توطئة

19 ابريل 2016
باسيو هيريريانو/ إسبانيا
+ الخط -

يفتح الصفحة. تنجذب عيناه إلى العلامات الموضوعة جانباً، المرَتَّبةِ في اصطفاف. يَفْهم الحروف، ويؤلِّفها كلماتٍ: يشرع في القراءة.

يتهجَّى العنوان: "الديناصور"، ويرفع حاجباً. يقرِّر التَّوغُّل في النص، وينطلق بِـ "حين"، يرتفع بـ "استيقظ"، ويتقدَّم عبر "الديناصور"، وقتئذ جعله الدُّوار يتمايل، وعلى الرغم من ذلك، فقد تمكَّن من الحفاظ على التوازن في "لا يزال" المعلّق، تسلَّل عبر"كان" وتعجَّل ناحية الـ "هناك". حين استيقظ، كان الديناصور لا يزال هناك.

بقية الصفحة بيضاء. الخيال المهموز يحيد عن مجراه، بينما تبحث العينان عن مزيد من الكلمات، التي لا توجد بين البياض المقفر الذي فَضُل.

أمَدَّ الذِّهنُ المحتاجُ إلى ذريعة وقتاً للِـ "حين"، وفاعلا لـِ "استيقظ"، وشكلاً وحشيّاً غيرَ متصوَّر لِـ "الديناصور". وللآن يتساءل عن "لا يزال"، بينما تباغتُه "كان هناك". لم تتوافر له لا مَنْ، ولا كيف، ولا متى، ولا أين، وأكثرُ من ذلك لماذا، وإنما انْتُشِلتْ منه. لذلك، يلزَمُه أنْ يتخيَّلها كي يمكنَهُ أن يُفسِّرها لنفسه.

يجلُب السَّطْرُ معه، وهو مْسْتَأْنَف، عالَماً برُمَّته، وأفلحَ في اجتيازه عبر عيْن إبرة بغاية تثبيته في خياله. خيالكَ أنتَ.

* كُتبت هذه القصة تأثراً بالقصة القصيرة جداً التي ألّفها أوغوستو مونتيروسو: "حين استيقظ، كان الديناصور لا يزال هناك".


** ترجمة: مزوار الإدريسي

المساهمون