وفي مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية، ذكر توسك أن خروج بريطانيا "قد يعطي دفعة كبيرة لقوى التطرف المعادية لأوروبا"، موضحا أنها "ستشرب نخب الانتصار في هذه الحالة".
وتساءل رئيس المجلس الأوروبي، وفق ما نقلت "رويترز": "لماذا الأمر شديد الخطورة؟"، قبل أن يجيب: "لأنه لا يمكن لأحد توقع العقبات طويلة الأمد. وأنا كمؤرخ أخشى أن يكون خروج بريطانيا بداية تدمير الاتحاد الأوروبي، وكذلك الحضارة السياسية الغربية بكاملها".
وأضاف المتحدث ذاته أن "جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي سيخسرون اقتصاديا إذا خرجت بريطانيا"، مضيفا: "كل أسرة تدرك أن الطلاق له آثار موجعة على الجميع. وجميع من في الاتحاد الأوروبي، لاسيما البريطانيين أنفسهم، سيخسرون اقتصاديا".
وعلى الرغم من أن توسك عبّر عن أمله في أن يجتاز الاتحاد الأوروبي الأمر في حال خرجت بريطانيا، إلا أنه قال إن "الثمن سيكون باهظا".
وقبل توسك، نقل رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، استفتاء 23 يونيو/حزيران الحالي حول مستقبل عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي إلى بُعد عالمي، عندما قال، قبل أسابيع، إن "السلام في أوروبا قد يكون مهدداً"، وإن "التصويت لصالح خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي قد يُؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة".
وفي إشارة أخرى إلى أهمية بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، قال كاميرون إن من مصلحة المملكة المتحدة البقاء في أوروبا تجنباً لنزاعات بين الدول الأوروبية مستقبلا، متابعا: "في ظل الوضع الدولي الحالي الخطير، فإن التعاون ضروري بأوسع شكل ممكن مع جيراننا الأوروبيين"، مشيراً إلى التحديات التي يطرحها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وروسيا، وأزمة اللاجئين.
ولا شك أن توسيع كاميرون دائرة الجدل حول مستقبل بلاده في الاتحاد الأوروبي جاء بمثابة دعوة للكثير من المسؤولين الدوليين والأوروبيين إلى التدخّل بشكل مباشر للتأثير في اتجاهات الشعب البريطاني، وتحديداً لجهة بقاء بريطانيا في الاتحاد، وهو الاتجاه الذي يدعمه كاميرون.
وبالفعل فقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية تدخّلات وتصريحات عالمية، دعت في معظمها إلى ضرورة بقاء بريطانيا داخل الاتحاد، وجاء آخرها من قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في اليابان، والذين حذروا من مغادرة بريطانيا المحتملة للاتحاد الأوروبي، "مما سيؤثر سلبياً على التجارة العالمية والاستثمارات وفرص العمل، ويشكّل تهديداً خطيراً على الاقتصاد العالمي".
تعتبر دوائر سياسية واقتصادية دولية على جانبي الأطلسي، في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، أن الاستفتاء حول مصير عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لم يعد شأناً بريطانياً داخلياً، بل بات مسألة أوروبية ودولية تهدد بوقوع انقلاب في المشهد الدولي العام.
ويرى الكثير من المسؤولين الأوروبيين أن البريطانيين لا يصوّتون فقط على خروج المملكة من الاتحاد، وإنما على مصير الاتحاد الأوروبي برمته، فبريطانيا واحدة من أهم القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية في الاتحاد الأوروبي، وفضلاً عن كونها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي، هي دولة نووية في حلف شمال الأطلسي، وبالتالي فإن خروجها من الاتحاد الأوروبي قد يُؤثر سلبياً على أوروبا، وقد يؤدي إلى تراجع مكانة الاتحاد الأوروبي على الساحة العالمية، ويجعل منه قوة من الدرجة الثانية، وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، حين قال إن خروج بريطانيا سيؤثر على "رؤية العالم لأوروبا".
كما يخشى الأوروبيون أن يُشجع خروج بريطانيا من الاتحاد دولاً أخرى على إجراء استفتاءات جديدة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لا سيما أن العديد من استطلاعات الرأي التي أجريت أخيراً أظهرت أن نحو نصف الناخبين في ثماني دول كبيرة في الاتحاد الأوروبي يطالبون بمنحهم الفرصة نفسها التي مُنحت للناخبين البريطانيين.
كما أظهرت نتائج تلك الاستطلاعات أن الثلث سيختارون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي إذا مُنحوا فرصة الاستفتاء، وأن نسبة التصويت المحتمل بالانسحاب قد تصل في بعض البلدان الأوروبية إلى 48 في المائة، كما في إيطاليا وفرنسا.
إلى ذلك، أظهرت أحدث استطلاعات للرأي أن البريطانيين منقسمون تقريبا بشأن البقاء أو الخروج.