تنفيذ هدنة قدسيا: دور روسي وانسحاب 135 مقاتلاً لإدلب

30 نوفمبر 2015
من الانفجارات في قدسيا عام 2012(فرانس برس)
+ الخط -
بعد نحو أربعة أشهر من الحصار الخانق، يعود ملف الهدنة إلى مدينة قدسيا وجارتها منطقة الهامة في الريف الغربي لدمشق، إلى التداول الإعلامي، مع إعلان صحيفة "الوطن" السورية المقرّبة من النظام السوري، الأحد الماضي، عن فك الحصار عن المدينة إثر اتفاق جديد بين الفصائل المسلحة المسيطرة عليها والنظام. إلّا أن الحصار لم يُرفع في الموعد المحدد، ليأتي وزير "المصالحة الوطنية" في النظام، علي حيدر، الثلاثاء الماضي، ويعيد تأكيد ما جاء في "الوطن"، لكنّه هو الآخر لم يحدّد تاريخاً لفك الحصار، مبيّناً أنّ الأمر سيتم خلال اليومين المقبلين، وأيضاً لم يتم الأمر. لكن يوم أمس الاثنين شهد أخيراً تنفيذاً لإحدى أبرز الخطوات التي تضمنها اتفاق فك الحصار، عندما تم نقل عشرات المقاتلين المعارضين برفقة عائلاتهم من قدسيا المحاصرة منذ أشهر من قبل القوات النظامية، إلى محافظة إدلب الخاضعة "لجيش الفتح"، برعاية من "الهلال الأحمر السوري" والأمم المتحدة. وقال عضو المجلس المحلي في مدينة قدسيا، محمد الشامي، لـ"العربي الجديد"، إنه "في صباح اليوم (أمس) الاثنين نفذ أحد مطالب النظام لفك الحصار عن مدينة قدسيا، بترحيل عدد من المقاتلين الذين بلغ عددهم 135 شاباً برفقة عائلاتهم، وذلك برعاية الهلال الأحمر السوري ولجنة المصالحة في مدينة قدسيا، ومندوبين عن الأمم المتحدة، ونقلوا إلى إدلب". وبحسب حديث عضو المجلس المحلي في مدينة قدسيا، محمد الشامي، لـ"العربي الجديد"، فإن المسلحين المعارضين "خرجوا من دون أن يصطحبوا أي سلاح"، جازماً بأنه "لا توجد مجموعات أخرى سيتم نقلها إلى خارج قدسيا".

وشدد على أنه "لا يزال في قدسيا أعداد من المقاتلين، في حين يتم حالياً انتظار الخطوة المقابلة من قبل النظام بفك الحصار، والسماح بدخول المواد الغذائية والطبية والوقود، على أن يشمل الأمر المناطق المحاصرة المحيطة بقدسيا".

وكانت صحيفة "الوطن" قد نقلت عن مصادر من لجان المصالحة، قولها إن "الاتفاق ينص على قرار فتح الطرق"، موضحة أنّه جاء "بعد موافقة نحو 40 شخصاً من أهالي قدسيا المسلحين على مغادرتها مع عائلاتهم باتجاه محافظة إدلب، من دون أن يخرجوا معهم أي أسلحة، وهم مستعدون لتنفيذ هذا الإخلاء في أي وقت، سيتم بعدها فتح الطرق، وإعادة الخدمات".

وتبيّن الصحيفة، أنّ رفع الحصار وترحيل المسلّحين لا يعني حالياً دخول الجيش السوري أو الأجهزة الأمنية المنتشرة في المحيط الملاصق للمدينة إلى داخلها، وإنما سيتم توكيل مهمة حفظ الأمن داخل المدينة إلى لجان من أهالي قدسيا.

اقرأ أيضاً: حصار تجويع الهامة وقدسيا... نموذج لانتهاك النظام السوري تعهّداته

من جانبه، يكشف الشامي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "جلسات التفاوض التي عقدت بين لجنة المصالحة وضباط من القوات النظامية، حضرها ضباط روس، وكانوا يدققون في أسباب الصراع والعقبات أمام الهدنة، لكن وفد النظام كان يحاول أن لا يدع للوفد الروسي مجالاً للتدخل، وسارع في إنجاز الاتفاق ليكون هو الحاصد للنتائج، لكن إلى اليوم لم يفِ بوعوده".

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر ميدانية مطلعة، أنّ النظام طلب ترحيل اثنَين من قيادات الفصائل المسلحة المعارضة في قدسيا، هما علاء الصالح والآخر الملقّب بـ"أبو عبدو"، إلى إدلب في شمال البلاد، وهما من القيادات المشهود لها بالنزاهة والكفاءة، مقابل فك الحصار، ما دفع مجموعة من المقاتلين المعارضين في قدسيا إلى طلب نقلها أيضاً إلى إدلب".

وفي ما يخصّ الهامة، يقول عضو المكتب الإعلامي للمجلس المحلي في المنطقة، عامر الشامي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك مفاوضات دائرة مع النظام لكن لم يتم التوصل حتى اليوم إلى صيغة نهائية"، لافتاً إلى أنّ "لا أحد من أبناء الهامة يرغب بالخروج من بلدته لا إلى إدلب ولا إلى غيرها من المناطق".

ويوضح أنّه "منذ أكثر من شهر، طلب النظام القيام بإجراءات عدة، منها وضع حواجز للجان من أهل البلدة، وإغلاق ثلاثة منافذ لا يرصدها القناصة بالسواتر الترابية، إضافة إلى تسوية أوضاع 60 شاباً مسلحاً، إذ يقومون بتسليم سلاحهم الفردي، ليعاد تسليمها إلى اللجان مرة أخرى، مقابل فك الحصار، لكن لم يتحقّق ذلك. وفي كل مرة، يضع النظام حجة، إما أنه مشغول بعملياته في الزبداني، وإما أن العقيد المسؤول عن ملف الهامة والزبداني من الحرس الجمهوري في مهمة وينتظرون عودته، وفي النهاية لا فك للحصار".

ويرى الشامي، أن "النظام يسعى بكل جهوده إلى فصل الهامة عن قدسيا، إذ تشاركتا التظاهرات منذ بداية الحراك الشعبي السلمي، ودائماً يتهمهما النظام بخطف عناصره، وهي اتهامات باطلة". ويبيّن أنّ "الهامة وقدسيا تعيشان في ظل ظروف إنسانية صعبة، جراء الحصار الخانق الذي فرض على البلدة منذ الـ22 من شهر يوليو/تموز الماضي، إذ إنّ الأهالي يعانون من قلة المواد الغذائية والطبية ومواد المحروقات".

ويرى مراقبون أنّ النظام يعمل على حصار مناطق المعارضة في دمشق ومحيطها، بهدف الضغط عليهم ودفعهم للرحيل من مناطقهم إلى إدلب، بهدف تفريغ مناطق المعارضة من المقاتلين، وبالتالي إبعادهم عن العاصمة. وسبق أن طرح النظام نقل مقاتلين في الزبداني إلى إدلب، الأمر الذي أثار غضب العديد من الأهالي والناشطين والسياسيين، الذين اعتبروا أن العملية تندرج في إطار تغيير الواقع الديمغرافي لدمشق وريفها. وكان النظام قد رحّل الفصائل المسلحة من حمص القديمة إلى ريف حمص عقب حصار طويل سابقاً، بحسب المراقبين أنفسهم.

اقرأ أيضاً: النظام ينقلب على مناطق "المصالحات" بريف دمشق

المساهمون