تناقضات المؤسسات الدينية السعودية بعد قرار السماح للمرأة بالقيادة

27 سبتمبر 2017
منال الشريف تقود سيارتها (مروان نعماني/ فرانس برس)
+ الخط -



قرر الملك سلمان بن عبدالعزيز، منح المرأة السعودية حق قيادة السيارة، أمس الثلاثاء، بعد أن كانت بلاده الدولة الوحيدة في العالم التي لا تسمح لهن بالقيادة، وفق أمر ملكي يبدأ تنفيذه بعد تسعة أشهر.

وفور صدور الأمر الملكي، بإقرار حق قاتلت لأجله النساء طوال عقود عدة، أعلنت هيئة كبار العلماء موافقتها على القرار، بعد أن كانت تصف النساء الساعيات للقيادة بأنهن "فاسدات يتبعن الغرب"، ما فتح الباب أمام انتقاد استقلالية الهيئة الرسمية، ومنح كثيرين فرصة لانتقاد فتاواها المثيرة، وبينها تأييدها لحصار قطر، والحرب الدموية على اليمن، ودعم الانقلاب العسكري في مصر.

ويعود تاريخ أول فتوى أصدرتها هيئة كبار العلماء السعودية، وهي المؤسسة الدينية الرسمية الوحيدة في البلاد، حول قيادة النساء، إلى عام 1990، بعد مسيرة السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني، حين قامت 47 امرأة بقيادة سياراتهن في شوارع العاصمة الرياض للمطالبة بحرية استخراج رخصة القيادة الممنوعة عليهن.

وجاء في نص الفتوى أن "هيئة كبار العلماء تفتي بعدم جواز قيادة النساء للسيارات، ووجوب معاقبة من يقمن بذلك بالعقوبة المناسبة التي يتحقق بها الزجر والمحافظة على الحرمات ومنع بوادر الشر لما ورد من أدلة شرعية توجب منع ابتذال المرأة أو تعريضها للفتن".

وكانت الفتوى ممهورة بتوقيع الشيخ عبد العزيز ابن باز، والذي يعد ثاني أهم رجل دين في تاريخ السعودية بعد الشيخ محمد بن عبدالوهاب، والذي دشن تعاليم الدولة السعودية الدينية المعمول بها حاليا، فضلا عن توقيع كل من الشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاة.

وقال رئيس هيئة كبار العلماء الحالي، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، في منتصف عام 2016، أثناء تصاعد الجدل حول قيادة المرأة للسيارة داخل السعودية، إن "قيادة النساء للسيارة أمر محرم لأنها قد تتعرض للفسق والفجور"، فيما سبق لعضو هيئة كبار العلماء وأحد الذين أصدروا فتوى جواز حصار قطر، الشيخ صالح الفوزان، أن أفتى بأن "المرأة إذا ملكت سيارة صارت تذهب أينما شاءت، وقد يتصل بها فاسق أو فاجر فيواعدها وتصبح فاسقة".

لكن الأمر الملكي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة أشار إلى أن "غالبية أعضاء هيئة كبار العلماء موافقون بشأن قيادة المرأة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية"، وأضاف أن "الدولة هي حارسة القيم الشرعية، وتعتبر المحافظة عليها ورعايتها في قائمة أولوياتها، سواء في هذا الأمر أو غيره، ولن تتوانى في اتخاذ كل ما من شأنه الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته".

وأيدت هيئة كبار العلماء في حسابها على موقع تويتر هذه الخطوة، على الرغم من أنها حرمتها سابقاً، وقالت "حفظ الله خادم الحرمين الشريفين (الملك سلمان) الذي يتوخى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرره الشريعة الإسلامية".


ثم أصدرت الهيئة بعد ذلك بياناً ناقضت فيه فتاواها السابقة، وسلمت سلطاتها الدينية بشكل كامل للملك، وقالت "إن فتاوى العلماء كافة؛ فيما يتعلق بقيادة المرأة للمركبة انصبت على المصالح والمفاسد، ولم تتعرض للقيادة ذاتها التي لا يحرمها أحدٌ لذات القيادة؛ ومن ثَمَّ فإن ولي الأمر عليه أن ينظر في المصالح والمفاسد في هذا الموضوع، بحكم ولايته العامة، واطلاعه على نواحي الموضوع من جهاته كافة، بما قلّده الله من مسؤوليات، وبما يطلع عليه من تقارير".

وقال الشيخ سعيد بن مسفر إن "القرار غير إلزامي لمن لا يرغب، والمرأة المحتشمة ستبقى محتشمة إذا قادت السيارة أو إذا مشت على قدميها"، لكن بن مسفر نفسه كان قد أصدر فتوى في السابق قال فيها إن "مقتضيات القيادة هي كشف الحجاب وإفساد المرأة المسلمة".

دلالات