تونس: القضاء يندد بـ"بلطجة الأمن" وينتقد الداخلية

27 فبراير 2018
+ الخط -

وجّه النائب التونسي ياسين العياري، اليوم الثلاثاء، سؤالاً كتابياً إلى وزير الداخلية، لطفي براهم، حول ما سماه "التمرد والانفلات الأمني والتعدي على القانون والتسيب والبلطجة"، وذلك إثر الأحداث الأمنية التي شهدتها محكمة بن عروس، أمس الأول، والتي تمثّلت في تجمهر مجموعات من الأمنيين، اعتراضاً على ملاحقات قضائية بحق زملائهم.

وشنّ العياري هجوماً على ما وصفه بـ"الحصار الذي شهدته محكمة بن عروس من قبل أعوان الأمن، والاعتداء على المحامين"، وما وصفه بـ"التهديد والتدخل السافر، وبالقوة، في القضاء لإطلاق سراح متهمين بالتعذيب".

وأكد النائب التونسي أن "بعض رجال الشرطة كانوا مسلحين، واستخدموا سيارات إدارية خلال أوقات عملهم"، معتبراً أن هذه السيارات "يدفع ثمنها المواطن من خلال الضرائب، ليحفظ رجال الأمن، القانون والأمن، ويساهموا في تحقيق العدالة، لا ليتعدّوا على القانون ويعبثوا بالعدالة، ويروّعوا الناس"، مطالباً وزير الداخلية بـ"كشف ملابسات هذا التمرد، وأسباب العجز عن احتوائه، ومدى قدرة الوزير على فرض الانضباط في وزارته".

كما وجّه إليه سؤالاً عن "الإجراءات الإدارية والقانونية التي ستقوم بها وزارته لمنع مثل هذه الممارسات المتخلفة والهمجية"، مطالباً بـ"ضمانات لبقاء رجال الأمن تحت القانون".

وكان ليل أمس تحولّ إلى حرب بيانات بين المحامين والقضاة من جهة، ومسؤولين أمنيين من جهة أخرى، حيث أصدرت "جمعية المحامين الشبان" بياناً قوي اللهجة دانت فيه "الاعتداء السافر الذي تعرّض له المحامي مهدي زقروبة، بمناسبة قيامه بواجبه المهني في المحكمة الابتدائية في بن عروس، من طرف عناصر بوليسية مدعومة من النقابات الأمنية، وما رافق ذلك من مشاهد همجية داخل أسوار المحكمة، في محاولة بائسة للتأثير على أعمال القضاء".

كما أدان البيان، استخدام النقابات الأمنية "لغة التهديد والوعيد ومنطق العصابات"، واصفاً ما حصل بـ"الاعتداء على المحاماة، وعلى الحق الدستوري للمواطنين في محاكمة عادلة".

ونبّهت النقابة من خطورة "تغوّل الجهاز البوليسي، ومن الدور الخطير لما يسمى بالنقابات الأمنية، في التشجيع على استعمال العنف، وتأصيل ثقافة الإفلات من العقاب، والتحريض على عدم الامتثال للقرارات القضائية"، مستنكرةً "الموقف السلبي لوزير الداخلية وعجزه عن تأطير منظوريه وفرض القانون، صيانة لحرمة المواطنين وكرامتهم".

بدوره، اعتبر المجلس الأعلى للقضاء في تونس، في بيان، أن "تجمهر مجموعات من الأمنيين الحاملين للسلاح وانتهاكهم حرمة المحكمة الابتدائية في بن عروس، على خلفية ملاحقة قضائية موجهة ضد بعض زملائهم، يعد ضرباً لاستقلالية السلطة القضائية، وعملاً غير مسؤول".

واعتبر المجلس أن ما صدر عن هذه المجموعات الأمنية "يتضمن مساً باستقلالية القرار القضائي وارتهاناً له"، كما أنه يمثل "اعتداءً مباشراً على حرمة المحاكم وقضاتها"، معتبراً أن هذه الممارسات "من شأنها زعزعة الثقة في الجهاز القضائي، بما يهدد مقومات وأسس النظام الجمهوري الديمقراطي"، وداعياً القضاة إلى التمسك باستقلاليتهم واتخاذ قراراتهم بمعزل عن "مجموعات الضغط والنفوذ".