وسط نشاط كبير لمهرّبي الأعمال الفنية وبيعها في أوروبا في السنوات الأخيرة، ألغت بلجيكا عمل وحدة أمنية مكلفة برصد هذا النشاط، وهو ما يحوّل البلاد إلى سوق وممرّ لأنشطة تهريب وبيع غير مشروع
منذ نحو ستة أشهر، لم تعد قواعد بيانات منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" وقواعد البيانات البلجيكية تحدَّث بأيّ معلومات جديدة حول الأعمال الفنية المسروقة في البلاد. وعلى الرغم من التقدم الكبير في التشريعات التي اعتمدت في بروكسل في السنوات الأخيرة، إلا أنّ التراخي في مواجهة هذه الجرائم يثير قلقاً كبيراً في الخارج، وسط معلومات عن تحول بلجيكا إلى سوق وممر باتجاه بقية الدول الأوروبية للأعمال الفنية المسروقة تلك.
في ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، أوقف عمل خلية "الفنون والآثار" التابعة للشرطة الفيدرالية والتي كانت تسهر على مكافحة الاتجار غير المشروع بالتحف الفنية المسروقة. وحتى قبل وقف عملها، لم تكن الخلية تعمل إلّا بموظفين فقط لدرس ما بين 400 إلى 500 ملف سنوياً تخص التحف المسروقة. يقضي تفكيك الخلية، الذي اتخذته قيادة الشرطة الفيدرالية بموافقة وزير الداخلية يان يامبون، على نقطة الاتصال الوحيدة التي كانت قادرة على الاستجابة لطلبات الإنتربول والشرطة الأجنبية وإدارات الجمارك. وكان هذا القرار قد أقلق الإنتربول، ففي بريد إلكتروني سري موجه إلى رئيس الحكومة البلجيكية شارل ميشيل، عبرت منسقة وحدة الممتلكات الثقافية في المنظمة الدولية فرانسواز بورتولوتي، عن استيائها من غياب هذه الخدمة.
هجرة إلى بروكسل
لتهدئة الأمور، كان وزير الداخلية البلجيكي يان يامبون، قد أكد في حينه أنّ تفكيك الخلية لا يعني أنّ مهمتها قد انتهت، بل ستوكل أنشطتها إلى الشرطة. لكنّ "الشرطة العامة لا تريد القيام بهذه المهمة"، كما يقول لـ"العربي الجديد"، خبير في مكافحة هذا النوع من الاتجار طلب عدم الإفصاح عن هويته. يضيف: "بعض المسروقات تباع حالياً في السوق بأسعار منخفضة، وليس هناك أيّ رد فعل أمني. وهذا مؤسف بالنسبة للضحايا". يشير إلى أنّه منذ تفكيك خلية "الفنون والآثار" أهملت قاعدة البيانات الوطنية ولم تعد تخضع لأيّ تحديث. بدورها، ترفض الشرطة الفيدرالية "تأكيد أو نفي" هذه المعلومات، مشددة على أنّ عمل الخلية يستخدم بشكل مختلف من خلال محققين مختصين في معظم دوائر الشرطة القضائية.
التساؤل المطروح حالياً هو حقيقة تحول بلجيكا، خلال ستة أشهر، إلى مركز أوروبي وممر لهذا النوع من الجريمة. مخاوف كانت الإنتربول قد عبرت عنها مباشرة بعد تفكيك خلية الشرطة الفيدرالية البلجيكية المختصة في مكافحة الاتجار بالتحف الفنية المسروقة. يقول الخبير: "المؤكد هو أنّ مجموعة من التحف المسروقة تعرض بشكل عادي في بعض المعارض في بلجيكا. والعارضون لا يمكن أن يقدموا على ذلك في ألمانيا أو فرنسا".
يؤكد هذا الزعم لـ"العربي الجديد"، إدوار بلانش، المسؤول عن برنامج مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في منظمة اليونسكو. يقول: "في الوقت الراهن، لدينا انطباع بأنّ بلجيكا هي الحلقة الضعيفة في إطار سياسة مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. فمنذ عام 2009 وبعد التصديق على اتفاقية اليونسكو بشأن الاتجار، لم يجرِ اتخاذ أي تدبير لتنفيذ الإجراءات. وعندما أقدمت ألمانيا على تنفيذ الاتفاقية، غادرت وكالة الفن المعروفة لومبيرتز مدينة كولونيا الألمانية إلى بروكسل. أنا لا أقول إنّ هذه الشركة متهمة بهذه الجريمة، لكنّها فضلت الاستقرار في بلد يملك قوانين أقل صرامة".
