أثارت التعيينات والتغييرات التي أدخلها وزير الداخلية التونسي بالنيابة، غازي الجريبي، على الوزارة، أمس السبت، مخاوف وانتقادات سياسية لسرعة إجرائها.
ولم تمض ثلاثة أيام على تسلّم وزير العدل، وزارة الداخلية بالنيابة عن سلفه لطفي براهم، الذي أقيل من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد، حتى شرع في إدخال تغييرات وتعديلات كبيرة.
وأقال الجريبي، مدير تشريفات براهم والمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، ليعيّن، أمس السبت، عوضا عنه العميد سفيان الزعق، مديرا لمكتب إعلام وزارة الداخلية، وناطقا رسميا باسمها.
وأطلق وزير الداخلية بالنيابة، العنان للتعيينات في سلكي الأمن الوطني (الشرطة) وفي سلك الحرس الوطني (الدرك)، حيث أعلن، في وقت متأخر من ليلة أمس في بلاغ مقتضب، عن إجراء حركة نقل لسدّ الشغورات في إدارات أقاليم الأمن والحرس الوطنيين.
وشملت تغييرات سلك الأمن العمومي 4 أقاليم (جهوية) على مستوى محافظات تونس العاصمة وبنزرت (شمال البلاد) والقصرين (وسط غرب البلاد) وقرطاج (المحيطة بقصر الرئاسة)، كما أجرى تغييرات على مستوى محلي لتشمل 4 مناطق أمن وطني، وهي باردو (المحيطة بقصر البرلمان) ومنطقة الحمامات المنطقة السياحية الكبرى بمحافظة نابل، ومنطقة قرقنة بمحافظة صفاقس مسرح أحداث غرق مركب الصيد أخيرا، ومنطقة مقرين التابعة لمحافظة بن عروس.
من جهة أخرى، أجرى الجريبي تغييرا على مستوى مدير إقليمي الحرس الوطني (الدرك) بكل من محافظتي القصرين وسليانة.
ويرى مراقبون أن التغييرات التي أدخلها الجريبي عميقة وسريعة ولم تشهد الوزارة مثيلا لها، فيما يعتبر آخرون أنها تعديلات ضرورية طالما انتظرها أطر سلك الأمن، وتعطلت بسبب خلافات داخلية بين الوزير السابق لطفي براهم القادم من سلك الدرك، وبين عمداء وعقداء سلك الشرطة.
ووجّه أمين عام حزب حراك تونس الإرادة وعضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، النائب عماد الدايمي، رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية بالنيابة، حذّره فيها مما وصفه بالتعيينات "المدسوسة"، بغرض وضع اليد على المؤسسة الأمنية من طرف دوائر نفوذ حول يوسف الشاهد، على حد تعبيره.
وحذّر الدايمي من جعل الجريبي أداة لمشروع هيمنة على مفاصل الوزارة وضرب حياديتها تحت مسمى التخلص من شبكات لطفي براهم.
وقال أمين عام حزب حراك تونس الإرادة، الذي يتزعمه الرئيس السابق منصف المرزوقي، للجريبي، إن "الحد الأدنى من المسؤولية والمصداقية يفترض أن تأخذ وقتك كاملا كوزير مكلف بالإشراف على المؤسسة الأمنية لمعرفة الملفات والأشخاص والاستماع لمختلف القيادات الأمنية، قبل أن تتحمل مسؤوليتك الشخصية في القيام بالتغييرات الضرورية واللازمة".
وأضاف: "أما أن تقبل قائمة معدة سلفا من المستشار الأمني للقصبة أو غيره وتعيّنها باسمك وتحت إشرافك، فهذا أمر مهين ولا يليق بك، وخطير على المؤسسة الأمنية.. التي لا تحتمل هزات كبيرة ولا تعيينات مسيّسة".
ولفت الدايمي إلى "أن براهم لم يقم طيلة بقائه في الوزارة بتغييرات كبرى في الداخلية، بالنظر للخلاف الحاصل بينه وبين الشاهد، وبالنظر أيضا إلى أنه أراد طمأنة الأمن الوطني، باعتبار حساسية وجوده على رأس الوزارة، وهو القادم من الحرس الوطني، ولم يرد القيام بتغييرات في الأشهر الأولى".
وبيّن عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان التونسي: "أنا أكثرُ مَن تصادم مع براهم، ولكن أدعو كل الوطنيين إلى عدم الانسياق في البروباغندا المظللة التي تسعى اليوم إلى تضخيم موضوع المؤامرة على الأمن القومي لدرجات قصوى، بشكل يغطي على محاولات وضع اليد على الداخلية، ويبرر إعفاءات وتعيينات تصب في خانة الهيمنة على أهم وأخطر الإدارات في الوزارة"، على حد قوله.