تونسيات يطوعن الطين لمواجهة صعاب الحياة

تونس

الأناضول

avata
الأناضول
12 مايو 2016
43E46E6A-4BED-4D7A-AA19-FB39CC8451BB
+ الخط -
كل العالم تغير من حولهن، تطورت الحياة وأصبح الإنسان يعتمد على وسائل متطورة في عيشه، إلا أن نساء قرية الرواشد من معتمدية بلخير، التابعة لولاية قفصة في الجنوب التونسي، تشبثن بمهنة تربين عليها منذ نعومة أظفارهن، وورثن أصولها، وحفظن تقنياتها البسيطة من أمهاتهن، وجداتهن، المتمثلة في "تمليس" (صناعة) الأواني المنزلية من الطين.

زينة مولدي، امرأة تجاوزت الستين من عمرها، حدثتنا عن حبها وشغفها بمهنة صناعة الأواني الطينية، التي بدأتها منذ بلوغها سن (12 عاما)، وها هي اليوم تتفانى فيها، ولم تهجرها على الرّغم من وضعها الصحي المتردي، وكبر سنها.

تقول زينة "نجلب الطين من الجبال القريبة التي تتميز بتربتها المناسبة لحرفتنا وندقه، ومن ثم نغربله ليصبح كالدقيق، ونبلله فيما بعد ونتركه ليرتاح ليلة كاملة، وصبيحة اليوم التالي تصبح العجينة أكثر تماسكا، وقابلة للتّشكيل، فيكون بإمكاننا حينها أن نصنع منها الأواني المنزلية، اعتمادا على اليدين بشكل أساسي، وقطعة فخارية دائرية مسطحة يوضع عليها الطين أثناء تشكيله".

وتتابع "في مرحلة أخرى يتم تجفيفها (الأواني) لبعض الوقت قبل أن تحرق، وهي عملية تهدف إلى جعل الآنية متماسكة أكثر وقابلة للطبخ والاستعمال".

ومن أكثر الأواني الفخارية التي يتم تشكيلها "كانون (يوضع فيه الفحم ويستعمل لطبخ الشاي بطريقة تقليدية)، وطاجين (يعتمد لصناعة الخبز)، وقدر، وأوان لطبخ الشاي"، بحسب زينة.

 



وفي مكان قريب من زينة، جلست عيدية قريبتها ورفيقة دربها في هذه المهنة التّي تصفها بـ"الشّاقة"، وتقول "مَن لم تتعلّم أو انقطعت عن دراستها، تكون وجهتها الجبل، لترث مهنة جدّاتها، لكن باقي الفتيات اليوم، وخاصّة من يزاولن دراستهن منهن، لا يرغبن هذه المهنة ولا يُقبلن عليها".

وترى المرأة الخمسينية عيديّة أن مهنة صناعة الأواني الفخارية، التي التحقت بها منذ الطفولة، "شاقة جدا، ولا سيما مرحلة جلب الطين من الجبل، التي تعد الأصعب".

وتعودت النساء في قرية الرواشد، على مشقة التوجه إلى الجبال، وجمع الطين الصالح للعجن، وتشكيل الأدوات المنزلية، ومن ثمّ بيع منتجاتهن بالجملة أو بالمفرّق، لمن يحتاجها، ولا سيما في ظل إقبال الناس على تلك الأواني، لاعتقادهم أن استعمالها صحيّ كونها مصنوعة من مواد طبيعية.

وفي حديثهما أبدت المرأتان تذمرهما مما اعتبرتاه عدم "التفات السلطات المعنية" لهن، و"تجاهل" ظروفهن الصعبة، فقرية الرواشد تقع على بعد كيلومترات من معتمدية بلخير التابعة لولاية قفصة، وهي مطلة على سلسة جبليّة تسمى (جبال عُرباطة)، "تفتقر لأبسط مقومات الحياة، وما من أحد يعيرها اهتماما".

ومع مشقة هذه المهنة، فإن عائدها المادي بسيط للغاية، فالقطعة الواحدة منها تباع بـ(0.5 دولار أميركي) فقط، الأمر الذي يتطلب من العاملات في هذه الحرفة، بذل جهد مضاعف، للحصول على أرباح توفر لهن حياة كريمة.

وتعتبر الصناعة الفخارية، من أقدم الصناعات التقليدية العريقة، التي توارثتها الأجيال عبر السنين، في تونس، حيث تعد أقدم حرفة امتهنها أبناء ولاية قفصة، منذ وجودهم في المنطقة، وفق الباحث التونسي في علم الاجتماع علي الفالحي.

ويضيف "رغم وجود المادة الأولية (الطين) وتوفرها، إلا أن هذه الصناعة اندثرت، وحسب بعض الدراسات، فإن التوجه نحو استخراج الفوسفات في المنطقة، وكذلك عدم إدراج قفصة كممر سياحي لم يخلق الرغبة والدافعية لدى الأهالي والحرفيين إلى مزاولة هذه الحرفة، فازدهرت أكثر في كل من نابل (شرق)، وجربة (جنوب) لارتباطها بالسياحة أي أن هناك عوامل سياسية قتلت هذه المهنة".

ولا تتوفر إحصائيات رسمية حول عدد العاملين في مهنة صناعة الأواني الفخارية في تونس.

 

 

 

 

دلالات

ذات صلة

الصورة
تخشى النساء على أجنتهن ومواليدهن الجدد (كارل كورت/ Getty)

مجتمع

تواجه النساء الحوامل النازحات إلى مراكز الإيواء المختلفة في لبنان خوفاً كبيراً في ظل غياب الفحوصات الدورية والاستشارات الطبية، ويقلقن على صحتهن وصحة أجنتهن.
الصورة
البنزرتي طالب الاتحاد تحفيز اللاعبين مزدوجي الجنسية (الاتحاد التونسي/العربي الجديد)

رياضة

حقق المدير الفني للمنتخب التونسي فوزي البنزرتي بداية جيدة مع كتيبة "نسور قرطاج"، بعدما حقق فوزين متتاليين، في مستهل تجربته الرابعة مع الفريق.

الصورة
مسيرة احتجاجية في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، 25 يوليو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات المعتقلين السياسيين في تونس بإطلاق سراحهم بعد مضي سنة ونصف سنة على سجنهم، وذلك خلال مسيرة احتجاجية انطلقت وسط العاصمة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
المساهمون