تونس تنتظر إقرار قانون منع الإتجار بالبشر

08 يوليو 2016
الأفريقيات أكثر عرضة للإتجار بالبشر (فتحي نصري GETTY)
+ الخط -



تعيش سارة (13 سنة)، ظروفا صعبة في منطقة مهمشة بالشمال الغربي التونسي، الأمر الذي أدّى الى انقطاعها مبكرا عن الدراسة، وإرسالها إلى عائلة ميسورة بالعاصمة، للعمل لديهم في أشغال المنزل.

حرمت سارة من عيش طفولتها، واضطرت إلى الطبخ والكنس، وقضاء عدة ساعات في تلبية حاجات الأسرة التي تعمل لديها، كما تم حرمانها من زيارة عائلتها، والخروج إلى الشارع إلا في مناسبات قليلة.
تجسد قصة سارة واحدة من عشرات حالات الإتجار بالبشر في تونس، التي وثّقها فرع المنظمة الدولية للهجرة، إضافة إلى عشرات القصص الأخرى عن فتيات يتم استقطابهن للعمل في دول أخرى بعقود وهمية ورواتب مغرية، ليجدن أنفسهن ضحايا مافيا تجار البشر، وشبكات الدعارة.
وتعاني النساء القادمات من عدة دول أفريقية من الاستغلال، إذ يتم إيهامهن بوجود عمل محترم في صالونات الحلاقة، أو في مراكز التجميل في تونس، ثم يجدن أنفسهن خادمات في منازل الأثرياء، كما يتم حرمانهن من جواز سفرهن، وحرمانهن من أبسط حقوقهن.
وتعرف ظاهرة الإتجار بالأشخاص على أنها بيع وتسويق للبشر، واستعبادهم واستغلالهم في العمل المنزلي، وفي البغاء القسري، وفي التسول، حيث يضطر الكثير منهم للخضوع، وعدم المطالبة بحقوقه نظرا إلى وضعهم غير القانوني، أو خوفهم من التهديدات، أو حالة الاحتياج التي يمرون بها.
ويقول المكلف بالإعلام في وزارة العدل التونسية، سفيان السهيلي، إن وزارة العدل أعدّت مشروع قانون أساسي يتعلق بمنع الإتجار بالأشخاص ومكافحته، وتمت إحالته إلى مجلس نواب الشعب في مايو/أيار 2015، ومن المنتظر أن تتم المصادقة عليه ضمن جلسة عامة خلال الفترة القادمة.
وأكد السهيلي لـ"العربي الجديد"، أن لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب، صادقت في الآونة الأخيرة على جميع فصول مشروع القانون الجديد، ما سيمكّن من التصدي لهذه الظاهرة، ومعاقبة المتاجرين بالأشخاص.
ويشار إلى أن تونس كانت سباقة في منع الإتجار بالأشخاص، ويضمن الدستور التونسي الجديد الصادر في 2014، الحقوق والحريات الفردية والعامة للمواطنين والمواطنات والحق في الحياة وفي كرامة الذات البشرية، لكن العديد من النصوص المتفرقة حالت دون مزيد من تطويق الظاهرة وتطبيق القانون.

وأكدت المسؤولة بالمنظمة الدولية للهجرة، مكتب تونس، إيمان نعيجة، لـ"العربي الجديد"، أنّ التقرير السنوي الصادر عن مكتب مراقبة ومكافحة الإتجار بالأشخاص التابع لوزارة الخارجية الأميركية، صنّف تونس ضمن الدول المعنية بالمراقبة رغم وجود عدد كبير من الضحايا، مبينة أن تونس ومنذ عام 2013، تصنف في الترتيب نفسه نظرا إلى المجهودات التي تقوم بها.
وأوضحت نعيجة أن المنظمة تسعى بالتعاون مع وزارة العدل إلى تطبيق مشروع "شار2" الذي يهدف إلى مكافحة الإتجار بالأشخاص، إلى جانب الحملة الوطنية "ليسوا للبيع" والتي انطلقت في إبريل/نيسان 2016.
وبيّنت أنه تم عرض 5 أشرطة قصيرة تتناول 5 أصناف من الإتجار بالأشخاص التي تم التعرف إليها في تونس، ومنها المتاجرة بالفتيات الصغيرات للعمل كمعينات منزليات، واستغلال المعوقين في البيع على الأرصفة، إلى جانب الاستغلال الجنسي للفتيات، حيث يتم استدراجهن عبر عقود عمل وهمية للعمل بدول الخليج، واستغلال النساء والفتيات القادمات من أفريقيا للعمل كخادمات، خاصة في تونس العاصمة وقابس والحمامات ونابل وصفاقس.
وكشفت أن عصابات الإتجار بالبشر تتكون من شبكات منظمة بين تونس والدول التي يقع فيها استغلال هؤلاء الأشخاص، مؤكدة أن من بين الحالات الأخرى استغلال الشباب التونسي للعمل في أوروبا، وعادة ما يتم تشغيلهم في الأعمال الفلاحية ضمن ظروف سيئة جدا.

وحول مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل، قالت المسؤولة بمنظمة الهجرة، إن مشروع القانون مطابق للاتفاقيات الدولية، الأمر الذي سيحسب لفائدة تونس، وإن من شأنه أن يضع حدا للإتجار بالأشخاص.
ويذكر أن المنظمة الدولية للهجرة كانت قد كشفت في تقرير لها عن ضحايا الإتجار بالأشخاص في تونس بين سنوات 2012 و2015، مبينة أنها تمكنت من مساعدة 57 ضحية للإتجار بالأشخاص في تونس أغلبهم قادمون من أفريقيا جنوب الصحراء، وتعود جنسية 36 ضحية إلى كوت ديفوار و9 ضحايا من نيجيريا، فيما تتوزع جنسيات باقي الضحايا بين تونس ومالي والكونغو والكاميرون وغانا والفلبين وكولومبيا.
وأغلب ضحايا الإتجار بالأشخاص في تونس هم من النساء بين 18 و52 عاما، وساعدت المنظمة الدولية للهجرة 5 ضحايا أعمارهم دون الـ18، اثنان منهم من نيجيريا، واثنان آخران من كوت ديفوار وضحية وحيدة من مالي.