اقــرأ أيضاً
إجراءات عقابية
حيال هذه الاتهامات ضد بلجيكا، يقول هنري بانيو، وهو محامٍ متخصص في سوق الفن، لـ"العربي الجديد": "على الرغم من أنّ بلادنا لديها شبكة من الطرقات والسكك الحديدية التي قد تكون مفيدة بشكل خاص للتجار الذين يرغبون في نقل أعمال فنية مسروقة من بلد إلى آخر في أوروبا، إلا أنّه من الناحية القانونية هناك الكثير من الإجراءات العقابية". يفسر: "هناك، على سبيل المثال، قانون مكافحة غسل الأموال وهو فعال جداً، إذ يحظر المعاملات النقدية المباشرة التي تزيد عن 3000 يورو. وعلى عكس ما كان سائداً حتى وقت قريب، يمكن لبلجيكا الآن متابعة سرقة عمل فني بشكل مستمر. قبل ذلك، كان ملف الجريمة يغلق بعد خمس سنوات من تاريخ السرقة. أخيراً، هناك اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية، والتي تسمح بمواجهة الجريمة. فإذا لم تغادر التحفة الفنية البلاد بشكل قانوني، يمكن لأيّ بلد موقع على الاتفاقية المطالبة باستردادها في وقت لاحق".
مع ذلك، فإنّ تجار الفن غير مرغمين على الإبلاغ عن الاشتباه في مصدر الأموال، عكس المصرفيين والمحامين. كذلك، لا تملك بلجيكا، كما هو الحال في فرنسا، قاعدة بيانات للمعاملات، وهي التي تضم عادة أسماء أطراف المعاملة، والتحف الفنية، والأسعار. وهو ما يدفع المختصين إلى اعتبار بلجيكا بلداً غير صارم في مواجهة هذا النوع من الجريمة. وبضغط من الإنتربول واليونسكو، جرى أخيراً إنشاء خلية اتصال بشأن "التحف الفنية المسروقة"، كما تؤكد الشرطة الفيدرالية البلجيكية، لكن من دون تقديم أي معلومات إضافية.
اقــرأ أيضاً
منذ نحو ستة أشهر، لم تعد قواعد بيانات منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" وقواعد البيانات البلجيكية تحدَّث بأيّ معلومات جديدة حول الأعمال الفنية المسروقة في البلاد. وعلى الرغم من التقدم الكبير في التشريعات التي اعتمدت في بروكسل في السنوات الأخيرة، إلا أنّ التراخي في مواجهة هذه الجرائم يثير قلقاً كبيراً في الخارج، وسط معلومات عن تحول بلجيكا إلى سوق وممر باتجاه بقية الدول الأوروبية للأعمال الفنية المسروقة تلك.
في ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، أوقف عمل خلية "الفنون والآثار" التابعة للشرطة الفيدرالية والتي كانت تسهر على مكافحة الاتجار غير المشروع بالتحف الفنية المسروقة. وحتى قبل وقف عملها، لم تكن الخلية تعمل إلّا بموظفين فقط لدرس ما بين 400 إلى 500 ملف سنوياً تخص التحف المسروقة. يقضي تفكيك الخلية، الذي اتخذته قيادة الشرطة الفيدرالية بموافقة وزير الداخلية يان يامبون، على نقطة الاتصال الوحيدة التي كانت قادرة على الاستجابة لطلبات الإنتربول والشرطة الأجنبية وإدارات الجمارك. وكان هذا القرار قد أقلق الإنتربول، ففي بريد إلكتروني سري موجه إلى رئيس الحكومة البلجيكية شارل ميشيل، عبرت منسقة وحدة الممتلكات الثقافية في المنظمة الدولية فرانسواز بورتولوتي، عن استيائها من غياب هذه الخدمة.
