تونس: الفخفاخ يستقيل من مسؤولياته الحزبية قبيل الانطلاق الرسمي لمشاورات تشكيل الحكومة

23 يناير 2020
رحبت الأطراف الداعمة للفخفاخ بالاستقالة(Getty)
+ الخط -
أعلن المكلف بتشكيل الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، استقالته من مسؤولياته بحزب "التكتل من أجل العمل والحريات" في إطار "الانسجام مع متطلبات التكليف وسياقه وخصائصه"، وتأتي هذه الاستقالة قبل سويعات من الانطلاق الرسمي للمشاورات حول تركيبة الحكومة، التي يعمل الفخفاخ على تكوينها وصياغة برنامجها، بعد مطالبة الأحزاب بإنهاء التزاماته الحزبية مع التكتل ضمانا لبقائه على نفس المسافة من جميع الأطراف.

وأنهى بذلك رئيس الحكومة المكلف قرابة عقد من الزمن من الانتماء لحزب "التكتل من أجل العمل والحريات"، وبعد تبوئه لمناصب قيادية فيه خولته تقلد حقيبتي السياحة والمالية في حكومات الترويكا، التي كان التكتل أحد مكوناتها الثلاثة، وفقد الحزب بذلك، أحد أوتاده المتبقية بعد مغادرة الكثيرين إثر هزيمته الانتخابية سنة 2014 وتوجههم إلى أحزاب أخرى أو اعتزالهم العمل السياسي.

وجاءت الاستقالة أيضا لترفع اللبس الحاصل، سيما بعد انجراف قيادات التكتل في تصريحات إعلامية حول هذا التكليف، وسط تساؤلات الرأي العام التونسي حول حقيقة دور هذا الحزب في تكوين الحكومة.

وأثارت معايير اختيار رئيس الجمهورية قيس سعيد للفخفاخ عديد الأسئلة والتي بقيت دون ردود، وسدد الممتعضين من هذا الاختيار سهام انتقاداتهم لانتماء رئيس الحكومة المكلف السياسي ومرجعيته، واصفين هذا التكليف بالقفز على نتائج الانتخابات واختيار شخصية لم تخترها إرادة الناخبين وإعطاء حزبه "امتياز الحزب الحاكم"، فيما لفظته الصناديق في آخر محطة انتخابية، وغذت تصريحات قيادات التكتل هذا الرأي وقدمت لأصحابه ذريعة لمزيد مهاجمته.

وحسم المكلف بتكوين الحكومة الياس الفخفاخ هذا الجدل بإعلام الرأي العام باستقالته من كافة المسؤوليات الحزبية "انسجاما مع متطلبات التكليف وسياقه وخصائصه، ودفعا لكل لبس أو كل ما من شأنه إرباك مسار تشكيل الحكومة"، مضيفا أنه سيتفرغ كليا لمهمة تشكيل الحكومة بما يوفر مناخا مناسبا للعمل ويحقق أكبر قدر من النجاعة المطلوبة"، وفق ما ورد ببيان رسمي صدر عنه مساء أمس الأربعاء.

ورحبت الأطراف الداعمة للفخفاخ بالاستقالة، معتبرة أنها تتنزل في إطار تنقية الأجواء قبل انطلاق المشاورات وسد باب الذرائع في وجه من يتعلل بانتمائه السياسي لتعطيل المشاورات.

وقال القيادي بحزب "تحيا تونس" الذي رشح الفخفاخ لهذا المنصب مروان الفلفال في حديث لـ"العربي الجديد" إن هذه الاستقالة "وردت في سياق الاستجابة لطلب أمين عام تحيا تونس سليم العزابي"، مشيرا إلى أن أهم الشروط التي يجب أن تتوفر في الشخصية الأقدر هي الكفاءة والنزاهة ووضوح الرؤية والقدرة على التجميع التي يحققها أن يكون المكلف بتكوين الحكومة على نفس المسافة من جميع الأطراف.

وأبرز محدث "العربي الجديد" أن قرار الفخفاخ "مهم لرفع كل لبس وتسهيل عملية توسيع القاعدة المطلوبة للشراكة السياسية المفتوحة وتجميع حزام سياسي مسؤول ومنسجم لأن هدفه الأساسي في هذه المرحلة يتجاوز ضمان توفر الأغلبية اللازمة لتكوين الحكومة إلى استمرار هذا الحزام في دعمه سياسيا ومساندته في خياراته وفي المضي نحو الإصلاحات الكبرى. "

وبشكل عام قدّر حزب "تحيا تونس" أن هذه الاستقالة "دلالة على جدية الياس الفخفاخ في تحمل المسؤولية ورغبته في إنجاح عملية تكوين الحكومة سيما مع انطلاق المشاورات مع الأحزاب، وخطوة مهمة تبرز تفاعلا إيجابيا مع الساحة السياسية".

وينطلق المكلف بتشكيل الحكومة الياس الفخفاخ، اليوم الخميس، رسميا في مشاوراته مع الأحزاب والشخصيات السياسية والمنظمات المهنية حول تركيبة طاقمه الوزاري وبرنامجه، بعد أن كان قد أجرى حديثا عاما حول هذا الملف مع عدد من الشخصيات.

وكان الفخفاخ قد التقى الثلاثاء أستاذ القانون جوهر بن مبارك الذي سبق له لعب دور في الوساطة خلال فترة تشكيل حكومة الحبيب الجملي التي أسقطها البرلمان، ولبنى الجريبي وعادل الفقيه رفيقيه السابقين بحزب التكتل، وعثمان الجرندي أحد أهم المرشحين لتولي حقيبة الخارجية.

وفيما تكتم الطرفان عن فحوى اللقاءات، فإن مصادر نقلت اعتزام الفخفاخ ضمهم للفريق الحكومي، بينما أكدت أطراف مقربة منه نيته تكوين فريق مفاوض يعاضد جهوده في تحقيق التوافق حول حكومته، وأن يكون من التقاهم أول لبنات هذا الفريق.

 

دلالات
المساهمون