دعا رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد إلى النأي بوزارة الداخلية عن الخلافات السياسية، وذلك في كلمة له، اليوم السبت، أمام البرلمان، حيث تعقد جلسة منح الثقة لوزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي.
وتشكّل جلسة منح الثقة للفوراتي الذي سمّاه الشاهد، منذ أيام، امتحاناً للأخير، الذي يخوض صراعاً مفتوحاً مع رئاسة الجمهورية، وبعض الأحزاب والمنظمات التي عبّرت عن رغبتها في استقالته من رئاسة الحكومة.
وقال الشاهد، أمام البرلمان، إنّ "الاختلاف مفهوم في الديمقراطيات، لكنّه اختلاف ينبغي ألا يمس باستقرار البلاد أمنياً واقتصادياً"، معرباً عن ثقته بأنّ "صوت الحكمة سينتصر في النهاية، والوطن سيبقى فوق الأحزاب".
ونبّه الشاهد إلى أنّ "الملف الأمني ملف شديد الحساسية لأنّ الحرب على الإرهاب تتطلب انخراط الجميع فيها"، مشدداً على ضرورة "تعزيز مفهوم الأمن الجمهوري والعمل على حيادية المؤسسة الأمنية وتطويرها وإبعادها عن التجاذبات السياسية".
وتوعّد رئيس الحكومة التونسية بـ"الضرب بقوة على يد كل من يحاول ضرب المؤسسة الأمنية أو اختراقها".
وقرر الشاهد تعيين الفوراتي وزيراً للداخلية خلفاً للوزير لطفي براهم الذي أُقيل من منصبه، في 6 يونيو/ حزيران الماضي.
ودافع الشاهد عن تسمية الفوراتي لمنصب وزير الداخلية، وردّ بشكل غير مباشر على المعترضين على خطوة ترشيحه.
وقال إنّ "الوزير المقترح يستجيب لمعيار الكفاءة والنزاهة، ومعيار القرب من المؤسسة الأمنية، والإلمام بملفاتها بحكم انتمائه إليها منذ سنوات"، مشدداً على ضرورة "العمل على تعزيز وتطوير المؤسسة الأمنية وإمكاناتها وكفاءاتها"، معرباً عن ثقته بـ"قدرة الوزير الجديد على تنفيذ هذه المهام بكفاءة عالية".
وشغل الفوراتي منصب مدير ديوان وزير الداخلية، منذ عهد وزير الداخلية الأسبق الهادي المجدوب، كما تحمل عدة مسؤوليات في الدولة وفي الإدارة التونسية. وقد عول عليه وزير الداخلية بالنيابة غازي الجريبي منذ توليه منصبه، باعتباره المسؤول السياسي والإداري الأول بعد الوزير على رأس الوزارة.
ويدور خلاف داخل كتلة "نداء تونس"، التي ينتمي إليها الشاهد، بشأنّ تسمية وزير الداخلية الجديد، حيث يترأس جبهة الرافضين المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي، أبرز معارضي الشاهد، والداعي لإقالته.
كذلك دافع الشاهد عن حكومته، وسط المطالبات الداعية لاستقالته، إذ قال إنّ "تقييم عمل الحكومة بعد حوالي سنتين من عمرها، لا بد أن يتم بالمقارنة مع الوضع الذي وجدت فيه، وليس في المطلق، لأن في هذا نزاهة فكرية، إذ كانت المؤشرات في 2016 سلبية، خصوصاً على المستوى الأمني، لا سيما أنّ الحكومة ولدت بعد أحداث إرهابية كبرى؛ من بينها اعتداء بنقردان جنوبي البلاد".
وتابع أنّ "كل المؤشرات الاقتصادية كانت سلبية، وتمكّنت الحكومة من تعديلها، وخصوصاً فيما يتعلق بنسبة النمو وتنشيط محركاته الأساسية"، مضيفاً أنّ "هذا العام كان الأفضل منذ عشر سنوات على مستوى التصدير، فضلاً عن تحسّن الصناعة والسياحة وغيرها من القطاعات".
واستدرك الشاهد بالقول إنّ "هذا لا يعني أنّ الوضع مثالي، بل يحتاج إلى مزيد من العمل، وتحسين كل المؤشرات، حتى تنعكس بوضوح على حياة المواطن"، مؤكداً أنّ "تونس تجاوزت المرحلة الصعبة اقتصادياً، والتحسن سيظهر بوضوح في بداية العام المقبل".
وتطرّق الشاهد إلى نقص المياه في تونس، مقدّماً عرضاً لبرنامج حكومته "من أجل تجاوز الصعوبات وخصوصاً ترشيد الاستهلاك وتوعية التونسيين بهذه القضية، فضلاً عن الشروع في مشاريع كبرى مثل السدود ومحطات تحلية المياه وغيرها".
كذلك توقّف عند أزمة نقص الأدوية، وإصلاح الصناديق الاجتماعية، ومقاومة الفساد، وغيرها من المشاكل الاجتماعية.