ويعيش حزب "نداء تونس" صراعاً داخلياً قوياً بين جناحه البرلماني المتمسك بالشاهد لمواصلة قيادة المرحلة التوافقية، والإدارة التنفيذية للحزب بقيادة حافظ، نجل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الباحث عن بديل جديد.
وكشفت مصادر، لـ"العربي الجديد"، أن السبسي الابن دفع مع قيادة اتحاد الشغل نحو إيجاد ربان جديد لرئاسة الحكومة المنبثقة عن وثيقة قرطاج (2)، على أن تكون شخصية ندائية تلتزم بعدم الترشح للانتخابات المقبلة في العام 2019، وتحظى بثقة المدير التنفيذي لحزب نداء تونس.
وتطالب المنظمة النقابية بتغيير عميق بالتشكيل الحكومي، لما بقي من فترة الحكم للولاية الحالية والممتدة إلى عام ونصف قبل إجراء الانتخابات التشريعية في خريف 2019، كما يفضل "اتحاد الشغل" أن يكون رئيس الحكومة من التكنوقراط ومن غير المتحزبين، وأن يحظى بثقة واسعة من جميع الأطراف.
وإن كان مدير حزب "نداء تونس" حافظ قائد السبسي يتفادى الإعلان عن موقفه من بقاء الشاهد أو عدمه، متخفياً بمواقف "اتحاد الشغل" العلنية، إلا أن تبعات رفضه تتجلى بوضوح في تأخير التوقيع على وثيقة الأولويات لأكثر من مناسبة.
وبدا الخلاف جلياً بين الإدارة التنفيذية لحزب "نداء تونس" وكتلته البرلمانية التي صرّح عديد النواب فيها بتمسكهم بالشاهد رئيساً لما بقي من مدة الحكم.
من جهتها، حذّرت عضو الهيئة التأسيسية والنائبة بحزب "نداء تونس"، وفاء مخلوف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، من مغبة أي تغيير ولو كان طفيفا قد يمس بحكومة الوحدة الوطنية أو برئيسها في الفترة الحالية التي تمر بها البلاد، مشيرة إلى "تبعات ذلك على المستوى الوطني والدولي وعلى صورة البلاد التي يتم فيها إسقاط الحكومات وتغييرها بشكل متواصل".
وقالت مخلوف، إنّ "هناك أطرافاً تتلاعب بالبلاد في محاولة للتموقع السياسي وتحصيل مآرب خاصة وشخصية. وانخرطت في سياق المزايدات السياسية دون مراعاة المصلحة الوطنية والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم"، مشيرةً بالخصوص إلى الاتحاد العام "التونسي للشغل" المتمسك بإجراء تحوير وزاري عميق.
ورأت مخلوف أن "تبعات الحديث عن التحوير الوزاري سلبية، بتوقف ديناميكية الإنتاج وعمل الإدارات التي تنتظر الوزراء الجدد"، لافتة إلى "تعطل مصادقة مجلس نواب الشعب على القوانين منذ أسبوعين، وعدم قدرة البرلمان على تمرير أي قانون".
ويبدو أن كتلة "نداء تونس" قد أجرت تقييماً للتشكيل الحكومي وأداء وزراء حكومة الشاهد، وخلصت إلى ضرورة دعم رئيس الحكومة للبقاء مع إبعاد عدد من الوزراء وإدخال تحوير طفيف لا يمس استقرار منظومة الحكم.
وفي سياق متصل، لوّح الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل، بوعلي المباركي، بإمكانية انسحاب منظمة الشغيلة من اتفاق وثيقة قرطاج، معتبراً أن "أمراً كذلك وارد في حال تواصل انسداد أفق الاتفاق وعدم الأخذ بمقترحات الاتحاد، مشيراً إلى أن هذا القرار تتخذه مؤسسات المنظمة.
ويرى مراقبون أن الخلاف الدائر داخل حزب "نداء تونس" سيعمق الفجوة بين رئيس الحكومة وحزامه السياسي وقد يطيل في المشاورات ذاتها حول التغيير الحكومي بما يجعل التوقيع على الوثيقة النهائية، يوم غد الثلاثاء، أمراً أكثر تعقيداً.
وتبقى سيناريوهات إبعاد الشاهد أكثر صعوبة مما يخطط له خصومه، حيث يطرح الدستور إمكانيات محدودة شبيهة بخروج سلفه الحبيب الصيد الذي رفض تقديم استقالته واعتصم بالذهاب للبرلمان طلباً لتصويت مجلس الشعب الذي زكاه ومنحه ثقته.