لم تنته تداعيات تحطيم تمثال المرأة العارية في الجزائر، في ظل وجود تماثيل أخرى في البلاد ترتبط بالحقبة الاستعمارية. ويستمر الجدال
حادثة تحطيم تمثال "المرأة العارية" المعروف بـ"عين الفوارة"، وسط مدينة سطيف، شرق الجزائر، قبل نحو أسبوعين، أثار جدالاً كبيراً في البلاد، على خلفية مبررات هذه الحادثة التي تتعلق بطبيعة التمثال، وهو ما يراه البعض خدشاً للحياء العام. وطالب أناس السلطات بنقله وتماثيل أخرى مثيرة للجدل مقامة في عدد من المدن الجزائرية إلى المتاحف، حفاظاً على قيمتها الفنية من جهة، والحياء العام من جهة أخرى. في المقابل، يرفض آخرون المساس بها، ويُصرّون على إبقائها في أمكنتها كقيمة فنية مرتبطة بالمكان.
قبل حادثة تحطيم التمثال، دعا عالم دين مشهور في الجزائر يُدعى الشيخ شمس الدين، خلال تقديمه برنامجاً في تلفزيون محلي مقرب من السلطة، محافظ ولاية سطيف، شرق الجزائر، إلى "ستر تمثال المرأة العارية"، أو نقله إلى متحف، لافتاً إلى أن وجوده قبالة مسجد أمر غير مقبول، خصوصاً أن تاريخ إقامة هذا التمثال يرتبط بحكاية معينة. وتقول الحكاية إن حاكم المدينة الفرنسي في عهد الاستعمار كان ينزعج من توضؤ المصلين من النافورة القريبة من المسجد، فقرر إقامة تمثال خادش لحياء المسلمين، علّهم يتوقفون عن التوضؤ من النافورة.
واختار تمثال المرأة العارية الذي لطالما عدّ رمزاً من رموز المدينة، ويعرف باسم "عين الفوارة"، ويزوره كثيرون، إضافة إلى السياح، لالتقاط الصور.
ليس تمثال المرأة العارية في سطيف وحده الذي يثير الجدال في الجزائر، بل تنتشر تماثيل كثيرة في عدد من المدن في البلاد، خصوصاً وسط الجزائر العاصمة، وفي المباني التي يعود بناؤها إلى الفترة الاستعمارية، وغيرها من المدن التي تسعى إلى الحفاظ عليها تخليداً لبعض الفترات التاريخية التي عاشتها الجزائر بشكل أساسي. وفي مدينة سكيكدة، ما زال تمثال "الرجل الأخطبوط"، الذي يجسّد رجلاً عارياً يصارع أفعى ويمسك برأسها، يثير حفيظة بعض السكان الذين يخجلون من طبيعته، خصوصاً إذا ما كانوا برفقة عائلاتهم.
اقــرأ أيضاً
ويسأل الأستاذ الجامعي في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في سيدي بلعباس، محمد ظريف، في اتصال مع "العربي الجديد": "هل نحن أمام ضرورة اجتثاث هذه التماثيل التي لا تمت بصلة لتراثنا وتقاليدنا وأعرافنا؟". يضيف: "يرى البعض أن هذه التماثيل لا تمت بصلة إلى ثقافة الجزائريين، كما أنها تساهم في نشر أفكار متحررة عرفتها فرنسا بعد زمن الكبت الاجتماعي، وهو ما تعبر عنه، إذ تصوّر الجسد بأشكال مختلفة، وقد وُضعت في مداخل أبواب العمارات والشرفات". ويقول إنه لا يؤيّد بقاء مثل هذه التماثيل في حال كانت تؤثّر على الشعور العام، لكنه في الوقت نفسه، يؤمن بأن قيمتها الحضارية موجودة ولا بد منها، ولا يمكن القضاء عليها من خلال استجداء العواطف أو بواسطة العنف، كما حدث مع تمثال عين الفوارة.
ولأنّ العديد من المدن الجزائرية تضمّ معالم أو تحفاً فنية تعزز من قيمتها وجمالها، يقترح البعض تحديد المعالم التي تميّز كل منطقة عن غيرها، ما يجعلها "قبلة سياحية". وتقول الأستاذة الجامعية في قسم الإعلام والاتصال، إيمان بخزرة، إن "الانتصار لحضارتنا يمر عبر تخليد رموزنا والشخصيات التي قدمت الكثير لبلدنا وحضارتنا العربية والإسلامية، وترسيخها في أذهان المواطنين والأجيال المقبلة".
يشار إلى أن مدينة سطيف، الواقعة على بعد 300 كيلومتر (شرق الجزائر العاصمة)، تتميز عن بقية المدن الجزائرية بارتباطها العميق بتمثال المرأة العارية المنصوب في قلب المدينة، والذي يجذب المقيمين والوافدين من المحافظات الأخرى، إضافة إلى السياح الأجانب.
