تونس: صراع القضاة والمحامين يشلّ مرفق العدالة

25 فبراير 2014
نقابة القضاة دعت الى تدخل عاجل للحكومة
+ الخط -


دخل قضاة تونس، أمس الاثنين، في إضراب عام عن العمل شمل جميع المحاكم والهيئات القضائية احتجاجاً على ما اعتبروه اهانة أحد زملائهم من قبل المحامين بعدما حكم بإيداع احدى المحاميات السجن على خلفية ضلوعها في قضية تحايل؛ حكم دفع الى انطلاق سلسلة من التحركات الاحتجاجية من قبل المحامين توجت بإلغاء قرار الحبس بعد 24 ساعة فقط من صدوره، ليبدأ بعده الصراع الحقيقي بين جناحي العدالة.

ويسعى كل طرف إلى كسر شوكة الآخر، حيث اتهمت هيئة المحامين التونسيين في بيانها القضاة بتجاوز حصانة الدفاع المكفولة دستوريا والتعدي على الاجراءات المنظمة للمهنة، فيما نأى القضاة بأنفسهم عن هذه التهمة، مؤكدين على احترامهم لعلوية القانون.

واعتبرت رئيسة نقابة القضاة، روضة العبيدي، احتجاجات المحامين ضد قضاة التحقيق عملاً ممنهجاً يهدف الى ضرب العدالة، ويخدم أجندات معينة، مؤكدة على إيقاف العمل بكامل محكمة تونس الابتدائية ريثما يتم فتح تحقيق لمحاسبة من تورط في تهديد قاضي التحقيق الذي استنطق المحامية المتهمة بالتحايل.

وأكدت روضة العبيدي خلال ندوة صحفية على سلامة الإجراءات التي اتبعها القاضي في إيقاف المحامية من خلال مراسلته لرئيس فرع هيئة المحامين في مناسبتين اعلمه فيها بالتهم الموجهة للمحامية المتهمة.

وفي ظل هذا التوتر الذي يهز مرفق العدالة التونسية، وخاصة التشكيك في أحكام القضاء، طالبت رئيس جمعية القضاة التونسيين، روضة القرافي، النيابة العمومية بالتعجيل بفتح تحقيق في حادثة تهجم المحامين على قاض التحقيق أواخر الأسبوع الماضي، حيث تجمهر عدد كبير من المحامين بحضور المسؤولين عن هياكل المحاماة، ومارسوا ضغوطات قاسية تمثلت في رفع الشعارات المستفزة، وترديد عبارات منافية للأخلاق، وتمس من اعتبار وكيل الجمهورية، على حد تعبير رئيسة جمعية القضاة.

ووسط تعطيل كامل للمحاكمات وحالة من الاستنفار في صفوف القضاة، نفى المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس، سفيان السليتي، ما جاء في بيان مجلس الهيئة الوطنية للمحامين حول عدم احترام قاضي تحقيق للإجراءات خلال استنطاق المحامية. وأكد أن قاضي التحقيق أنجز جميع الإجراءات، التي يستوجب مراعاتها، بخصوص وجوب إشعار رئيس الفرع بموعد استنطاق المحامية، معبراً عن استغرابه مما وصفه بتحريف وتزييف الهيئة للواقع.

ومن جهة ثانية، أوضح عضو مجلس الفرع الجهوي للمحامين بتونس، حسان التوكابري، أن قاضي التحقيق لم يحترم المرسوم عدد 79 لسنة 2011 الذي ينص على حصانة المحامي، والتي تبقى نسبية نظرا للنقائص الموجودة في هذا المرسوم والتي تضعف حقوق المحامي. وأكد أن عملية إصدار بطاقة إيداع في حق المحامية جاءت مخالفة للقانون الذي يخول وجوب حضور رئيس الفرع الجهوي للمحامين أو من ينوب عنه.

وخلال اجتماع طارئ لدراسة "خطة نضالية" لمواجهة تحركات القضاة، أكد عميد هيئة المحامين، فاضل محفوط، لـ"العربي الجديد" أن القضاة يسيئون فهم مبدأ حصانة الدفاع؛ فالمحامون لا يطلبون حصانة مطلقة بقدر ما يتوجسون لحصانة أثناء ادائهم لمهامهم، على حد تعبيره.

وفي محاولة منه لتهدئة الأجواء، دعا المرصد التونسي للقضاة المحامين والقضاة إلى بحث الأسباب الداعية لتلك الخلافات سواء على المستوى الهيكلي أو الشخصي، والشروع بصفة جدية في معالجة جذرية لمصادر الاحتقان وتأزم العلاقات وذلك بإقرار كل طرف باستقلالية الآخر وبالحقوق الراجعة له في إطار ما يقتضيه القانون.

بدورها، دعت نقابة القضاة الى تدخل عاجل لرئاسة الحكومة لفض النزاع داخل المحكمة، فيما تشبثت هيئة المحامين بالحوار لحل الإشكال المتواصل منذ ما يزيد عن السنتين.