تشهد تونس، اليوم الأحد، الانتخابات التشريعيّة الأولى لمجلس نواب الشعب بعد الثورة، في امتحان مُحمّل بأثقال إضافيّة، تتجاوز فكرة الاقتراع المجرّدة إلى ما هو إقليمي سياسياً، وتاريخيّ حضارياً. يجد التونسيون أنفسهم أمام عبء الوفاء بهذه التعهّدات الجسيمة، تجاه لحظة الربيع العربي المعطلة في كل العواصم التي مرت بها، باستثناء تونس.
وتحيط بالاستحقاق التشريعي الانتخابي، جملة من الهواجس السياسيّة والأمنيّة واللوجستيّة، سيكون على الفضاء السياسي والمدني والرسمي والشعبي أن ينجح فيها كلُّها، في الوقت ذاته، باعتبار أنّها تمثّل الأساس المتين للمرور من المرحلة الانتقالية إلى المرحلة الموالية، بما يحفظها من الارتداد، خصوصاً مع ضغط إقليمي ودولي، يراهن بعض أطرافه على نجاحه ويعمل بعضه الآخر على إفشاله.
وتبدو الأطياف السياسيّة التونسيّة هادئة في الظاهر، وهو ما كانت عليه طوال فترة الحملات الانتخابيّة، التي لم تشهد كسابقتها عام 2011 خروجاً كبيراً عن أصول اللعبة الانتخابية، ولم تشهد، باستثناء بعض الاستثناءات، تبادلاً للتهم أو تدنيّاً في الخطاب السياسي أخلاقياً. على عكس ذلك، بدت الحملات الانتخابيّة وكأنّها تحمل بمجملها خطاب الوحدة، وتستشرف آفاق تحالفات ما بعد الانتخابات.
لكنّ هذا الهدوء الظاهر، يخفي في حقيقة الأمر توتراً كبيراً ومخاوف من نتائج الانتخابات، تعكس حجم الرهان الذي تضعه هذه الأحزاب على الانتخابات وعلى نتائجها في رسم مستقبلها السياسي، وهي رهانات يرى البعض أنّها تتصف بكثير من المبالغة، لأنّ التجربة الديمقراطيّة في تونس في خطوتها الأولى، ما يعني أن التنافس في بدايته ويُفترض القبول بنتائج حكم التونسيين، مهما كان قرارهم، لضمان وجود جولات مقبلة، يوافق الجميع عليها، تأسيساً لممارسة ديمقراطية حقيقية تؤمن بمبدأ التداول السلمي على السلطة، وهو ما يمثل امتحان الأحزاب الأكبر في يوم الانتخاب الطويل.
ولم تتردّد بعض الأحزاب في التعبير عن مخاوفها، من صعود قوى تعمل على إجهاض التجربة وتمهّد لعودة الديكتاتورية برأيهم، الأمر الذي استبعدته، في المقابل، أحزاب أخرى. وستعكس هذه الانتخابات بالضرورة شعبيّة هذه الأحزاب في الفترة الراهنة، ومدى تأثيرها في الواقع الشعبي التونسي، وعلى وجه الخصوص، مدى نجاحها في إقناع التونسيين ببرامجها خلال الحملة الانتخابية. وتبدو هذه المسألة مركّبة لأنها تظلّ محفوفة بانتظارات التونسيين المتراكمة طيلة عقود، والتي لا يمكن لأيّ حزب تلبيتها أو النجاح في الاستجابة لها، بالشكل الذي يريده المواطن في ظلّ ظروف اقتصاديّة محليّة ودوليّة صعبة. في مجمل الأحوال، ستعيد الانتخابات رسم الخارطة السياسيّة الجديدة للسنوات الخمس المقبلة في تونس، وسيكون على الطيف السياسي بأكمله أن يقبل بها ويعمل على تغييرها بالطريقة الدستوريّة التي رسمتها الساحة السياسيّة بنفسها.
وتبقى المشاركة الكثيفة في أيّ انتخابات، هي المعيار الحقيقي لقياس مدى نجاحها من عدمه، لأنها تمنح الشرعيّة القويّة للمجلس أو الرئيس المقبلين، وتعكس مدى اهتمام المواطنين التونسيين بالشأن العام، بعد نجاح ثورتهم. وكانت بداية التسجيل للانتخاب، شهدت عزوفاً مخيفاً من جانب التونسيين، سرعان ما تبدّد بعد أن تجاوز عدد المسجّلين في هذه الانتخابات، عددهم في الانتخابات الماضية.
في موازاة ذلك، سيكون على هيئة الانتخابات ومؤسّسات الدولة المساندة أن تُثبت مدى نجاح استراتيجيتها في تنظيم الانتخابات وتمكين معظم الناخبين المسجّلين من الوصول إلى مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم في ظروف معقولة وتفادي أخطاء انتخابات عام 2011، وإثبات حياديّة أعضاء مراكز الاقتراع وإنجاز عمليّة إحصاء الأصوات بطريقة شفافة، لا يرقى إليها أي تشكيك. كما يبقى من مسؤوليّة آلاف المتطوعين المنضوين تحت منظمات المجتمع المدني، مهمة المساهمة بإنجاح الانتخابات، من خلال ممارسة دورهم الرقابي التأسيسي، الذي يبقى الضامن الحقيقي لبناء انتخابات حرة ونزيهة في المستقبل.
