تمرير الموازنة المصرية المشكوك بدستوريتها: لا تراعي الفئات المهمشة

28 يونيو 2016
أطراف في الحكومة أصرّت على تمرير الموازنة (الأناضول)
+ الخط -
يتفق خبراء قانون دستوري ونواب، على أن الموازنة العامة للدولة المصرية للعام المالي 2016 ـ 2017، التي أقرها البرلمان المصري، يوم الثلاثاء، تشوبها مخالفات دستورية، بما يُسهّل عملية الطعن ضدها. وأبدت أحزاب سياسية ونواب تكتل "25 ـ 30"، رفضهم القاطع لمشروع الموازنة العامة، لكونها مخالفة للدستور، لا لمجرد عدم اهتمامها بمحدودي الدخل والفئات المهمّشة. كما قررت أحزاب أخرى الموافقة على الموازنة، نظراً لضيق الوقت وعدم وجود مشروع بديل يمكن اعتماده، مع إدخال بعض التعديلات عليها في ما يتعلق بضرورة توفير مشروعات جديدة خلال العام المالي لتوفير أموال إنفاقها في القطاعات اﻷكثر تضرراً.

ويؤكد مراقبون أن التلاعب في الموازنة العامة وعدم ملاءمتها لنصوص الدستور، مخالفة كبيرة يجب تداركها، تحديداً في مخصصات التعليم والصحة والبحث العلمي، مشددين على عدم جواز ضم مستشفيات القوات المسلحة ومعاهد اﻷزهر لهذه البنود. ويشددون على أنه "لا مجال لتأويل النص الدستوري مهما حدث"، في إشارة إلى التلاعب بحساب الموازنة بالناتج المحلي وليس القومي، كما نص الدستور.

من جهته، يقول الخبير القانوني والدستوري، فؤاد عبد النبي، إن "الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016 ـ 2017، تشوبها مخالفة دستورية واضحة وصريحة". ويضيف عبد النبي لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة الحالية لم تلتزم بنصوص الدستور المصري، الذي تم تعديله في 2014، تحديداً في النسبة المحددة دستورياً للصحة والتعليم والبحث العلمي". ويرى أن تمرير الموازنة كما حصل الثلاثاء بالأخطاء والعيوب الدستورية، "سيتسبب في مشكلة لاحقاً".


ويلفت عبد النبي إلى أن "الحكومة تُعاقب وفقاً للقانون المصري على امتناعها الالتزام بالدستور. وبحسب القانون 94 لسنة 2015، والمادة 86 من قانون العقوبات 58 لسنة 1937، والقانون 92 لسنة 1996، فإنه يُعاقَب كل من يتسبب في تعطيل القانون والدستور، بل ويعتبر إرهابياً". 



وبشأن الحديث عن ضمّ مخصصات مستشفيات القوات المسلحة والمدارس اﻷزهرية لتعويض النسبة المقررة دستورياً للصحة والتعليم والبحث العلمي، يُشدّد عبد النبي على أن "هذه الخطوة مخالفة واضحة وغير دستورية، ولا يمكن تعويض بند مكان بند آخر"، معتبراً أن "هذه الخطوة تُعتبر تحايلاً على الشعب المصري والنصوص القانونية والدستورية".

ويوضح أن "التلاعب الواضح من قبل رئيس لجنة الخطة والموازنة وأعضاء الحكومة ونواب ائتلاف دعم مصر، بلفظ الناتج المحلي واستخدامه بدلاً من الناتج القومي، واﻷخير نصّ عليه الدستور، يعتبر مخالفة دستورية جسيمة، ﻷنه انتهاك صارخ للشعب المصري وواضعي الدستور". ويلفت عبد النبي إلى أنه بعد تمرير الموازنة، "يُمكن الطعن على عدم دستوريتها بسهولة، وهو حق مكفول للجميع، بنص مواد الدستور، التي تتيح رفع دعاوٍ وتحظر تحصين أي قرار من الطعن عليه".

ويتفق مع عبد النبي، أستاذ قانون بجامعة القاهرة، حول عدم دستورية الموازنة العامة للدولة، بسبب عدم الالتزام بحجم المخصصات للقطاع الصحافي والتعليمي والبحث العلمي. ويقول أستاذ القانون لـ"العربي الجديد"، إن "الموازنة العامة بها خلل كبير، ولم تتمكن الحكومة من تلافيه، وهذا يدلّ على فشلها من اﻷساس، وما كانت تستحق الموافقة عليها ومنحها ثقة البرلمان".

ويشير الأستاذ إلى أنه "كان هناك تعمّد من الحكومة في إرسال الموازنة متأخرة لمجلس النواب، كونه لا بدّ من اعتمادها قبل اﻷول من يوليو/تموز من كل عام". من جانبه، تمسك النائب أحمد طنطاوي، بموقفه الرافض تماماً لمشروع الموازنة العامة للدولة، مؤكداً مخالفتها للدستور المصري بشكل واضح وصريح. ويقول طنطاوي لـ"العربي الجديد"، إن "الموازنة لم تراع الفئات المهمشة".

ويرى النائب، بدوي عبد اللطيف، أن "الموازنة مخالفة للدستور، في ما يخص قطاعات التعليم والتعليم العالي والصحة، لناحية تخصيص نسبة أقلّ من المحددة في الدستور". ويوضح عبد اللطيف، في كلمته بالجلسة العامة، أن "لجنة الخطة والموازنة اختلفت على حساب الموازنة وفقاً للناتج القومي أو المحلي للخروج من المأزق الدستوري".

وقد حاول رئيس لجنة الخطة والموازنة، حسين عيسى، تهدئة الموقف خلال المناقشات، بالقول إن النص الخاص بالناتج القومي الإجمالي غير معروف، والنسب في الدستور تحسب وفق الناتج المحلي، ليرد عليه النائب خالد يوسف، بالرفض.