هجرة إلى بروكسل
لتهدئة الأمور، كان وزير الداخلية البلجيكي يان يامبون، قد أكد في حينه أنّ تفكيك الخلية لا يعني أنّ مهمتها قد انتهت، بل ستوكل أنشطتها إلى الشرطة. لكنّ "الشرطة العامة لا تريد القيام بهذه المهمة"، كما يقول لـ"العربي الجديد"، خبير في مكافحة هذا النوع من الاتجار طلب عدم الإفصاح عن هويته. يضيف: "بعض المسروقات تباع حالياً في السوق بأسعار منخفضة، وليس هناك أيّ رد فعل أمني. وهذا مؤسف بالنسبة للضحايا". يشير إلى أنّه منذ تفكيك خلية "الفنون والآثار" أهملت قاعدة البيانات الوطنية ولم تعد تخضع لأيّ تحديث. بدورها، ترفض الشرطة الفيدرالية "تأكيد أو نفي" هذه المعلومات، مشددة على أنّ عمل الخلية يستخدم بشكل مختلف من خلال محققين مختصين في معظم دوائر الشرطة القضائية.
التساؤل المطروح حالياً هو حقيقة تحول بلجيكا، خلال ستة أشهر، إلى مركز أوروبي وممر لهذا النوع من الجريمة. مخاوف كانت الإنتربول قد عبرت عنها مباشرة بعد تفكيك خلية الشرطة الفيدرالية البلجيكية المختصة في مكافحة الاتجار بالتحف الفنية المسروقة. يقول الخبير: "المؤكد هو أنّ مجموعة من التحف المسروقة تعرض بشكل عادي في بعض المعارض في بلجيكا. والعارضون لا يمكن أن يقدموا على ذلك في ألمانيا أو فرنسا".
يؤكد هذا الزعم لـ"العربي الجديد"، إدوار بلانش، المسؤول عن برنامج مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في منظمة اليونسكو. يقول: "في الوقت الراهن، لدينا انطباع بأنّ بلجيكا هي الحلقة الضعيفة في إطار سياسة مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. فمنذ عام 2009 وبعد التصديق على اتفاقية اليونسكو بشأن الاتجار، لم يجرِ اتخاذ أي تدبير لتنفيذ الإجراءات. وعندما أقدمت ألمانيا على تنفيذ الاتفاقية، غادرت وكالة الفن المعروفة لومبيرتز مدينة كولونيا الألمانية إلى بروكسل. أنا لا أقول إنّ هذه الشركة متهمة بهذه الجريمة، لكنّها فضلت الاستقرار في بلد يملك قوانين أقل صرامة".
إجراءات عقابية
حيال هذه الاتهامات ضد بلجيكا، يقول هنري بانيو، وهو محامٍ متخصص في سوق الفن، لـ"العربي الجديد": "على الرغم من أنّ بلادنا لديها شبكة من الطرقات والسكك الحديدية التي قد تكون مفيدة بشكل خاص للتجار الذين يرغبون في نقل أعمال فنية مسروقة من بلد إلى آخر في أوروبا، إلا أنّه من الناحية القانونية هناك الكثير من الإجراءات العقابية". يفسر: "هناك، على سبيل المثال، قانون مكافحة غسل الأموال وهو فعال جداً، إذ يحظر المعاملات النقدية المباشرة التي تزيد عن 3000 يورو. وعلى عكس ما كان سائداً حتى وقت قريب، يمكن لبلجيكا الآن متابعة سرقة عمل فني بشكل مستمر. قبل ذلك، كان ملف الجريمة يغلق بعد خمس سنوات من تاريخ السرقة. أخيراً، هناك اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية، والتي تسمح بمواجهة الجريمة. فإذا لم تغادر التحفة الفنية البلاد بشكل قانوني، يمكن لأيّ بلد موقع على الاتفاقية المطالبة باستردادها في وقت لاحق".
مع ذلك، فإنّ تجار الفن غير مرغمين على الإبلاغ عن الاشتباه في مصدر الأموال، عكس المصرفيين والمحامين. كذلك، لا تملك بلجيكا، كما هو الحال في فرنسا، قاعدة بيانات للمعاملات، وهي التي تضم عادة أسماء أطراف المعاملة، والتحف الفنية، والأسعار. وهو ما يدفع المختصين إلى اعتبار بلجيكا بلداً غير صارم في مواجهة هذا النوع من الجريمة. وبضغط من الإنتربول واليونسكو، جرى أخيراً إنشاء خلية اتصال بشأن "التحف الفنية المسروقة"، كما تؤكد الشرطة الفيدرالية البلجيكية، لكن من دون تقديم أي معلومات إضافية.
