفعيل القنوات الرسمية لتوفير عقود عمل للتونسيين في الخارج وقطع الطريق على الشركات التي تستغل حاجة الشباب التونسي للعمل لتسويق عقود وهمية، حسب تعبيره.

وبسبب تفشي ظاهرة التوظيف الوهمي أعلن وزير التشغيل والتكوين المهني، فوزي عبد الرحمان، عن نية الوزارة عرض مشروع قانون على البرلمان ينظم عمل شركات التوظيف في الخارج لحماية الشباب من الوقوع في براثن المحتالين.

وقال عبد الرحمان إن "الوزارة تعمل على وضع إطار قانوني جديد ينظم عملية التوظيف بالخارج من قبل المؤسسات الخاصة سيقع عرضة على مجلس نواب الشعب".

وأكّد وزير التكوين المهني والتشغيل في تصريحات إعلامية "أنّ 6 مؤسسات ناشطة في مجال التشغيل غير القانوني بالخارج عبر عقود وهمية من بين 35 مؤسسة بادرت في وقت سابق بالاتصال بوزارة التكوين المهني والتشغيل لتسوية وضعياتها".

وأضاف: "أجلنا شكاوى ضدّ هذه المؤسسات لوزارة الداخلية من أجل تنفيذ قرارات غلق، لكن أغلب هذه المؤسسات لا يتم غلقها نظراً لغياب نص قانوني للقيام بالضابطة الإدارية للغلق''.

ويدفع انحسار سوق العمل في تونس وقلة فرص التوظيف في القطاع العمومي الشباب إلى البحث عن بدائل في الدول الأجنبية دون التثبت من الضمانات الكافية التي تمكنهم من ضمان حقوقهم في عقود شغل تحترم قوانين العمل.

ويبحث الشباب التونسي عن بدائل عمل في الأسواق الخارجية بسبب تعطل آلة الإنتاج الخالقة لفرص العمل في البلاد وتعليق الحكومة للتوظيف في القطاع الحكومي إلى أجل غير معلوم. وحسب تقارير رسمية، يبلغ عدد العاطلين عن العمل في تونس 665 ألف عاطل، من بينهم 250 ألفاً من حاملي الشهادات الجامعية، وفي المقابل، تضاعف عدد موظفي القطاع الحكومي 16 مرة منذ الاستقلال، إذ ارتفع من نحو 36 ألفاً عام 1956 إلى أكثر من 690 ألفاً عام 2017.

وتعتبر السلطات التونسية أن البحث عن بدائل لتشغيل شبابها في دول أجنبية من الحلول المهمة التي يمكن التعويل عليها عبر القنوات الرسمية، غير أن تشتت الجهود وغياب القنوات الرسمية الواضحة لتوفير هذا الصنف من العقود فسح المجال أمام الشركات الخاصة لنشاط غير قانوني، فيما تذهب السلطات القضائية إلى أن هذه العقود الوهمية أو غير الواضحة صنف من أصناف الاتجار بالبشر.

ولا تسمح نسبة النمو التي يحققها الاقتصاد التونسي حاليًا إلا بتوفير 70 ألف فرصة عمل سنوية بحسب خبراء الاقتصاد ما يغذي رغبة الشباب العاطل عن العمل في الهجرة ولو بطرق غير شرعية بحثاً عن أفق أرحب.

ويرى رئيس منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مسعود الرمضاني، أن نشاط شركات التوظيف الوهمي تستغل حالة الإحباط واليأس التي تسود في تونس لبيع الأوهام، مشيراً إلى أن نحو 3500 تونسي هاجروا في إطار غير شرعي سنة 2017.

ودعا الرمضاني في تصريح لـ "العربي الجديد" وزارة التشغيل والتكوين المهني لتفعيل آليات مراقبة مكاتب التشغيل الخاصة قبل وبعد منحها رخص النشاط إلى جانب التدخل لفائدة الشباب الذين وقعوا في شباك الشركات المحتالة سواء بمساعدتهم على الحصول على وظائف في الدول التي هاجروا إليها أو مساعدة العالقين منهم على العودة إلى تونس.

وفي تصريح سابق لوكالة الأنباء الرسمية "وات" أكد كاتب الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج، عادل الجربوعي أنه تمت، حتى الآن، تسوية وضعية 130 تونسياً من بين 200 وقعوا ضحية احتيال بعض مكاتب التشغيل بالخارج كانت مكنتهم من عقود شغل وهمية.

وأضاف المسؤول الحكومي، أن هناك 200 حالة وقع التغرير بهم عن طريق تمكينهم من عقود شغل وهمية"، مضيفاً أنه يتم حالياً البحث عن حلول لنحو 70 شخصاً آخرين وقعوا في شباك احتيال بعض مكاتب التشغيل والهجرة". ولا توجد أرقام رسمية حول عدد الضحايا المغرر بهم أو من وقع إيهامهم بعقود لا وجود لها في الواقع.


المساهمون