اقــرأ أيضاً
قبل حادثة تحطيم التمثال، دعا عالم دين مشهور في الجزائر يُدعى الشيخ شمس الدين، خلال تقديمه برنامجاً في تلفزيون محلي مقرب من السلطة، محافظ ولاية سطيف، شرق الجزائر، إلى "ستر تمثال المرأة العارية"، أو نقله إلى متحف، لافتاً إلى أن وجوده قبالة مسجد أمر غير مقبول، خصوصاً أن تاريخ إقامة هذا التمثال يرتبط بحكاية معينة. وتقول الحكاية إن حاكم المدينة الفرنسي في عهد الاستعمار كان ينزعج من توضؤ المصلين من النافورة القريبة من المسجد، فقرر إقامة تمثال خادش لحياء المسلمين، علّهم يتوقفون عن التوضؤ من النافورة.
واختار تمثال المرأة العارية الذي لطالما عدّ رمزاً من رموز المدينة، ويعرف باسم "عين الفوارة"، ويزوره كثيرون، إضافة إلى السياح، لالتقاط الصور.
ليس تمثال المرأة العارية في سطيف وحده الذي يثير الجدال في الجزائر، بل تنتشر تماثيل كثيرة في عدد من المدن في البلاد، خصوصاً وسط الجزائر العاصمة، وفي المباني التي يعود بناؤها إلى الفترة الاستعمارية، وغيرها من المدن التي تسعى إلى الحفاظ عليها تخليداً لبعض الفترات التاريخية التي عاشتها الجزائر بشكل أساسي. وفي مدينة سكيكدة، ما زال تمثال "الرجل الأخطبوط"، الذي يجسّد رجلاً عارياً يصارع أفعى ويمسك برأسها، يثير حفيظة بعض السكان الذين يخجلون من طبيعته، خصوصاً إذا ما كانوا برفقة عائلاتهم.
إلّا أنّ هذه التحفظات لا تبرّر التهجم على التماثيل ومحاولة اقتلاعها بمطرقة، كما يقول الباحث سهيل مناصر، لـ"العربي الجديد". ويشبّه الأمر بهجوم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الآثار في تدمر السورية وغيرها، موضحاً أن التماثيل "قيمة فنيّة لا غبار عليها، وتحمل جمالية وقصصاً تجعلنا نقرأها بعيون مختلفة". يضيف: "اليوم، نواجه أفكاراً متشددة. أصحابها يتعصّبون لفكرة أن التمثال يعد من المحرمات، ما يتطلب القضاء عليه، وإن كان من موروثاتنا عقب الفترة الاستعمارية". برأيه، "لا يمكن بأي حال من الأحوال مواجهة قيمة فنية وتاريخية بعنف يعبر عن همجية"، مطالباً السلطات بالعمل على الحفاظ على التماثيل كقيمة رمزية وفنية تعبر عن إحدى الفترات التاريخية، مع إمكانية نقلها إلى متاحف لحمايتها.
ويسأل الأستاذ الجامعي في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في سيدي بلعباس، محمد ظريف، في اتصال مع "العربي الجديد": "هل نحن أمام ضرورة اجتثاث هذه التماثيل التي لا تمت بصلة لتراثنا وتقاليدنا وأعرافنا؟". يضيف: "يرى البعض أن هذه التماثيل لا تمت بصلة إلى ثقافة الجزائريين، كما أنها تساهم في نشر أفكار متحررة عرفتها فرنسا بعد زمن الكبت الاجتماعي، وهو ما تعبر عنه، إذ تصوّر الجسد بأشكال مختلفة، وقد وُضعت في مداخل أبواب العمارات والشرفات". ويقول إنه لا يؤيّد بقاء مثل هذه التماثيل في حال كانت تؤثّر على الشعور العام، لكنه في الوقت نفسه، يؤمن بأن قيمتها الحضارية موجودة ولا بد منها، ولا يمكن القضاء عليها من خلال استجداء العواطف أو بواسطة العنف، كما حدث مع تمثال عين الفوارة.
ولأنّ العديد من المدن الجزائرية تضمّ معالم أو تحفاً فنية تعزز من قيمتها وجمالها، يقترح البعض تحديد المعالم التي تميّز كل منطقة عن غيرها، ما يجعلها "قبلة سياحية". وتقول الأستاذة الجامعية في قسم الإعلام والاتصال، إيمان بخزرة، إن "الانتصار لحضارتنا يمر عبر تخليد رموزنا والشخصيات التي قدمت الكثير لبلدنا وحضارتنا العربية والإسلامية، وترسيخها في أذهان المواطنين والأجيال المقبلة".
يشار إلى أن مدينة سطيف، الواقعة على بعد 300 كيلومتر (شرق الجزائر العاصمة)، تتميز عن بقية المدن الجزائرية بارتباطها العميق بتمثال المرأة العارية المنصوب في قلب المدينة، والذي يجذب المقيمين والوافدين من المحافظات الأخرى، إضافة إلى السياح الأجانب.