توقيت مصر

27 سبتمبر 2014
الحكومة المصرية تبرر تعديل التوقيت بتوفير الطاقة(أرشيف/Getty)
+ الخط -
يستنكر صديقي العربي، سخريتي من قرار حكومة مصر الحالية بتغيير التوقيت للمرة الرابعة في خمسة أشهر، فهو لا يدرك سبب التغيير، لكنه أيضا لا يرى فيه ضيرا، "يتم في أوروبا أيضا"، حسب قوله.
أبلغه بسخرية أيضا أن المبرر الوحيد المقبول لتغيير التوقيت في مصر، خاصة مع الإصرار على تكرار تغييره خلال نصف العام الأخير، أنه بات الأمر الوحيد المتبقي من التغييرات التي أحدثتها ثورة يناير 2011 في بنية القرار الحكومي، كل ما عداه من قرارات وإجراءات تم إلغاؤها مع كل المطالبات والحريات، أو على الأقل العودة بالأمور لما كان عليه الحال قبل الثورة.
وأواصل قائلا: أنت هنا تتجاهل قيام ثورة مضادة حقيقية، كل غرضها العودة بالأوضاع لما كانت عليه سابقا، والانتقام ممن قاموا بالثورة على الوضع القائم، مع استحداث صيغة جديدة للحكم يكون المتغلب فيها على السلطة هو الجيش، من دون أن تنافسه جهات أخرى أبرزها وزارة الداخلية ورجال الأعمال الكبار المقربون.
يرفض أن يدخل معي في جدلية الثورة والانقلاب، هو في الأغلب ليس معنياً، لكنه أيضا كان يسمع طوال الوقت كلاما مكررا عن ضرورة تعديل التوقيت لتوفير الطاقة، وهي بالنسبة له فكرة منطقية لعلمه بتفاصيل أزمة الطاقة التي تمر بها مصر، ومشاركته لنا ساعات طويلة من السخرية المريرة على الانقطاع المتكرر للكهرباء، وما ينتج عنها من كوارث. وهو أيضا يرى أن ما يقال عن إنهاء التوقيت الصيفي أمر مقبول، وأن تغيير التوقيت يدعم خططاً حكومية لتسهيل أوقات العمل على الموظفين.
تعجبني الفكرة، ربما هي جديرة بالنقاش، أبلغه أن في مصر نحو 7 ملايين موظف يعملون في القطاع الحكومي، فيتحمس أكثر لفكرته، ثم أبلغه أن الإحصاءات الرسمية في مصر تؤكد أن متوسط ساعات إنجاز العمل بالنسبة للموظف الحكومي الحقيقية تبلغ (37 دقيقة فقط)، وأن الموظف الحكومي المصري "ملك زمانه"، لا يعمل ولا يحاسب، والغالبية العظمى منهم لديهم أعمال أخرى يكسبون منها أكثر مما يكسبون من وظائفهم الرسمية، من دون أن يؤثر ذلك بالمرة على عملهم الأساسي أو ترقياتهم وحوافزهم ومكافآتهم، وأن ذلك أصل المثل الشعبي المصري المعروف "إن فاتك الميري (الوظيفة الحكومية) تمرغ في ترابه".
تلمع عيناه، ثم ينفجر ضاحكاً، يبدو كمن يتذكر ظروف العمل التي يعيشها، والقيود المفروضة عليه كمواطن بلا وطن حقيقي. ووسط الضحك والقهقهة يقول بمرارة "ليه يا رب ما خلقتنيش موظف حكومي مصري".
المساهمون