جدل متواصل بشأن قانون تجريم الاعتداء على الأمنيين في تونس

07 نوفمبر 2017
عناصر الأمن في تونس (نيكولاس فاكو/Getty)
+ الخط -



يتواصل الجدل في تونس بشأن مطالبة القوى الأمنية والنقابات المتحدثة باسمها، بالإسراع في المصادقة على مشروع قانون "زجر الاعتداء على الأمنيين"، بعد اعتداء مسلح على ضابطي شرطة بمنطقة باردو القريبة من البرلمان، أدى إلى وفاة أحدهما.

وقرر البرلمان تغيير أولوياته للفترة القادمة، ومنح النظر في القانون أولوية قصوى، وسط رفض حقوقي وإعلامي واسع للقانون، حيث عبرت 11 جمعية ومنظمة في بيان مشترك، عن رفضها القاطع لمشروع القانون، معتبرة أن مجرد عرضه ''عمل عدائي واستهداف لحرية التعبير والتظاهر'' وطالبت بسحبه بشكل فوري، بحسب نص البيان.
وشمل المعترضون على مشروع القانون النقابة الوطنية للصحافيين، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والجامعة التونسية لمديري الصحف، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وجمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب.

وقال البيان إن هناك فصولا في القانون تكرس لـ"عودة العقوبات السالبة للحريات في مجال الصحافة، والتي تصل إلى عشر سنوات سجنا، بتهم فضفاضة مثل كشف أسرار الأمن الوطني، تماما كما كان الرئيس السابق زين العابدين بن علي يحاكم معارضيه والصحافيين بتهمة تعكير صفو النظام العام".

وأكدّ الكاتب العام المساعد للنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، رياض الرزقي، لـ"العربي الجديد"، أنّ النقابات الأمنية ستنفذ غدا الأربعاء، وقفة احتجاجية بتونس العاصمة، للمطالبة بتمرير قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين، والمطالبة بتعديل بعض الفصول الواردة في هذا القانون، مبينا أنهم أيضا يعترضون على الصيغة الحالية للمشروع.

وأوضح الرزقي، أن مشروع قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين صيغ في فترة سابقة دون استشارة النقابات الأمنية، ودون اللجوء إلى رأيها، وأنه كان باجتهاد خاص من سلطة الإشراف، معتبرا أن هذا المشروع جاء للتضييق على الحريات الخاصة، وعلى الإعلاميين، لأنه تضمن عدة فصول يرفضها الأمنيون، ورفضتها أيضا مكونات المجتمع المدني لأنها "وضعت لأهداف تخدم السلطة، وللحد من المعلومات التي كانت تسرب للإعلاميين".

وأضاف أنّ القانون الحالي لا يتماشى مع الديمقراطية ولا الحريات التي يكفلها الدستور، ولذلك طالب الأمنيون بتغيير بعض بنوده، مشيرا إلى أنهم عقدوا عدة جلسات مع الاتحاد العام التونسي للشغل، ومنظمات وإعلاميين، وخرجوا بتوصيات سيتم على ضوئها إلغاء الفصول التي لا تتماشى مع الحريات.

وأوضح الكاتب العام المساعد لنقابة قوات الأمن الداخلي، أن "المشروع تم تجاهله سابقا، لكن حادثة استشهاد الرائد رياض بروطة، أعادته إلى الواجهة بعد الاحتقان الذي سببته في صفوف الأمنيين"، مبينا أن هذا المشروع لا يتضمن تعويض الأمنيين الذين يفقدون حياتهم أثناء تأدية واجبهم، رغم أنه تم في وقت سابق إنشاء صندوق لصرف تعويضات لأسر الأمنيين الذين يفقدون حياتهم خلال تأدية عملهم، لكن هذا الصندوق بقي دون إعتمادات مالية.

ويذكر القانون في فصله الأول أنه يهدف إلى "حماية أعوان القوات المسلحة من الاعتداءات التي تهدد سلامتهم وحياتهم، وذلك ضمانا لاستقرار المجتمع بأسره، كما يهدف إلى زجر الاعتداء على المقرات والمنشآت والتجهيزات الموضوعة تحت تصرفهم أو حمايتهم أو رقابتهم، وإلى زجر الاعتداء على أسرار الأمن الوطني".
ولم يتعرض مشروع القانون إلى الجوانب الاجتماعية بشكل مفصل، واكتفى بالإشارة إلى أن الدولة "تتولى حماية الأعوان من الاعتداءات والتهديدات التي يتعرضون لها أثناء مباشرتهم لوظيفتهم أو بمناسبتها. كما تتولى حماية محال سكنهم ووسائل تنقلهم من الاعتداءات، إما بسبب أدائهم لمهامهم أو لمجرد صفتهم. وتنسحب هذه الحماية على أزواجهم وأصولهم وأبنائهم ومن هم في كفالتهم قانونا".

وهناك قانون آخر لم يفعّل بعد يتعلق بالتعويضات لضحايا الاٍرهاب، وطالبت النقابة العامة للحرس الوطني (الدرك) رئيس الحكومة، بإصدار الأمر الحكومي المتعلق بالتعويض، وأكدت النقابة، في بيان ختام جلستها العامة الاستثنائية التي انطلقت السبت الماضي، أن "مصلحة الوطن والمواطن تستدعي سن قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين والمقرات الأمنية بصيغة متوازنة تحمي حقوق وكرامة المواطن والحريات العامة من جهة، وتحمي عون الأمن بصفته، وأثناء مباشرة عمله من جهة أخرى".