بينما يتزايد تفشي جائحة كورونا وتتزايد الاحتجاجات الشعبية ضد العنصرية وفجوة الدخول في أميركا ، تتحول الجائحة من نقمة إلى نعمة على جزر الكاريبي التي يتزايد الطلب على عقاراتها وجوازات سفرها وشراء جزرها الصغيرة التي ظلت لعقود طويلة مهملة وغير مأهولة بالسكان.
وحسب مسح حديث لموقع " يو غوف" لاستفتاءات الرأي، فإن حوالى 31% من أصحاب المال في أميركا يبحثون عن جواز سفر ثان إلى جانب الجواز الأميركي، وبالتالي تستفيد جزر الكاريبي من تدفق الأثرياء الأميركيين الباحثين عن الهدوء بعيداً عن ضجيج المدن وزحمتها في الجزر المعزولة.
ولكن الجزر الصغيرة لا تدر الثروات على دول الكاريبي فحسب، بل تدر كذلك الملايين من الدولارات للعديد من الدول في أوروبا وأفريقيا ، خاصة في اليونان وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا، إذ قالت شركة " كي بي أم جي" البريطانية لتدقيق الحسابات في تقرير عن عقارات الجزر، أن الطلب يتزايد على شراء الجزر وعقاراتها في بريطانيا، إذ رفعت بعض الجزر سقف الضرائب على الأثرياء من 175 ألف جنيه إسترليني إلى 200 ألف جنيه إسترليني. وتعد جزيرة " آيل أوف مان" وجزيرة "تشانل آيلندز" من الجزر التي يفضلها الأثرياء بسبب قربها من المركز المالي العالمي في لندن.
وتعرض حالياً جزيرة "هورس" الصغيرة في إنكلترا بسعر 6.1 ملايين جنيه إسترليني كما بيعت جزيرة "ويست كورك"الصغيرة على الساحل الجنوبي لأيرلندا مقابل 5.5 ملايين يورو. واشترى الملياردير ألبرت سوتون في الشهر الماضي جزيرة صغيرة على ساحل "رود أيلند" بمبلغ مليون دولار ثم اشترى جزيرة صغيرة إلى جانبها بمبلغ 450 ألف دولار.
وخلال الشهور الأخيرة عرضت العديد من جزر الكاريبي جنسيتها وجواز سفرها مقابل التبرع والاستثمار في عقاراتها على أصحاب الثروات. وحسب تقرير بمجلة فوربس الأميركية، فإن جزر الكاريبي قدمت عروضاً مخفضة لجذب العائلات الثرية في أميركا.
فجزيرة "سانت كيتز آند نيفس" في منطقة الكاريبي منحت تخفيضات للحصول على جنسيتها وجوازها بنسبة 23% حتى نهاية العام الجاري 2020. وبالتالي يمكن للمستثمر الحصول على الجنسية والجواز مقابل التبرع بمبلغ 150 ألف دولار لـ"صندوق النمو الاقتصادي" في الجزيرة، وشراء عقار بقيمة 200 ألف دولار. وعبر هذه الاستثمارات يستطيع المستثمر الحصول على الجنسية وجواز سفر الجزيرة له ولأربعة من أفراد عائلته. وكان المبلغ المطلوب قبل من المستثمر قبل التخفيض، أن يستثمر في صندوق التنمية الاقتصادي 195 ألف دولار.
أما جزيرة لوشيا في الكاريبي فقد خفضت في مايو/ أيار الماضي أسعار الحصول على جنسيتها وجواز سفرها إلى 250 ألف دولار للفرد و300 ألف دولار للعائلة المكونة من 4 أشخاص. ويمنح جواز سفر جزيرة لوشيا المستثمر فرصة السفر إلى 146 دولة من دون تأشيرة أو الحصول على التأشيرة لدى الوصول. من جانبها منحت السلطات في جزيرتي أنتيغا وباربودا تخفيضات على الجنسية وجواز السفر عبر التبرع بمبلغ 100 ألف دولار لصندوق التنمية الوطني وشراء عقار.
كما عرضت جزيرة غرينادا في الكاريبي على الراغبين في الحصول على الجنسية وجواز السفر التبرع بمبلغ 150 ألف دولار لصندوق التنمية الوطني، وشراء عقار لا تقل قيمته عن 350 ألف دولار.
ولكن في مقابل هذه الأسعار الرخيصة عرضت بعض دول العالم، من بينها جزيرة مالطا التي تطالب بمزيج من التبرع والاستثمار الذي يكلف صاحب الطلب للحصول على الجنسية والجواز مبلغ 1.1 مليون دولار. ولكن جواز السفر المالطي يمنح صاحبه فرصة السفر والعيش في جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، كما يمنح فرصة السفر بدون تأشيرة دخول لنحو 183 دولة. وفي جزيرة قبرص يحتاج المستثمر لدفع 2.5 مليون دولار.
قال رجل العقارات الأميركي ومؤسس شركة "ذا أيجنسي"، مورسيو أومانسكي، إن الطلب على العقارات في المنتجعات الأميركية النائية يتزايد وبقوة بسبب تدفق كبار الأثرياء الذين يهربون بعائلاتهم من المدن الكبرى، مثل نيويورك ولوس أنجليس وشيكاغو بحثاً عن الهدوء في هذه الأماكن النائية.
وقال رجل العقارات الأميركي موسيو أومانسكي في تعليقات لقناة "فوكس نيوز"، إن هنالك ارتفاعاً ملحوظاً في الطلب على عقارات الجزر والمنتجعات النائية في أميركا، مثل منتجع آسبن بولاية كولورادو، وعلى منتجع بارك سيتي بولاية يوتا. ولكن هنالك كذلك زيادة في الطلب على منتجعات أخرى وجزر صغيرة في الكاريبي والمحيط الهادئ.
وعرضت وكالات العقارات الفخمة أكثر من 750 جزيرة صغيرة للبيع خلال السنوات الأخيرة، بحسب مجلة "فوربس". كما أن هنالك بعض الجزر الخاصة في دول الكاريبي معروضة للإيجار وبأسعار مرتفعة. وقال رئيس المبيعات والتأجير في سوق الجزر الخاصة كريس كرولو في تعليقات سابقة، لقناة "سي إن بي سي" الأميركية، إنّ جزيرة غلادين التي تقع في منطقة البحر الكاريبي تحظى بشعبية خاصة لأنها تتيح الخصوصية الكاملة.