تونس: الإعلام بين حكم الترويكا والحقبة الجديدة

05 يناير 2015
خلال الانتخابات في تونس (Getty)
+ الخط -
يخشى كثيرون تراجع سقف الحريات الصحافيّة في الحقبة الجديدة التي تمر بها تونس بعد انتخاب الرئيس الجديد الباجي قايد السبسي، بانتظار الإعلان عن حكومة جديدة في الأيام القليلة المقبلة... هذا التخوف، بدأت معالمه الأولى تظهر في التغطيّة الإعلاميّة لموجة البرد التي شهدتها تونس مؤخراً، والتي أدت إلى عزل مناطق كثيرة بالمنطقة الغربية للبلاد التونسية وخاصة في محافظات الكاف وجندوبة والقصرين.

ويرى الناشط في حركة النهضة التونسية، خالد الطبايبي، أنّ التغطية كانت "منحازة للطرف الحكومي، حيث تحولت الكوارث الطبيعية التي شهدتها مناطق من تونس إلى مجال للحديث عن السياحة الشتوية، وتحوّل الأمر إلى مجرد حدث عادي وهو ما لم يفعله الإعلام التونسي سنة 2012 عند فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة، والتي حوّلت تساقط الثلوج في نفس المناطق التي نزل بها هذه السنة إلى كارثة طبيعية وفشل حكومي، رغم أن الحكومة حينها لم يمر على تسلمها مقاليد السلطة أكثر من شهر".

ويقول الطبايبي لـ"العربي الجديد" إنّ الإعلام التونسي بدا منذ البداية لطيفاً مع حكومة مهدي جمعة ومع رئاسة الباجي قايد السبسي، في حين كان عدائياً إلى أبعد الحدود في فترة حكومة النهضة وحلفائها". ولكنه مع ذلك يتمنى أن "يواصل الإعلام التونسي القيام بدوره النقدي مثلما فعل طيلة الفترة التي تولت فيها النهضة الحكم".

هذا الرأي للطبايبي، لا يشاركه فيه عماد عبد الجواد، القيادي في حركة "نداء تونس"، والذي يرى أنّ "الحرية التي يتمتع بها الإعلام التونسي لا يمكن الحدّ منها، وأن الإعلام سيواصل القيام بدوره النقدي في كنف الحرية والمسؤولية"، وهو ما أكده الرئيس الباجي قايد السبسي فى أول حوار له بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، حيث اعتبر أن لا أحد سيحاول المس بحرية الإعلام.

ويعتقد عبد الجواد في حديث لـ"العربي الجديد" أن "نداء تونس لن يتدخل فى الإعلام، وستترك له حرية العمل بكل مهنية دون تعليمات فوقية من أي طرف كان، إلا السلطة القضائية والهياكل المشرفة دستورياً عليه التي من حقها التدخل كلما رأت مسّاً من أخلاقيات المهنة أو تجاوزاً للقوانين التونسية. أما في ما يتعلق بالتغطية الإعلاميّة للأحداث الطبيعية التي شهدتها تونس مؤخراً، فيعتبرها "تغطية عادية ولا يمكن تحميل المسألة أكثر مما تستحق، علماً أنّ تولي السبسي الحكم لم يمرّ عليه إلا أيام والحكومة التي تسيّر دواليب الدولة هي حكومة تكنوقراط لا يمكن أن ننسبها إلى أي طرف سياسي".

من جهته، يرى معز زيود، المختص في علم الاتصال السياسي أنه "من السابق لأوانه الحكم على الإعلام التونسي، وطريقة تعامله مع الحقبة الجديدة التي تمر بها تونس باعتبار أنه لم تمر إلا أيام معدودات على الانتخابات الرئاسية والتشريعية".
لكنّه يعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الحيطة مطلوبة لأن كل سلطة مهما كانت درجة ديمقراطيتها تحاول أن تكسب الإعلام إلى صفها، حتى تتمكن من تدجينه وهو ما يجب أن يتنبه له العاملون في القطاع والمشرفون عليه حتى لا تتكرر الصورة الإعلامية القاتمة أثناء فترة حكم زين العابدين بن علي، والتي كان فيها الإعلام التونسي في مجمله صوت السلطة في حين أنه كان مطالباً بأن يكون صوت الشعب التونسي معبراً عن مشاغله وتطلعاته".
 
ويعتقد زيود أنّ "من أهم مكاسب الثورة التونسية هي حرية الرأي والتعبير وأن أي انتكاس لهذه الحرية يعتبر بمثابة المسمار الأخير في نعش هذه الثورة".
المساهمون