تونس: دعم السبسي يضعضع "الجبهة الشعبيّة"

12 ديسمبر 2014
أرجأت الجبهة مؤتمراً صحافيّاً الثلاثاء لإعلان موقفها النهائي (الأناضول)
+ الخط -
كثُر الحديث، طوال الأيام السابقة، عن تضارب المواقف بين مختلف مكوّنات الجبهة الشعبيّة، الكتلة النيابيّة الرابعة في مجلس نواب الشعب، والتي تضمّ ائتلافاً سياسيّاً من 9 أحزاب وتجمّعات يساريّة وقوميّة وبيئيّة، بالإضافة إلى عدد من المفكرين المستقلين، الذين أسندوا مهمة الناطق الإعلامي باسم الجبهة، إلى الأمين العام لحزب العمال وأحد المترشحين البارزين للرئاسة، حمّة الهمامي.

وبلغ الخلاف في وجهات النظر داخل الجبهة، حدّ التنبؤ بإمكانيّة حدوث انقسام داخلها، بسبب تأخّرها في إعلان موقفها النهائي بشأن الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة. وبرز الخلاف خصوصاً بين موقف قيادة حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، الداعم لترشح زعيم حزب "نداء تونس"، الباجي قائد السبسي، وبين بقيّة المكونات التي تدعم مبدأ ترك حرية الاختيار لقواعدها.
وإن قررت الجبهة استحالة دعمها للمترشح المستقل، المنصف المرزوقي، فإن فرضيّة دعمها للسبسي من عدمها، مثلت نقطة خلاف وتجاذب داخلها، خرج فحواه من كواليس مجلس أمنائها إلى وسائل الإعلام التونسي، التي ما فتئت تؤكد من حين إلى آخر بوادر انقسامات داخل "الجبهة الشعبيّة".

وبعد تأجيل متكرر لموقفها النهائي حول الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، أعلنت الجبهة الشعبية، أمس الخميس، في مؤتمر صحفي عن قرارها ودعت "عموم الشعب إلى قطع الطريق أمام عودة المترشح الفعلي لحركة النهضة وحليفها المنصف المرزوقي".

كما دعت في المقابل إلى "الأخذ على محمل الجدّ إمكانية عودة منظومة الاستبداد والفساد القديم لآليات وطرق لتحالفات جديدةن معادية لمطالب الثورة خصوصاً وأن مرشح نداء تونس الباجي القائد السبسي، لم يوضح بعد مشروع حكمه فيما يتصل بعلاقته بحركة النهضة وإمكانية إشراكها في الحكم".

هذا الموقف على ما يبدو لن يرضي شقّ لا بأس به من مكونات "الجبهة الشعبية" الداعمة لمبدأ مساندة السبسي، وهو ما يرجح إمكانية الانقسامات لتضارب المواقف والمصالح.

وفي سياق متّصل، ينفي قياديون في "الجبهة الشعبيّة" لـ"العربي الجديد" وجود أيّ خلافات، بل نقاشات تسبق إصدار "موقف موحد". وفي هذا السياق، تؤكّد النائب عن "الجبهة الشعبية"، مباركة عواينية، لـ"العربي الجديد" أنّه "لا يمكن الحديث عن انقسام داخل الجبهة"، معتبرة أنّ "ما يُقال لا يمتّ إلى الواقع بصلة"، قبل أن تضيف: "صحيح أنّ هناك نقاشات واختلافات في المواقف، لكنّنا ننتهي، دائماً، إلى موقف موحّد".
وتؤكّد أنّ "انقسام الجبهة الشعبيّة مسألة غير واردة إطلاقاً، وهي معتادة على التفاعل الإيجابي وروح الديمقراطية داخلها"، موضحة: "لسنا أحزاباً تأتيها إملاءات فوقية من "المرشد" لتُطبّق، وليس لدينا حوزة فكريّة أو علميّة أو مذهبيّة". وتؤكّد "أنّنا نتناقش في ما بيننا بما يرضي قواعدنا التي أعطتنا ثقتها وصوّتت لفائدتنا وفق مشروع مختلف عن حزب "نداء تونس" وعن برنامج المرزوقي( الرئيس المنصف المرزوقي)، ولذلك يجب أن نكون أوفياء لهم".

ولا ينكر النائب عن الجبهة، المنجي الرحوي، لـ"العربي الجديد"، وجود "وجهات نظر مختلفة داخل الجبهة حول دعم السبسي"، ولكنه يقول، إنّها "لا تنبئ بانقسام داخل الجبهة كما يُروّج". ويضيف: "هذا الخلاف نديره في إطار وحدة الجبهة، ومن المسموح أن نختلف، فلا مانع من ذلك، لكن ما نعمل عليه هو الخروج بموقف موحّد وسنبذل قصارى جهدنا لأن يكون موقفاً مشرّفاً وعلى مستوى توقّعات قواعدنا ومن صوتوا لصالحنا وفي مستوى توقّعات الجميع".

وفي حين يعترف الرحوي "بأننا أطلنا في اتخاذ القرار وإصدار موقفنا، ولكننا نعلم أيضاً أنّ تونس تحتاج إلى جرأة في الموقف، وإلى أن نكون على مستوى التحدّيات المطروحة في هذه اللحظة التاريخيّة"، يعتبر أن "تونس في خطر وفي وضع حرج، وفي فترة انتخابات قد تفضي إلى فوز أحد المترشحين الذي نعتبره خطراً على تونس واستقرارها". ويضيف: "لذلك سنقوم بدورنا كما يجب، أولاً من أجل قطع الطريق أمامه للوصول إلى رئاسة الجمهوريّة، وثانيا لنكون إيجابيين في التعاطي مع هذه المرحلة".

من جهته، ينفي النائب عن الجبهة، الجيلاني الهمامي، لـ"العربي الجديد"، "وجود أي إشكاليات داخل الجبهة، بل هناك مقاربات ووجهات نظر وتقديرات مختلفة بصدد النقاش"، لافتاً إلى أنّه "من المعروف أنّ الجبهة لم تتخذ يوماً موقفاً، من دون أن يسبقه نقاش ومقارعة للحجج، لتودي في نهاية المطاف إلى رأي موحّد داخلها".

ويشير الهمامي إلى أنّه "ما زال يفصلنا عن يوم الاقتراع، قرابة عشرة أيام، للحديث عن دعم مترشّح على حساب آخر"، موضحاً أنّ "ما يهمّ الجبهة الشعبيّة بالأساس، هو توضيح الموقف السياسي الذي ستتخذ على أساسه القرار، وهذا ما ستقدّره الجبهة التي قدمت نفسها بديلاً لكلّ المقاربات السياسيّة الأخرى الموجودة، سواء كانت حركة النهضة أو حزب "نداء تونس" أو بقيّة الأحزاب التي كان لها مترشح ولم تصل إلى الدور الثاني".
ويكرّر الهمامي الإشارة إلى أنّ "للجبهة الشعبيّة وجهة نظر حول المترشّحين وحول تمثيليتهما وخصائصهما"، لافتاً إلى أنّه "وفقاً لذلك ستُعلم قواعدها ومناضليها، كيف يمكن لهم أن يتصرفوا في الدور الثاني للانتخابات الرئاسيّة".