كذلك، تطرح على بقية المؤسسات جملة من الأسئلة الحقيقية المرتبطة بالانتخابات، وخصوصاً مدى احترامها لقواعد التمويل للحملات الانتخابية، وهو ما تعهدت به دائرة المحاسبات بالتنسيق مع مؤسسات أخرى، كالبنك المركزي والجمارك وغيرها من المؤسسات، مهدّدة بحرمان بعض القوائم من مقاعدها وإن فازت، إذا ما ثبت تمويلها بطريقة غير قانونية، وهو ما يشكّل تحدياً دستورياً مطروحاً، يختبر مدى صلابة هذه المؤسّسات في فرض احترام القانون والتأسيس لمستقبل الممارسة الديمقراطية في تونس.
اضغط هنا للمشاركة بالتصويت في الخارطة التفاعلية للانتخابات التشريعية التونسية
وتحيط بالاستحقاق التشريعي الانتخابي، جملة من الهواجس السياسيّة والأمنيّة واللوجستيّة، سيكون على الفضاء السياسي والمدني والرسمي والشعبي أن ينجح فيها كلُّها، في الوقت ذاته، باعتبار أنّها تمثّل الأساس المتين للمرور من المرحلة الانتقالية إلى المرحلة الموالية، بما يحفظها من الارتداد، خصوصاً مع ضغط إقليمي ودولي، يراهن بعض أطرافه على نجاحه ويعمل بعضه الآخر على إفشاله.
وتبدو الأطياف السياسيّة التونسيّة هادئة في الظاهر، وهو ما كانت عليه طوال فترة الحملات الانتخابيّة، التي لم تشهد كسابقتها عام 2011 خروجاً كبيراً عن أصول اللعبة الانتخابية، ولم تشهد، باستثناء بعض الاستثناءات، تبادلاً للتهم أو تدنيّاً في الخطاب السياسي أخلاقياً. على عكس ذلك، بدت الحملات الانتخابيّة وكأنّها تحمل بمجملها خطاب الوحدة، وتستشرف آفاق تحالفات ما بعد الانتخابات.
ولم تتردّد بعض الأحزاب في التعبير عن مخاوفها، من صعود قوى تعمل على إجهاض التجربة وتمهّد لعودة الديكتاتورية برأيهم، الأمر الذي استبعدته، في المقابل، أحزاب أخرى. وستعكس هذه الانتخابات بالضرورة شعبيّة هذه الأحزاب في الفترة الراهنة، ومدى تأثيرها في الواقع الشعبي التونسي، وعلى وجه الخصوص، مدى نجاحها في إقناع التونسيين ببرامجها خلال الحملة الانتخابية. وتبدو هذه المسألة مركّبة لأنها تظلّ محفوفة بانتظارات التونسيين المتراكمة طيلة عقود، والتي لا يمكن لأيّ حزب تلبيتها أو النجاح في الاستجابة لها، بالشكل الذي يريده المواطن في ظلّ ظروف اقتصاديّة محليّة ودوليّة صعبة. في مجمل الأحوال، ستعيد الانتخابات رسم الخارطة السياسيّة الجديدة للسنوات الخمس المقبلة في تونس، وسيكون على الطيف السياسي بأكمله أن يقبل بها ويعمل على تغييرها بالطريقة الدستوريّة التي رسمتها الساحة السياسيّة بنفسها.
وتبقى المشاركة الكثيفة في أيّ انتخابات، هي المعيار الحقيقي لقياس مدى نجاحها من عدمه، لأنها تمنح الشرعيّة القويّة للمجلس أو الرئيس المقبلين، وتعكس مدى اهتمام المواطنين التونسيين بالشأن العام، بعد نجاح ثورتهم. وكانت بداية التسجيل للانتخاب، شهدت عزوفاً مخيفاً من جانب التونسيين، سرعان ما تبدّد بعد أن تجاوز عدد المسجّلين في هذه الانتخابات، عددهم في الانتخابات الماضية.
في موازاة ذلك، سيكون على هيئة الانتخابات ومؤسّسات الدولة المساندة أن تُثبت مدى نجاح استراتيجيتها في تنظيم الانتخابات وتمكين معظم الناخبين المسجّلين من الوصول إلى مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم في ظروف معقولة وتفادي أخطاء انتخابات عام 2011، وإثبات حياديّة أعضاء مراكز الاقتراع وإنجاز عمليّة إحصاء الأصوات بطريقة شفافة، لا يرقى إليها أي تشكيك. كما يبقى من مسؤوليّة آلاف المتطوعين المنضوين تحت منظمات المجتمع المدني، مهمة المساهمة بإنجاح الانتخابات، من خلال ممارسة دورهم الرقابي التأسيسي، الذي يبقى الضامن الحقيقي لبناء انتخابات حرة ونزيهة في المستقبل.
كذلك، تطرح على بقية المؤسسات جملة من الأسئلة الحقيقية المرتبطة بالانتخابات، وخصوصاً مدى احترامها لقواعد التمويل للحملات الانتخابية، وهو ما تعهدت به دائرة المحاسبات بالتنسيق مع مؤسسات أخرى، كالبنك المركزي والجمارك وغيرها من المؤسسات، مهدّدة بحرمان بعض القوائم من مقاعدها وإن فازت، إذا ما ثبت تمويلها بطريقة غير قانونية، وهو ما يشكّل تحدياً دستورياً مطروحاً، يختبر مدى صلابة هذه المؤسّسات في فرض احترام القانون والتأسيس لمستقبل الممارسة الديمقراطية في تونس.
اضغط هنا للمشاركة بالتصويت في الخارطة التفاعلية للانتخابات التشريعية التونسية