في الوقت الذي تتواصل فيه التحقيقات بقضية اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري أمام بيته في محافظة صفاقس، أول من أمس الخميس، تقود بعض المعطيات الحاصلة إلى أن العملية قد نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي، بعدما ذكرت مصادر إسرائيلية ضلوعه في العملية، في حين لم تستبعد مصادر تونسية لـ"العربي الجديد" صحة الأمر.
وكانت وكالة "معا" الفلسطينية نقلت عن موقع "يديعوت أحرونوت" العبرية، مساء أمس الجمعة، أن الموساد الإسرائيلي نفذ عملية اغتيال للطيار، المهندس التونسي محمد الزواري، بزعم مساعدته للمقاومة الفلسطينية، أول من أمس الخميس. بدوره، أشار الصحافي الإسرائيلي إيفي ليفي في القناة العاشرة الإسرائيلية في تغريدة عبر "تويتر" إلى أن يد الموساد هي من اغتالت محمد الزواري.
من جهته، وصف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي وصف اغتيال المهندس محمد الزواري بالعملية الإرهابية التي تقف وراءها ما سماها بـ"'قوى شيطانية دولية".
في هذا السياق، لم تستبعد مصادر تونسية مقربة من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لـ"العربي الجديد" هذا السيناريو، مرجحة بأن العلاقة التي كانت تربط الزواري بالحركة قد تكون سبب اغتياله.
وأوضح المصدر ذاته أن علاقة الزواري بالحركة تعود إلى أيام إقامته خارج تونس قبل الثورة، بسبب هروبه من نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، مؤكدا معلوماته حول هذه العلاقة سابقا، ونافيا علمه بأي تعاون حالياً.
وغادر الزواري تونس إلى ليبيا والسودان وسورية، وأقام فيها سنوات قبل العودة إلى تونس بعد الثورة. وألقت وزارة الداخلية التونسية القبض على عدد من المتورطين في هذه القضية، ورجحت معلومات متقاطعة أن يكون من بين المقبوض عليهم أجانب.
وكتب الإعلامي التونسي برهان بسيس، في تدوينة على صفحته الرسمية عبر مواقع التواصل الإجتماعي، إن اغتيال الزواري يأتي بسبب مشاركته في تطوير البرنامج العسكري لحركة "حماس". وأضاف أن "العملية يقف وراءها جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي رصده واغتاله أمام منزله في صفاقس".
وأشار بسيس إلى أن الزواري "خرج من تونس عام 1991، واستقر لمدة قصيرة في ليبيا، ثم توجه إلى السودان فسورية". وأوضح أنه "في سورية ربط علاقات متطورة مع حركة حماس، وكان مقرباً منها، ليتعاون مع جناحها العسكري (كتائب عز الدين القسام) الذي استفاد من مهاراته العلمية ونبوغه".
وعن هذه المعلومات التي أوردها بسيّس، اكتفى المصدر بالقول إنها قد تكون صحيحة.
وأصدرت أمس وزارة الداخلية بيانا مقتضبا جاء فيه أنه "تم العثور يوم 15 ديسمبر/كانون الأول بمنطقة العين من ولاية صفاقس، على جثة مواطن تونسي داخل سيارته وأمام منزله. يبلغ من العمر 49 سنة، ويعمل مديرا تجاريا بشركة خاصة، وتبين بحسب المعاينات الأولية أنّه تعرض إلى طلق ناري".
وبينت النتائج إصابة الضحية بأكثر من 20 طلقاً نارياً، منها 8 طلقات استقرت بالجسم، وتم إخراجها، وهو ما نتج عنه الموت الحيني بما يفيد أن النية هي الإجهاز على الضحية.
من جانبه، قال عضو نادي طيران الجنوب بصفاقس، الذي يرأسه الزواري، أكرم العيادي، لـ"العربي الجديد" إن الزواري، مهندس في الالكترونيك، متحصل على شهادة عليا في الهندسة، وهو ناشط بالمجتمع المدني، وعضو نادي قيادة وعلم.
وأضاف أنه تعرض في التسعينات إلى ضغوط من النظام السابق بحكم انتمائه الإسلامي، فهاجر إلى دول عربية عدة منها السودان وسورية، وتزوج هناك من فتاة سورية. وعمل في مجال الالكترونيك والطيران النموذجي أي صنع نماذج طائرات، ثم عاد إلى تونس مباشرة بعد الثورة وتحديدا عام 2012 وأتم دراسته العليا في الهندسة وكان بصدد الإعداد للدكتوراه.
ولفت إلى أنّ الزواري بحكم تعاقده مع شركة تركية مختصة في تصنيع النماذج، فإنه كثيرا ما يسافر إلى تركيا، ويبقى مدة شهر ثم يعود إلى تونس ولم يعرف له أي نشاط سياسي أو حزبي بعد الثورة، مؤكدا أنّه قدم إلى تونس منذ حوالي 4 أيام وشارك في نشاط نظمته الجمعية، وفوجؤوا بخبر اغتياله.