حملة أوروبية
من جهته، يواجه الاتحاد الأوروبي هاجساً رئيسياً يتعلق بكيفية قطع التمويل المالي عن المنظمات الإرهابية. فبعد اقتراح تعديل التشريعات المتعلقة بغسل الأموال وتعزيز السيطرة على الحركات النقدية الخارجة من دول الاتحاد الأوروبي، يسعى الاتحاد إلى توجيه ضربات إلى واحدة من العمليات الأكثر ربحاً بالنسبة للجماعات الإرهابية، وهي التجارة في القطع الأثرية. وللقيام بذلك، اقترح تعزيز إمكانية تتبّع التحف الفنية والأثرية التي تدخل أراضي الاتحاد.
تعتبر تجارة التحف الأثرية من القطاعات المربحة التي تقارن حالياً بتجارة الأسلحة والمخدرات والبضائع المزيفة. ووفقاً للمفوضية الأوروبية، فإنّ ما بين 80 و90 في المائة من مبيعات التحف الأثرية غير مشروعة. أما على الصعيد العالمي، فهذه التجارة تدرّ على أصحابها ما بين 3 و6 مليارات دولار أميركي سنوياً. وبحسب المسؤولة في المجلس الدولي للمتاحف فرانس ديسماري، فإنّ "هذه التجارة يصعب قياس حجم إيراداتها بالكامل، خصوصاً أنّها منذ فترة طويلة من اختصاص القطاع الثقافي وحده". تتابع: "في العام الماضي، اعتبر وزير الداخلية البلجيكي يان يامبون، أنّ مكافحة هذه التجارة ليست أولوية، قبل أن يغير رأيه". كذلك، فإنّ وحدة معالجة المعلومات المالية لا تمتلك إحصائيات عن الجريمة، بينما يشدد جهاز الجمارك البلجيكي على أنّ الموظفين لا يمتلكون التأهيل الكافي، ما يصعّب عملية الكشف عن الجريمة.
تشريعات
في الفترة الأخيرة، أدخلت أربع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي قواعد صارمة في خصوص جريمة الأعمال الفنية المسروقة، وهي ألمانيا وهولندا والنمسا وفرنسا. لكن، في سوق أوروبية مشتركة حيث تنتقل البضائع بحرية، لا بدّ من التأكد أولاً من إمكانية مراقبة جميع نقاط الدخول.
وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت أخيراً اعتبار جميع السلع التي يعود تاريخ إبداعها وإنتاجها إلى ما قبل 250 سنة في إطار التشريعات الجديدة. وبذلك، لن يسمح بدخول التحف الأثرية (أجزاء من الآثار والمخطوطات القديمة وغيرها) إلى الاتحاد الأوروبي إلّا إذا كان المستورد يملك رخصة ممنوحة من قبل الدولة العضو التي دخل منها تثبت أنّ الممتلكات غادرت بلد المصدر بشكل قانوني. أما بالنسبة للأنواع الأخرى من الممتلكات الثقافية، فسيكون على المستورد إبراز وثيقة تضمن أن يكون قد جرى تصديرها بشكل شرعي من بلد المصدر، على أن ترفق الوثيقة ببطاقة هوية للتحف استناداً إلى المعايير الدولية لتحديد التحف الفنية والأثرية.
كذلك، أجابت المفوضية الأوروبية في مقترحاتها على طلب قدم منذ فترة طويلة من قبل إدارات الجمارك يتعلق بضرورة "عكس عبء الإثبات"، إذ لن يكون الوكلاء مجبرين على إثبات أنّ التحف قد دخلت بطريقة غير مشروعة، لكن على المستوردين إثبات أنّ نقل التحف قد احترم القوانين. وفي حال عدم الامتثال، اقترحت المفوضية فرض عقوبات على المستوردين، على أن يترك لكلّ حكومة على حدة تحديد نوعها.
مقترحات لم تحظ بقبول سوق التحف الفنية والأثرية. إذ علقت "الجمعية البريطانية لتجار التحف": "كيف يمكننا إيجاد حلول لمشكلة في وقت لم يجرِ بعد تحديد المشكلة. نحن لا نعتقد أنّ هناك حاجة إلى تدابير جديدة على المستوى الأوروبي". وهو ما ينبئ بنقاشات حادة خلال المفاوضات بين الدول الأوروبية.
