تونس: انتقادات للتلفزيونات ودعوات إلى المقاطعة

07 يونيو 2016
انتقادات للبرامج التلفزيونية (Getty)
+ الخط -
تسابق القنوات التلفزيونيّة التونسية الزمن للتعريف بمنتوجها الرمضاني من منوعات وبرامج مسابقات ومسلسلات في إطار التنافس حول المُستشهرين (المُعلنين) ولضمان نسب مشاهدة عالية، نظرًا لما تمثّله - هذه المناسبة الدينية - من فرصة للربح المادي وتوفير الموارد بالنسبة لوسائل الإعلام البصرية العمومية والخاصة. غير أنّ أغلب ما جاء في تفاصيل هذه البرامج لم يرق إلى فئة هامة من التونسيين، عبرت عبر مواقع التوصل الإجتماعي، عن رفضها لما سمّته "المتاجرة بالشهر الكريم عبر برامج إثارة ومسلسلات تنشر الانحلال الأخلاقي"، حسب تعبير بعضهم.

وإضافةً إلى القناتين التلفزيونيّتين الأولى والثانية، تتنافس أربع قنوات خاصة هي: "نسمة"، "الحوار التونسي"، "التاسعة" و"حنبعل"، على تحصيل أكبر عدد من المشاهدين التونسيين والمغاربيين عموماً، بتقديم برامج ومسلسلات جديدة وقديمة. ومن بين البرامج التي شدت انتباه المتابعين خلال السنة الماضية، والتي سيتجدد بثها خلال هذا الموسم، نذكر برنامج الألعاب الشهير "دليلك ملك" على قناة "الحوار التونسي" الذي يُقدّم جائزة تصل قيمتها إلى نحو 500 ألف دولار، والجزء الثاني من المسلسل الذي أثار جدلاً خلال السنة الماضية أيضاً "أولاد مفيدة" على نفس القناة، والذي تدور أحداثه حول الخيانة الزوجية والعلاقات غير الشرعية. كما أثار انتباه المشاهدين إعلان الكاميرا الخفية التي تعدها قناة "التاسعة" بسبب محتواها والمتمثل في خداع بعض السياسيين عبر تمرير مكالمة مباشرة مع من يظنون أنه الرئيس السابق زين العابدين بن علي، مما أثار ارتباك بعضهم وفضح بعض ردود الفعل غير المتوقعة.

وحول دعوات مقاطعة بعض البرامج والمسلسلات الرمضانية، تقول الصحافية بالصفحة الثقافية في جريدة "المغرب"، مفيدة خليل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "نجاح القنوات التلفزيونيّة في رفع نسب المشاهدة خلال شهر رمضان الماضي لم يُخفِ استياء المشاهدين من المحتوى المتوسط على المستوى التقني، والمبتذل أحيانًا على مستوى المواضيع المطروحة وطريقة تمريرها".


أما الصحافي شكري بن عيسى، فهو من بين المطالبين بمقاطعة بعض القنوات التلفزيونيّة الخاصة. وبرر بن عيسى هذا الموقف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، حيث يقول "التنافس سيكون شرساً، خاصةً بالنسبة لبعض القنوات التي يمثل لها شهر رمضان قضية "وجود" لاستمرارها". ويُشير بن عيسى إلى أنّه "بصفةٍ عامّة، تتمحور البرامج على استثارة الغرائز أو اللهث وراء الربح السهل واعتماد تهويل الظواهر، والتركيز في المسلسلات على العنف والمخدرات والجريمة وقضايا الشرف والخيانة الزوجية والمجون والدعارة والمكر والانتهازية، حتى إن بعض المسلسلات أصبحت مشاهدها لا تخرج عن غرف النوم".

ويُضيف بن عيسى "السيتكومات (البرامج الهزليّة) التي تعتمد الهزل والمواقف سريعة التغيّر، عادةً ما تركّز على سلوكيات الجهات المهمّشة ولهجاتهم وأشكال اللباس عندهم، وتغلب عليها الركاكة والبذاءة والتفاهة أكثر من الهزل، وتميل إلى إثارة المواقف الغبية والساذجة. هناك أيضًا كثير من أفكار البرامج المسروقة، والتي تؤدي في ظل الهشاشة النفسية والمعنوية إلى التأثير على المجتمع سلبًا بنشر نماذج سلوكية يقع تضخيمها ويصبح فريستها، خاصة الشباب والأطفال، الذين يبحثون عن قدوات في ظل إفلاس النخب السياسية والثقافية. ويقود هذا في كثير من الأحيان إلى تدمير العائلة وروابطها التقليدية والاندفاع في مسالك بدون تفكير واختيار مؤسس وخلق نماذج متشنجة عنيفة انتهازية وحتى جانحة إجرامية، وتعمق النموذج "الاستهلاكي" في مجتمع السوق والفرجة.

ويرى بن عيسى أنّه بذلك، "يفتقد المشهد التلفزي للدور التثقيفي ورفع الذوق وبناء الوعي والشخصية المتماسكة والتكوين على الفكر النقدي التحليلي. وربما سيتناول مسلسل "وردة وكتاب" على القناة الوطنية الأولى قضايا حديثة مرتبطة بالثورة، وفيها أبعاد اجتماعية وسياسية لكشف جرائم النظام السابق. أما مسلسل "أولاد مفيدة 2" على قناة "الحوار التونسي" فسيكون بالمؤكد استمرارا للجزء الأول المليء بالدعارة المباشرة المثيرة للغرائز".

يُذكر أنّ التلفزيونات العربيّة تتعرّض لانتقادات مستمرة في شهر رمضان من كلّ عام، حيث يرى بعض المشاهدين أنّ البرامج الدينية المُنظّمة للشهر ليست كافية، بينما يُشيرون إلى أنّ المسلسلات الرمضانية تبتعد عن الجو الديني للشهر، وتذهب إلى مواضيع لا يرونها مناسبةً للعرض فيه.

المساهمون