أبرزت الجلسة العامة المخصصة لمناقشة ميزانية وزارة التربية في تونس، أمس الجمعة، حجم الهوة بين أحزاب الحكم والمعارضة، والتناقض في آراء الطرفين بخصوص تقييم أداء وزير التربية، ناجي جلول.
وتركز صراع المداخلات والتصريحات أساسا على الخلاف مع الاتحاد العام التونسي للشغل، وتحديدا نقابتي التعليم الأساسي والثانوي المنضويتين تحته، إذ وجهت المعارضة اتهامات مباشرة إلى الوزير باختلاقه خلافا مع النقابات، معتبرة أن النهج الصدامي، الذي اعتمده سيكون في صالح منظمة الشغيلة لا محالة.
في المقابل، ردّ نواب الائتلاف الحاكم على ما اعتبره اصطفاف المعارضة مع النقابات في التحضير المسبق لمؤتمر الاتحاد، ومحاولة كسب تعاطف المنخرطين فيه لفائدة تيارات سياسية داخله، والتغافل عن إصلاحات الوزير جلول التعليمية، مشيرين إلى هجمة بعض النقابيين "اللاأخلاقية" ضده.
وكان متوقعا أن يلاقي الوزير هذا الكم من النقد والتجاذب، وحملة مناصرة من المؤيدين والداعمين له قبل يوم من الجلسة المخصصة لمناقشة موازنة وزارته، وانعكست نتائجها أمس الجمعة خلال الجلسة التي امتدت على كامل الفترتين الصباحية والمسائية.
وكان النائب عن الجبهة الشعبية، عمار عمروسية، مباشرا للغاية في مخاطبته وزير التربية ونواب الائتلاف، معقبا على الاتهامات بالاصطفاف والتجييش، بالقول: "فليعلم الوزير ونواب حزبه أن الاتحاد العام التونسي للشغل شريك أساسي في الإصلاح التربوي، وفي إدارة البلاد. وكل حكومة أو ائتلاف حاكم اشتبك مع الاتحاد خرج من النوافذ الصغرى"، مضيفا ''هناك من يستعمل مبدأ (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) متجاهلا أن هناك أزمة حقيقية في المجتمع ومرآتها هي التربية والتعليم، ومن المفروض أن يكون الإصلاح التربوي تشاركيا يكون الرأي فيه أولاً للبرلمان، وللنقابات كذلك".
ورأى النواب الندائيون (كتلة النداء) أن التجييش الحاصل يقف وراءه التيار القومي الذي ينسق مع النقابات، متهمين الوزير الأسبق للتربية، وعضو البرلمان حاليا، سالم لبيض، بالوقوف وراء الاضطرابات في القطاع وتقديم نفسه كبديل للوزير الحالي.
واسترسل رئيس كتلة "النداء"، سفيان طوبال، قائلا إن "لبيض رشح نفسه لقيادة الوزارة بدل جلول، ويتهمه بوجود فساد في الوزارة، في حين أنه لم ينجح في مقاومته(الفساد) عندما كان في نفس الموقع"، مشيرا إلى أن أطرافا سياسية عمدت إلى التحريض ضد جلول، وخلقت صراعا داخل المدرسة، واستخدمت التلاميذ في تصفية حسابات سياسية ضيقة معه.
وتابع طوبال أن "على الاتحاد العام التونسي للشغل أن يحفظ حياديته، واستقلاليته عن جميع الأطراف السياسية"، مطالبا وزير التربية بالكشف عن الجانب النقابي الذي شارك واتفق مع الوزارة على الإصلاح التربوي، ليحتج على الاتفاق لاحقا.
ونفى النائب عن الكتلة الديمقراطية، سالم لبيض، في حديث مع "العربي الجديد" وجود أية لقاء له مع النقابات، أو التحضير لمؤتمرها المقبل كما يروج نواب "النداء". وقال: "هذا التأويل يتضمن تحقيرا من قيمة الاتحاد العام التونسي للشغل، ونقابات مناضلة على غرار نقابتي التربية والتعليم، ولا يمكن ربطها بشخص أو بحدث معين".
وشدد لـ"العربي الجديد" على أن "المسألة لا تتعلق بهيكل نقابي، وإنما بأزمة بين الوزارة وقطاع بأكمله، إذ انتفض ضده 30 ألف معلم وأستاذ، مما يعني أنه مدعو إلى إصلاح وزارته وإدارته".
غير أن جلول الذي تجند حزبه للدفاع عنه، بدا أقل حدة في الرد على انتقادات المعارضة، مكتفيا بالقول: "الأمر يقتصر على إصلاحات أنجزت في وضع سياسي معقد وعلى جميع الأصعدة، لم يتفهمها الإطار التربوي كما يجب". ويعوّل جلول على وعي المربين ونقاباتهم أيضا، وتجاوز هذا الغليان والعودة مجددا إلى لجان الإصلاح من أجل مواصلة ما أنجز، معبرا عن حاجته إلى دعم التونسيين والطبقة السياسية أيضا.
ووصف "الشعارات التي رفعت ضده بالتجاوزات التي لا يمكن اعتبار النقابات مسؤولة عنها"، وإنها "لن تحول دون الشراكة معها".