تلويحة لمترجم زوربا

18 مارس 2016
"زوربا" لـ إدوارد لايتهاوس / بريطانيا
+ الخط -

شاءت الصدفة وحدها، أن يصل بلادَنا المحتلة، بعضُ ترجماته وكتبه النقدية فقط. ولأن الذهاب إلى جورج طرابيشي، له عدّة مداخل، فسأكتفي بالحديث عنه كمترجم.

في زمن يبدو موغلاً الآن، قرأنا ترجمته لـ "زوربا اليوناني"، ولا أظن أن واحداً من جيلي، على الأقل، لم تؤثر فيه تلك الرواية، بهذا المقدار أو ذاك. بل لقد صارت النزعة الزورباوية أو المسّ الزورباوي، شيئاً يمكن لمسه باليدين، في العديد من كتابات وكتب تلك الحقبة، وخصوصاً في الشعر.

حقبة زوربا في الأدب العربي، التي لا يزال بعض تأثيرها سارياً إلى اليوم، يعود الفضل فيها لهذا الرجل بالذات.

ترجماته الأخرى، خصوصاً كتب فرويد، لم تكن بذات التأثير، وإن لم تنقص قيمتها مقدار أُنملة، لسبب معروف: تربتنا غير مهيّئة. فلولا طرابيشي ما عرفنا الضلع الثالث من أضلاع المثلّث الماسي للثقافة الغربية، في عصورها الحديثة: فرويد.

ومع أنه ترجم عن لغة وسيطة هي الفرنسية، إلا أنه سحرنا. الأمر الذي يُذكّرنا بمواطنه وزميله، مترجم دستويفسكي، سامي الدروبي.

ما يفتح السؤال على وسعه: هل يمكن الحديث عن "مدرسة سورية في الترجمة"؟ تلك المدرسة التي تميّزت بطلاوتها ودقّتها ويناعتها، لكأنك تقرأ الأصل؟ من سامي، إلى جورج، إلى صالح علماني، والحبل على الجرّار؟

رحل المترجم الذي أعطى عمره للثقافة العربية وهو يخشى ألا يرى نهاية للنفق، ومن قعر هذا النفق سنقول له، ما يجب أن يقال: رحلت يا جورج، وتركت فينا شيئاً منك. ولعلّ في أمرٍ كهذا ما يستدعي نفحة من العزاء.



اقرأ أيضاً: حيرة المثقّف وخيبته

دلالات
المساهمون