اقــرأ أيضاً
من جهته، يواجه الاتحاد الأوروبي هاجساً رئيسياً يتعلق بكيفية قطع التمويل المالي عن المنظمات الإرهابية. فبعد اقتراح تعديل التشريعات المتعلقة بغسل الأموال وتعزيز السيطرة على الحركات النقدية الخارجة من دول الاتحاد الأوروبي، يسعى الاتحاد إلى توجيه ضربات إلى واحدة من العمليات الأكثر ربحاً بالنسبة للجماعات الإرهابية، وهي التجارة في القطع الأثرية. وللقيام بذلك، اقترح تعزيز إمكانية تتبّع التحف الفنية والأثرية التي تدخل أراضي الاتحاد.
تعتبر تجارة التحف الأثرية من القطاعات المربحة التي تقارن حالياً بتجارة الأسلحة والمخدرات والبضائع المزيفة. ووفقاً للمفوضية الأوروبية، فإنّ ما بين 80 و90 في المائة من مبيعات التحف الأثرية غير مشروعة. أما على الصعيد العالمي، فهذه التجارة تدرّ على أصحابها ما بين 3 و6 مليارات دولار أميركي سنوياً. وبحسب المسؤولة في المجلس الدولي للمتاحف فرانس ديسماري، فإنّ "هذه التجارة يصعب قياس حجم إيراداتها بالكامل، خصوصاً أنّها منذ فترة طويلة من اختصاص القطاع الثقافي وحده". تتابع: "في العام الماضي، اعتبر وزير الداخلية البلجيكي يان يامبون، أنّ مكافحة هذه التجارة ليست أولوية، قبل أن يغير رأيه". كذلك، فإنّ وحدة معالجة المعلومات المالية لا تمتلك إحصائيات عن الجريمة، بينما يشدد جهاز الجمارك البلجيكي على أنّ الموظفين لا يمتلكون التأهيل الكافي، ما يصعّب عملية الكشف عن الجريمة.
تشريعات
في الفترة الأخيرة، أدخلت أربع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي قواعد صارمة في خصوص جريمة الأعمال الفنية المسروقة، وهي ألمانيا وهولندا والنمسا وفرنسا. لكن، في سوق أوروبية مشتركة حيث تنتقل البضائع بحرية، لا بدّ من التأكد أولاً من إمكانية مراقبة جميع نقاط الدخول.
وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت أخيراً اعتبار جميع السلع التي يعود تاريخ إبداعها وإنتاجها إلى ما قبل 250 سنة في إطار التشريعات الجديدة. وبذلك، لن يسمح بدخول التحف الأثرية (أجزاء من الآثار والمخطوطات القديمة وغيرها) إلى الاتحاد الأوروبي إلّا إذا كان المستورد يملك رخصة ممنوحة من قبل الدولة العضو التي دخل منها تثبت أنّ الممتلكات غادرت بلد المصدر بشكل قانوني. أما بالنسبة للأنواع الأخرى من الممتلكات الثقافية، فسيكون على المستورد إبراز وثيقة تضمن أن يكون قد جرى تصديرها بشكل شرعي من بلد المصدر، على أن ترفق الوثيقة ببطاقة هوية للتحف استناداً إلى المعايير الدولية لتحديد التحف الفنية والأثرية.
كذلك، أجابت المفوضية الأوروبية في مقترحاتها على طلب قدم منذ فترة طويلة من قبل إدارات الجمارك يتعلق بضرورة "عكس عبء الإثبات"، إذ لن يكون الوكلاء مجبرين على إثبات أنّ التحف قد دخلت بطريقة غير مشروعة، لكن على المستوردين إثبات أنّ نقل التحف قد احترم القوانين. وفي حال عدم الامتثال، اقترحت المفوضية فرض عقوبات على المستوردين، على أن يترك لكلّ حكومة على حدة تحديد نوعها.
مقترحات لم تحظ بقبول سوق التحف الفنية والأثرية. إذ علقت "الجمعية البريطانية لتجار التحف": "كيف يمكننا إيجاد حلول لمشكلة في وقت لم يجرِ بعد تحديد المشكلة. نحن لا نعتقد أنّ هناك حاجة إلى تدابير جديدة على المستوى الأوروبي". وهو ما ينبئ بنقاشات حادة خلال المفاوضات بين الدول الأوروبية.