تشهد حركة النهضة حالة من التأهب والطوارئ السياسية، تفاعلاً مع تسارع الأحداث في تطاوين جنوب شرقي البلاد، حيث توجه وفدٌ من الحركة إلى الجهة، بينما تجتمع هياكله ومؤسساته بصفة متواصلة ومسترسلة لمتابعة الأوضاع في المنطقة، كما تجنّد نواب الحزب وأعضاء الحكومة للدفاع عن الدولة ومؤسساتها، وفي مخاطبة المحتجين والمعتصمين.
وعقدت الحركة مساء أمس الثلاثاء بمقر البرلمان التونسي جلسة عامة طارئة برئاسة راشد الغنوشي، جمعت بين أعضاء الكتلة بالمجلس وأعضاء الحكومة والمكتب السياسي للحزب حول تطور الأوضاع في محافظة تطاوين.
وأكد الغنوشي على التجند لاحتواء الأزمة وتخفيف الاحتقان وامتصاص الغضب، والعمل على عودة الحياة بصفة طبيعية في محافظة تطاوين، مضيفاً حسب ما أكده مصدر من بين الحاضرين لـ"العربي الجديد"، أن "ازدياد الأوضاع سوءاً يهدد مكاسب الثورة، وما تحقق من إنجازات على المستوى السياسي والديمقراطي".
ويعتبر مراقبون أن الجنوب التونسي يمثل معقلاً انتخابياً وسياسياً لحزب النهضة، حيث يتمتع الحزب بثقل مجتمعي كبير في غالبية محافظات الجنوب التونسي، وقد ظهر ذلك بوضوح في الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث فاز الحزب بـ 75 بالمائة من المقاعد في البرلمان عن محافظة تطاوين على سبيل المثال.
وتخشى النهضة من ازدياد الأمور سوءاً وانفلات الوضع في المحافظة الحدودية الكبرى، المهددة بتسلل المجموعات الإرهابية من الجارة ليبيا، ومن خروج الأوضاع عن السيطرة، مما يتربص بمنظومة الحكم عموماً، والتي تعد النهضة أحد ركائزها.
وقال زياد العذاري، وزير الصناعة والتجارة وأمين عام حزب حركة النهضة في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن "ما يحدث اليوم في تطاوين ليس في مصلحة أي طرف، سواء كان في الحكم أو في المعارضة أو المجتمع المدني، لأن استهداف الدولة ومؤسساتها ومقوماتها هو استهداف لتونس ولوحدة ترابها ولمصيرنا المشترك".
ودعا العذاري إلى "التهدئة والعودة للحوار والتعقل وإعلاء صوت الحكمة ونبذ التطرف والعنف، وعدم الانزلاق في مطب الاستفزاز والإشاعات والفتنة"، مشيراً إلى "ضرورة المحافظة على مؤسسات الدولة لأنها ملك للشعب، وليست لطرف دون آخر، وعلى أهالي تطاوين حمايتها".
وأكد أن "إضعاف الدولة أو استضعافها لن يخدم التنمية في الجهة، ولن يساهم في خلق فرص تشغيل، ولن يحسن من مستوى عيش المواطنين، لأن الدولة ستصبح عاجزة عن تحقيق وإنجاز ما يطلب منها"، مبيناً أن "هدف حكومة الوحدة الوطنية هو أن تكون الدولة قوية وعادلة تضمن حقوق وحريات المواطنين، وتساهم في بناء المستقبل بتحقيق التنمية الدائمة والمستدامة".
وأضاف أمين عام حركة النهضة أن الحزب "يتابع بقلق شديد ما يحدث في ولاية تطاوين، خاصة بعد تصاعد الأوضاع الأمنية وتدهورها، بما أدّى إلى اقتحام عدد من المؤسسات السيادية وحرقها في المدينة ووفاة الفقيد أنور السكرافي الذي وافته المنيّة أثناء المواجهات".
وشدد على أن كل هياكل الحزب مجندة للغرض، وقد عقدت عدة اجتماعات في مستويات مختلفة، وقد تنقل وفد من قيادات الحزب لمتابعة الموضوع عن قرب.
وفي سياق متصل، أصدرت حركة النهضة بياناً دعت فيه الحكومة إلى الكشف عن ملابسات الحادث الذي أدى لوفاة السكرافي، كما جددت تأكيدها على شرعية مطالب أهالي تطاوين في التنمية والتشغيل وتفهمها لتحركاتهم السلمية، منبهة من خطورة الانزلاق إلى دعوات الفوضى والعنف والتصادم مع الدولة.
ودانت النهضة حرق المؤسسات السيادية الأمنية وانفلات التحركات وخروجها عن السلمية بقطع الطرقات وإغلاق المنشآت، كما عبرت عن رفضها توظيف التحركات واستغلال مطالب أبناء تطاوين الشرعية وحماسهم في الدفاع عنها، داعية الحكومة إلى الإسراع بتنفيذ قراراتها لصالح أبناء تطاوين وإبقاء باب الحوار مفتوحاً معهم حول بقية المطالب.
كما دعت في نفس البيان كل الأطراف الوطنية إلى التهدئة واستمرار منطق الحوار والمساهمة في خفض الاحتقان في تطاوين، وإرساء مناخ الثقة.