خيّم الصمت على "ترافالغار سكوير"، (مكان سياحي وسط العاصمة البريطانية لندن)، في 8 يناير/ كانون الثاني الجاري، عقب الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية. اجتمع مئات الأشخاص وأعربوا عن حزنهم وغضبهم وتضامنهم مع حرية الصحافة. وصف البعض الهجوم بـ"الأسوأ منذ نحو 40 عاماً". تلك الوقفة الاحتجاجية عبّرت عن استنكار الجموع لما وصفوه بالإرهاب، ورفض سيطرة مناخ الرعب، والإصرار على الدفاع عن حرية التعبير. وتساءلوا: "كيف يمكن لكلمات أو رسوم أن تؤدي إلى إزهاق أرواح بشر؟".
وضع المشاركون في هذه الوقفة الاحتجاجية أقلامهم أمام لافتة "أنا شارلي"، بالإضافة إلى الأزهار. أما الجالية العربية المسلمة المقيمة في بريطانيا، فلم تصمت بدورها أمام هذه الجريمة التي هزّت أوروبا والعالم. كانت لها مواقفها وخصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي. أعرب معظمها عن رفض القتل بالمطلق.
كذلك، استنكرت منظمات عربية في بريطانيا العمل الإرهابي وأعلنت براءة الإسلام منه. ودان عدد من رجال الدين القتل. كذلك، شعر عدد كبير من العرب بالقلق والخوف من تداعيات هذا الأمر عليهم في المستقبل، وخصوصاً أنهم يجهدون لإبعاد تهمة الإرهاب عنهم. حتى أن بعض الأهالي تخوفوا من تعرّض أبنائهم في المدارس أو الجامعات إلى ردود فعل قد تودي بحياة أبرياء لا علاقة لهم بتلك الحادثة.
تجدر الإشارة إلى أن طالباً جامعياً، يدعى بلال ميرزا، قتل الأسبوع الماضي طعناً بسكين، بعد خروجه من منزل جدته. وتؤكد عائلته أن ليس لديه أعداء، ويمكن أن يكون قد وجد في المكان الخطأ والوقت غير المناسب. ودعا النائب نظمي زهاوي، من حزب المحافظين، (مواليد العراق)، رؤساء الدول العربية والإسلامية إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لمعالجة الإرهاب، وطالب بإلغاء عقوبة الموت بتهمة الإلحاد في السعودية وأفغانستان وباكستان، وحثّ بريطانيا على استخدام نفوذها في سبيل ذلك.
في السياق، يقول رئيس رابطة العرب البريطانيين، سعيد عطا الله، لـ"العربي الجديد"، إن "الجمعية تدين الهجوم الإرهابي على مكاتب الصحيفة"، واصفاً الهجوم بـ"المروّع الذي قد يزيد من حدّة المشاعر المناهضة للهجرة، ويفاقم العداء للإسلام في أوروبا. كما يمكن أن يؤثّر على مستقبل الإثنيات والأقليات العرقية".
يضيف أن رابطة العرب البريطانيين التي تضم جميع الديانات، تدرك جيداً معاناة ضحايا التطرّف، وخصوصاً في الشرق الأوسط، وتشعر بالتقارب والتعاطف مع ضحايا الإرهاب في بريطانيا والعالم، ويأمل أن يتحد سكان أوروبا ضد التطرف، مؤكداً أن الاختلافات بين الإرهابي الذي يقتل باسم الإسلام والشعوب المسلمة واضحة ومفهومة.
يتابع عطا الله أن أولئك الإرهابيين الذين يمجّدون العنف ويستخدمونه كوسيلة لبلوغ أهدافهم لا علاقة لهم بالإسلام في أوروبا. ويضيف أن "حرية الرأي والتعبير هي قيمة في بريطانيا ولدى العرب البريطانيين، والتهجّم على تلك القيمة في فرنسا أو بريطانيا يؤثّر علينا جميعاً"، آملا ألا يُستغل التعدي على حرية التعبير من قبل المتطرفين الدينيين، وتُنتهك الحريات المدنية "لأنّنا نحتاج إلى التمسّك بتلك القيم وحمايتها".
من جهته، يقول الشيخ هاني طاهر، لـ"العربي الجديد"، إنه يستبعد أن يكون لهذا الحدث أثراً كبيراً على الجاليات العربية والمسلمة في بريطانيا، ولا يعتقد أنّه من الممكن أن تُتّخذ أية إجراءات في هذا الإطار. كذلك، دان العدوان على الصحيفة.
في السياق، يقول صاحب أحد المطاعم اللبنانية في منطقة كينغستون في لندن، عاطف خليل، لـ"العربي الجديد"، إن "هجوم شارلي إيبدو لا يُمثّل أية شريحة في الإسلام، بل هو فكر إرهابي ضيّق". ويلفت خليل إلى أن "الحروب التي يشهدها العالم العربي اليوم جعلت شعوب هذه الدول راغبة في الهجرة إلى أوروبا"، مضيفاً أنه "لدى الجالية المسلمة في بريطانيا منظّمات ونواب في البرلمان يمثّلونها ويعرفون كيفية توضيح صورة الإسلام الحقيقية".