تحدث تقرير أمني أعدته "اللجنة الاستشارية العسكرية" في السويد بشأن الاستراتيجية الدفاعية الشاملة، وقدم للحكومة ووزارة الدفاع أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن "مخاطر جدية لضربة روسية للسويد".
وطلبت اللجنة، التي ضمت شخصيات مرموقة من الأحزاب البرلمانية والقوات المسلحة والاستخبارات، وعدد من الوزارات، في التوصيات التي أوردها التقرير وبدأت تظهر منذ أمس السبت، من السويديين "التزود بمستلزمات ضرورية للحياة لمدة أسبوع، وخصوصا في المناطق المطلة على البلطيق"، بسبب وجود احتمال لـ"هجوم روسي عسكري ضد السويد"، موضحة أن هذه الفرضية "أمر لا يمكن استبعاده".
ووفقا لتصريحات تنقلها الصحافة المحلية عن رئيس اللجنة ووزير الدفاع السابق، بيورن فون سيدوف، فإن ما يجري التطرق إليه "ليس غزوا روسيا لكامل وسط وشمال أوروبا للوصول مثلا إلى شواطئ الأطلسي، لكن كما سترون في تقريرنا نرى أنه يمكن أن تكون هناك عمليات عسكرية ضد أجزاء من السويد".
وتمتد الاستراتيجية الدفاعية السويدية، بحسب موقع اللجنة المختصة، لسنوات قادمة، مشيرة إلى أنه "يجب تأمين موازنة دفاعية لتقوية الدفاع المدني والشامل بزيادة 4،2 مليارات كرون في 2019"، وأنه "على خلفية القلق القائم فإننا نرى أن السياسة الأمنية يجب تعزيزها للفترة الممتدة بين 2021 و2025".
وتربط إستوكهولم الاستخلاصات الأمنية- العسكرية بسياسة روسيا الأخيرة عقب ضم شبه جزيرة القرم، وتنامي "الاستفزازات في السنوات الماضية".
وأوصت اللجنة العسكرية بـ"ضرورة انتهاج خطة دفاع شامل، بإشراك حتى الدفاع المدني"، وكلما "ضرورة تعزيز دور الدفاع المدني في حالة اندلاع أزمة أو عمل عسكري لمدة 3 أشهر. وعليه لابد من تخصيص 325 مليون كرون سنويا، وعلى امتداد السنوات الخمس المقبلة، لترتيب وإصلاح الملاجئ".
ومن بين التوصيات الأكثر إثارة، في مجال تعزيز قدرة السويديين على التعايش مع هجوم عسكري روسي مفترض، حثّ المواطنين على "التأهب بالمواد الغذائية الضرورية (الأساسية) لكل شخص، ولسبعة أيام على الأقل، دون انتظار مساعدة المجتمع المحيط"، فيما يبدو أن تحديد مدة 7 أيام يرتبط بـ"حاجة القوات المسلحة إلى أسبوع للتعبئة"، بحسب ما ذهب إليه بيورن فون سيدوف.
وباتت "الجدية" في التعامل مع التوصيات التي يطمح إليها رئيس اللجنة ملموسة اليوم بعد زيادة 500 مليون كرون سويدي في ميزانية القوات المسلحة مع نهاية العام 2017 ومطلع العام الحالي 2018.
ويبدو واضحا أن حكومة يسار الوسط الديمقراطية، بزعامة رئيس الوزراء الاشتراكي ستيفان لوفين، اتفقت مع أحزاب المعارضة في يمين الوسط على أن "الأمر جدي"، لتقرر، بموافقة أحزاب اليسار، رفع ميزانية الدفاع لتمويل أولويات الاستراتيجية الدفاعية، باعتبار السويد ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، و"بالتالي تحتاج أكثر من غيرها لتعزيز أمنها"، بحسب ما ذهب وزير دفاع الدنمارك، كلاوس يورتس فردريكسن، في معرض تعليقه على الخطوات السويدية لصحيفة "بوليتكن" اليوم الأحد.
وأضاف فردريكسن: "بلدنا عضو في الأطلسي، نحن وفنلندا على تعاون وثيق مع السويد، ودول الاتحاد الأوروبي، فعند أي اعتداء على السويد ستهب الدول للدفاع عنها، غير أني أرى أن الروس لن يقدموا على خطوة بمثل هذا الغباء (ضرب السويد)".
يشار إلى أنه يجري حاليا في كوبنهاغن تقييم "تقارير سنوية للاستخبارات العسكرية".
خلفيات المخاوف السويدية
لا يتردد السويديون في اتهام موسكو بالوقوف وراء هجمات قرصنة خلال السنوات الماضية، ويشكون في أن روسيا تقف وراء "الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له مؤسسة السكك الحديد في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والذي أدى إلى تأخير القطارات لأربع وعشرين ساعة"، بحسب ما تذكر "أفتون بلاديت" وغيرها من الصحف المحلية.
كما أنه خلال الأعوام الأربعة الماضية واجهت السويد، وخصوصا في مناطقها الشاطئية على بحر البلطيق، تحديات "اختراق في البحر والجو، وأحيانا بشكل علني من قبل روسيا".
وفي 2013، تسربت أخبار عن قيام الجيش الروسي بـ"محاكاة هجوم نووي على السويد"، وهو أمر تم قبل أن يدخل الاتحاد الأوروبي في سياسات العقوبات الاقتصادية بحق موسكو في 2014.
وفي الخلفية أيضا، تهديد صريح لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في 29 أبريل/نيسان 2016، خلال مقابلة له مع الصحيفة السويدية، داغنس نيوهتر، حيث أشار إلى أن بلده لن تسمح بانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي بالقول: "يجب أن تفهموا بأن اقتراب البنية التحتية لحلف (الناتو) من حدودنا سيدفعنا لاتخاذ تدابير عسكرية. هذا الأمر ليس شخصيا، بل محض عمل".
كما أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أخبر بنفسه السويديين، في مقابلة مع وكالة الأنباء السويدية (تي تي) نشرتها في الأول من يونيو/حزيران الماضي، بـ"تأثيرات سلبية على العلاقات الثنائية، وسوف نختار الرد الأنسب، إذ نعتبر ذلك (الانضمام إلى الناتو) تهديدا إضافيا ضد روسيا".
وترافقت هذه التحذيرات الروسية مع تحركات غواصات وطائرات روسية في المياه الإقليمية وفي الأجواء السويدية، فيما ردت إستوكهولم بإجراءات دفاعية، يختلط فيها سويديا التعاون الأطلسي بعضوية الاتحاد الأوروبي، والتزام دول الشمال بالدفاع المشترك، فضلاً عن تعاون إستوكهولم مع الأميركيين، والذي جاء من بوابة حلف شمال الأطلسي في 2016.