تونس: حلول مرتقبة لأزمة واحات جِمنة

18 أكتوبر 2016
ستتولى شركة الإشراف على الواحة (فتحي بلعيد/Getty)
+ الخط -



تحوّل ملف واحات جِمْنة في الجنوب التونسي إلى قضية وطنية، بسبب المفارقة الصعبة التي فرضت على الحكومة التونسية، بين تشبثها بممتلكاتها العامة والخشية من تناسل التجربة في جهات أخرى، وبين النجاح الذي حققته جمعية "واحات جِمْنة" في إدارتها من ناحية أخرى، ما وضعها في مواجهة هذه التجربة الناجحة وضغط الأحزاب والمنظمات المدنية.

وأضحت واحات جِمنة أولوية في نشاط الأحزاب والمنظمات الوطنية، وتطرق الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي خلال لقائهما الأخير منذ أيام إلى هذه القضية التي شغلت الرأي العام في تونس. وتمّ "التأكيد على حقّ الدولة الثابت في الملكيّة، وهو ما يسمح لها بتخويل حقّ التصرّف للجمعية ويمكن في هذا الصدد سنّ قانون في "المؤسسة" معروف في الغرب".

بدوره، أكد مجلس شورى النهضة على حلّ قانوني يحفظ ملكية الدولة الخاصة ويحفظ التجربة ويثمنها، وهو ما يسمح لها بإيجاد الحلول القانونية التي تحقق التشاركية والشفافية وحسن إدارة الملك العام في هذه التجربة ومختلف الوضعيات المماثلة. كما ثمن المجلس دور الجمعية في حماية الواحة وإنقاذها مما تعرضت له من إهمال وما قامت به من استصلاح وحسن استغلال للعائدات المالية في إنجاز مشاريع للصالح العام".

وأشاد حزب "حراك تونس الإدارة" بزعامة الرئيس السابق منصف المرزوقي، بحراك مواطني جمنة الذين بيّنوا أن الاقتصاد التضامني يمكن أن يكون حلاّ حقيقياً ومجدياً للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً إذا ما اقترن بتفعيل جدي للامركزية والحكم المحلي وبقانون إطاري للاقتصاد التضامني.

وبعد تحدي الجمعية للحكومة وإقدامها على بيع محصول النخيل الأسبوع الماضي، تتالت محاولات تقريب وجهات النظر، وأعلن وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، سمير الطيب، أمس الاثنين، أن لقاءً قد يتم الأسبوع القادم مع وفد من منطقة جمنة لبحث حل نهائي للملف.



وأوضح الطيب، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أنه "يعتزم تقديم حلّ قانوني يرضي كل الأطراف ويمكن تعميمه على المشاريع المماثلة لواحة جمنة والتابعة ملكيتها للدولة التونسية".

وأشار إلى أن بعض "الأطراف السياسية تدخلت في هذا الملف وشوشت الأجواء، في الوقت الذي اقتربنا فيه لحل الأزمة نهائيا".

من جهته، أكد رئيس جمعية واحات جمنة، طاهر الطاهري، في تصريح لـ"العربي الجديد" وجود حلول ومقترحات قدمت من الطرفين إثر لقاء جمع ممثلي الجمعية القانونيين بديوان رئيس الحكومة والمتحدث الرسمي باسمها في ملف الواحة التي باعت الجمعية محاصيلها على رؤوس النخيل في مزاد علني الأسبوع الماضي.

وقدّمت الجمعية من جانبها مقترحاً يستند للفصل 15 من قانون سنة 1995، الذي يخول للدولة تسويغ الواحة للجمعية على وجه الكراء حتى تتمكن من مواصلة تأهيلها وغراستها، على أن توزع الأرباح في ما بعد من طرف الجمعية، وكما دأبت عليه خلال المرة الماضية على دعم بلدية جمنة وتنفيذ مشاريع تنموية.

وأضاف الطاهري لـ"العربي الجديد" أن المقترح قدم خلال اللقاء مع الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني ورئيس ديوان رئيس الحكومة، وقد أكدا على استحالة تنفيذ هذا المقترح لعدة إشكالات قانونية ستثار إذا ما تم كراء الضيعة للجمعية، غير أنهما أكدا وجود حلول بديلة.

وكشف عن أن الإشكال في طور الحل وقد لا يتجاوز ذلك الأسبوع المقبل، لافتا إلى أن المقترح الجدي والذي تتم دراسته في الوقت الراهن يتمثل في بعث شركة ذات مساهمات خاصة وأخرى عمومية تتولى الإشراف على الواحة. هذا الأمر يسهل تصحيح الوضع القانوني دون أن تخرج الضيعة عن إشراف الجمعية التي يؤازرها أهل جمنة ويدعمونها. وتسهل المساهمة العمومية بدورها اقتسام المداخيل بين البلدية المحلية وبين الجمعية، ما يتيح للطرفين تنفيذ مشاريع تنموية واستغلال الواحة بطريقة قانونية ترضي جميع الأطراف.

وأوضح رئيس جمعية واحات جمنة أن لقاء شباب من جمنة بوزير الفلاحة والموارد المائية سمير الطيب، منذ أيام، جاء في إطار تبليغه شكوى الأهالي وتخوفاتهم من أن تستمر البئر العميقة بالجهة والتي حفرت من طرف شركة مجرية في ثمانينيات القرن الماضي في التوسع في المائدة المالية لا سيما أن ملوحتها ارتفعت إلى ما يقارب 70 درجة، وأضحت عاملا من عوامل التلوث.

وأثرت على الآبار السطحية المجاورة ولم تستطع الشركة التركية التي تحصلت على صفقة صيانة البئر أو ردمها محاصرة تدفق مياهها المالحة أو إغلاقها نهائيا. وأبرز الطاهري أن الوزير أبدى تفهمه لمطالب شباب الجهة وأبلغهم اعتزامه تشكيل لجنة مختصة ستتنقل إلى عين المكان لدراسة الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي الكارثة البيئية.

ومساحة أرض الواحة محل الخلاف تبلغ 185 هكتارا (الهكتار عشرة آلاف متر مربع)، وتحتوي على 18500 أصل نخيل مثمر من نوعية النخيل الممتاز(دقلة نور كما يعرف في تونس).



المساهمون