أعلنت قوى المعارضة البرلمانيّة في مجلس الشعب التونسي تعليق نشاطها، بعد امتناع رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن حضور جلسة مساءلة حول الوفاة المريبة للرضع في مستشفى الرابطة، وحول قضايا تهم الشأن الأمني والاجتماعي المحتقن.
ودعا مكتب البرلمان منذ أسبوع رئيس الحكومة إلى جلسة عامة عاجلة حول قضية وفاة 15 رضيعا في مركز التوليد وطب الرضع بالعاصمة وحول قضايا أخرى، غير أن رئيس الحكومة اعتذر عن عدم القدوم، الشيء الذي أثار حفيظة برلمانيين من المعارضة، الذين اعتبروا في رفضه القدوم استخفافا بمجلس الشعب والبرلمان الذي منح الثقة للحكومة.
وقرر نواب "كتلة الجبهة الشعبية" (15 نائبا)، و"الكتلة الديمقراطية" (12 نائبا)، و"كتلة الولاء للوطن" (10 نواب) "تعليق حضورهم في البرلمان والامتناع عن المشاركة في الجلسات العامة لتمرير قوانين الحكومة حتى يحترم رئيسها الدستور ويحضر جلسة المساءلة".
وأعلن غازي الشواشي، أمين عام حزب "التيار الديمقراطي"، وعضو مكتب البرلمان في تصريح لـ"العربي الجديد" أن قرار قوى المعارضة البرلمانية تعليق نشاطهم بعدم حضور الجلسات العامة الأسبوع المقبل جاء "احتجاجا على تعاطي رئيس الحكومة يوسف الشاهد مع دعوة السلطة التشريعية إلى جلسة حوار".
ولفت الشواشي إلى أن الدستور ينص على أن الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب حسب البند 59 وأن الحكومة تخضع لرقابة البرلمان، وهو الذي يمنحها الثقة ويسحبها منها أو من أحد أعضائها، والحكومة ملزمة بالحضور إلى الحوار تحت قبة البرلمان حسب ما يفرضه نص الدستور.
وعبر النائب عن "استياء ممثلي الشعب من عدم تفاعل رئيس الحكومة مع دعوة البرلمان التي وجهت له منذ 12 آذار/مارس الماضي، حتى أنه لم يكلف نفسه الرد والاعتذار في مراسلة رسمية على مراسلة البرلمان".
من جانبه، اعتبر النائب المعارض فيصل التبيني في تصريح لـ"العربي الجديد" أن رئيس الحكومة "لا يحترم مؤسسات الدولة ولا السلطة التشريعية التي وهبته الثقة"، مشيرا إلى أنه "منكب هو ووزراؤه على تكوين حزب تحيا تونس".
ولفت التبيني إلى أن رئيس الحكومة "يتملص من المسؤولية السياسية ويبحث عن كبش فداء ليقذف إليه فشل حكومته في المجال الصحي"، معتقدا أن الأمر سيقتصر على إقالة عدد من الموظفين والمديرين في وزارة الصحة من دون محاسبة أو محاكمة ودون إرجاع الحق إلى أصحابه.
أما رئيس "كتلة الجبهة الشعبية" بالبرلمان أحمد الصديق، فقال إن الكتلة ستقاطع أعمال مجلس نواب الشعب، وخاصة الجلسات العامة، إذا لم يحضر رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى جلسة الحوار بالبرلمان، التي دعي إليها إثر فاجعة "وفاة 15 رضيعا بمستشفى الرابطة في العاصمة".
وأضاف الصديق، في تصريح صحافي، أن "رئيس الحكومة يستهتر بمجلس نواب الشعب وبمؤسسات الدولة، ويطلق يد جهازه الإعلامي ليشوه صورة منتقديه ومعارضيه، وخاصة كل من طالبوا بحضوره أمام البرلمان، لمساءلته حول فاجعة الرابطة، والوضعية الكارثية لمؤسسات الصحة العمومية".
ورغم أن عدد المعارضة البرلمانية (37 عضوا) المقاطعين لأعمال البرلمان لم يبلغ الثلث المعطل (73 نائبا)، إلا أن رمزية انسحاب المعارضة في نظام ديمقراطي تعددي على غرار مجلس الشعب ما بعد الثورة سيكون له تداعيات على صورة الانتقال الديمقراطي في تونس.
من جانب آخر، لا تزال كتلة حزب "نداء تونس" (40 نائبا) المعارضة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، والمطالبة بدورها بمساءلته في جلسة عامة تدرس موقفها بتعليق نشاطها والالتحاق بالمعارضة البرلمانية من عدمه، بسبب مخاوف تعطل تمرير قروض واتفاقيات مالية تنتظر مصادقة الجلسة العامة.
ويرى مراقبون بأن الائتلاف البرلماني الحكومي (130 نائبا) قادر نظريا على تمرير القوانين والقروض التي لا تحتاج سوى مصادقة الأغلبية المطلقة بـ 109 أصوات، غير أن العائق الرئيسي يتمثل في غياب النواب المساندين للحكومة، وخصوصا مع اقتراب نهاية عهدة مجلس الشعب في صيف 2019، إذ شرع البرلمانيون والأحزاب في حملاتهم الانتخابية.